IMLebanon

قضاء زحلة: أمّ المعارك في عروس البقاع

تؤشر سهرات العائلات التي تطول الى ما بعد منتصف الليل الى حماوة الاستحقاق البلدي المتصاعد على طول مختلف القرى والبلدات البقاعية. يبدو أن أدوات التنافس العائلي والسياسي قد وضعت على نار حامية في العديد من قرى قضاء زحلة عبر تسمية العائلات لمرشحيها، وتحديد مسار التحالفات العائلية، فيما اكتملت الصورة في قرى وبلدات أخرى. واللافت أن المنافسة «حامية الوطيس» ومعها الترشح لرئاسة البلديات أكثر منها لعضويتها، مع كثافة ترشيحات للمخاتير. يبلغ عدد البلديات في قضاء زحلة 28 بلدية. يتراوح عدد اعضائها ما بين تسعة إلى 21 عضوا، في حين يبلغ عدد المقاعد الاختيارية 108 مقاعد. يسرع البقاعيون الى معاركهم البلدية والوصول الى نهاية خط «الماراتون» البلدي الذي دونه أموال وتحالفات وعصبيات عائلية وسياسية وحزبية تترجم باحتدام التنافس البلدي في القرى، احتدام تقليدي مزمن ومعتاد.

البصمات السياسية في الحراك البلدي واضحة المعالم في قضاء زحلة. هنا تتشارك القوى السياسية والحزبية في رسم فسيفساء من القوى التي تتحضر الى «كباش» محتدم في عروس البقاع زحلة. في المقابل، يجهد تيار المستقبل للحفاظ على مكتسبات ماضية لمجالس بلدية تدور في فلكه، خصوصا في برالياس ومجدل عنجر وقب الياس، حيث يصر في الاخيرة على تداول رئاسة المجلس البلدي مناصفة بين مسلميها ومسيحييها.

ويستعد التحالف الشيعي المتمثل بـ «حزب الله» و «حركة أمل» لوضع اللمسات الاخيرة على المجالس البلدية في علي النهري والناصرية وحارة الفيكاني مع الأخذ في الاعتبار التوازنات العائلية.

أما في الخريطة السياسية فتتصدر عاصمة الكثلكة، زحلة، قائمة المعارك في ظل شهيات حزبية مسيحية مفتوحة قادمة من جبل لبنان، وفي جعبتها طموحاً لتكريس تأثيرها السياسي في البلديات كعتبة ضرورية للانتخابات النيابية. شهية متوازية مع موقع «الكتلة الشعبية» التي ترأسها مريام الياس سكاف التي أعلنت «حق الزحليين في اختيار مجلسهم البلدي». تختلف المقاربة السياسية الحالية للاستحقاق البلدي في زحلة عما سبقها من مقاربات. أدى غياب الوزير الراحل الياس سكاف الى تزخيم الحضور الحزبي المسيحي الذي رفع تحالف «القوات» والتيار الوطني الحر من مستوى سقفه السياسي. في المقابل، كلف رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل، النائب ايلي ماروني بإجراء اتصالات من اجل التوافق في زحلة.

ومع سقوط سياسة «اليد الممدودة والتوافق في زحلة»، تستعد المدينة لخوض معركة طاحنة، عبر ثلاث لوائح: لائحة الكتلة الشعبية، ولائحة التحالف القواتي – العوني، ولائحة النائب نقولا فتوش الذي رشح شقيقه موسى.

ويشمل الحراك البلدي في زحلة المدينة «حزب الله» و «تيار المستقبل» اللذين يمونان على حوالي 20 في المئة من الناخبين، وسط ميل تيار المستقبل للتحالف مع الكتلة الشعبية، في حين يحرص «حزب الله» على إبقاء أبوابه مفتوحة على الكتلة الشعبية والتيار الوطني الحر وعائلة فتوش.

بعد زحلة، تتجه الانظار الى بلدة بر الياس التي تعتبر ثقل الطائفة السنية في القضاء وسط خليط حزبي وعائلي وتجاذباتهما إسوة بما شهده الاستحقاق الماضي ووصول لائحة مكتملة بدعم «المستقبل»، في مواجهة لائحة 8 آذار.

ويبدو أن دون مساعي «المستقبل» لإنتاج لائحة توافقية في برالياس عقبات، برغم توجه أمينه العام أحمد الحريري الى عائلتي الميس وعراجي للائتلاف.

ويقفل تمترس عائلة عراجي خلف الرئيس السابق للبلدية مواس عراجي الرافض لاي مناصفة في موقع رئيس البلدية باب التوافق. ويتجه المسار البلدي الى لائحتين: لائحة مناصفة في موقع رئاسة البلدية وسيرأسها الدكتور عثمان الميس ومعه مرشح آخر من خارج عائلتي عراجي والميس لم يحدد اسمه حتى الآن، وستكون مدعومة من «المستقبل» لمواجهة لائحة مواس عراجي المدعومة من 8 آذار.

وتحل الحسابات العائلية مكان الحزبية في بلدات مجدل عنجر وجديتا وسعدنايل وابلح وعين كفرزبد وكفرزبد وقوسايا ورعيت، وتصل إلى «صراعات» داخل البيت الواحد .

ويختلف الوضع في «تربل» التي تعيش إرباكا منذ اللحظة الاولى لصدور لوائح الشطب. أبقت البلدة على قيود 1157 ناخبا ينتمون الى الطائفة السنية، وجلهم من ابناء العشائر العربية، ضمن قوائم لوائح الشطب التي تضم 2450 ناخبا ينتمون الى الطائفة المسيحية.

كان يفترض ان تأتي قيود بلدة تربل من دون الـ1157 الناخبين السنة الذين تم نقلهم الى قوائم بلدة شهابية الفاعور التي استحدثتها مؤخرا وزارة الداخلية واصدرت تعميما بتاريخ 22 شباط الماضي تطلب فيه الى محافظ البقاع القاضي أنطوان سليمان العمل على نقل قيود هؤلاء إلى بلدة شهابية الفاعور، إلاّ أن الامر يتطلب وقتاً جراء الروتين الاداري.

وتنتظر انتخابات بلدية رياق ــ حوش حالا موقف «حزب الله» في ظل تفاهم «القوات» و «التيار»، وتحديد وجهة الناخبين الشيعة الذين يشكلون حوالي 35 في المئة من الأصوات.

بدورها، تستعد الفرزل لانتاج لائحة توافقية قد تنتهي بالتجديد للرئيس الحالي ملحم الغصان، في حين تبرز طموحات قواتية متصاعدة لحجز حصة حزبية وازنة في مجلسها، في مقابل إصرار فعاليات على أولوية التمثيل العائلي.

وفي شتورا، التي تعد عاصمة البقاع الاقتصادية والمالية، يبدو أن الأمور لن تكون مختلفة عن الاستحقاق الماضي، وقد تشمل التزكية رئيس مجلسها ونائبه وأكثرية الاعضاء الحاليين. والحال نفسه في جارتها بوارج.

وبحذر تستعد عائلات المريجات لخوض غمار الانتخابات البلدية التي حرمت منها في الاستحقاق البلدي السابق جراء التجاذب الطائفي والمذهبي بين الناخبين الدروز والمسيحيين على خلفية الصراع على مقعد المختار الذي لم يعد واحدا بل اصبح مقعدين بعد إضافة مختار ثان للبلدة.