IMLebanon

الرئيس البرازيلي يتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزّة   

 

 

إنّ الموقف الذي اتخذه الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، بطرده السفير الاسرائيلي، واتهامه الصهاينة بارتكاب جريمة حرب ومحرقة هتلرية جديدة… هذا الموقف سبّب له ضرراً فادحاً، وهو يعلم تماماً ذلك في الداخل البرازيلي.

 

ففي أقل من أربع وعشرين ساعة، تدنّت نسبة التأييد لحزب العمال ولفرصة الفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة من نسبة 65 الى 8 بالمئة وفقاً لصحيفة “فوليادي ساو باولو”.

 

وسيتفاجأ الكثيرون من الأصدقاء العرب، لكن الحقيقة الدامغة هنا في أميركا وتحديداً في البرازيل، هي أنّ اليسار بقوة حزب العمال وبشخص رئيس البلاد دا سيلفا يواجه حرباً شديدة منذ ما قبل الانتخابات الماضية، وهي حرب أقل ما يُقال عنها بأنها “كسر عظم” وتدمير آخر معقل ناشط لحزب العمال في العالم.

 

فالدعاية الصهيونية المتغلغلة في الأرياف البرازيلية والمدن النائية مهولة ومرعبة، وغسل الأدمغة وترويج الصهيونية على أنهم “شعب الله المختار” والمبشرون بالنصر وحُماة الأديان، قامت بها جماعات خطيرة جداً من اللوبي الصهيوني الأميركي الذين تغلغلوا الى داخل الكنيسة الانجيلية منذ عشرات السنوات، ودرجوا على استقطاب المؤمنين من الفقراء، وهم يشكلون قاعدة جماهيرية ثقيلة في الأرياف.

 

وفقاً لذلك فإنّ دا سيلفا ومن خلفه حزب العمال واليسار البرازيلي يدركون جيداً حجم الخسارة الهائلة التي سيتكبّدونها جرّاء موقفهم من الصهيونية.

 

ورغم ذلك كله رفض دا سيلفا ومؤيدوه أن يكونوا شهود زور رغم هول الخسارة.

 

وكان وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا قد استدعى السفير الاسرائيلي في البرازيل بعد إعلان الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا “شخصاً غير مرغوب فيه في إسرائيل ” إثر تصريحات شبّه فيها حرب الدولة العبرية في غزّة بالمحرقة النازية.

 

وذهب الرئيس البرازيلي بعيداً في موقفه حين أقال سفير بلاده في إسرائيل جيرسون فيرينتس في خطوة وصفتها وسائل الإعلام العبرية بالمفاجئة لحكومة بنيامين نتانياهو.

 

وكان موقع ynet الاسرائيلي قد ذكر أنه تمّت إقالة سفير البرازيل لدى إسرائيل من منصبه في واحدة من أولى التحركات التي قام بها الرئيس البرازيلي منذ توليه منصبه، مشيراً الى أنه تمّ تعيين فيرينتس من قِبَل سلفه لولا جايير بولسونارو في أوائل عام 2021، والآن -حسب الموقع- تشير إقالته الى تحوّل في السياسة تجاه إسرائيل. كما ذكر ان السفير البرازيلي الـمُقال لعب دوراً في تعميق العلاقات العسكرية بين بلاده وإسرائيل، وكان يعمل من أجل نقل السفارة البرازيلية من تلّ أبيب الى القدس.

 

أما كيف تطوّرت الأمور وتصاعد التوتر في العلاقات بين الرئيس البرازيلي وإسرائيل… فيمكن تلخيصها بالتالي:

 

فقد سحب الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا يوم الاثنين في التاسع عشر من شباط الجاري سفير بلاده من إسرائيل.. وتأتي هذه التطورات بعدما وصف الرئيس البرازيلي، خلال كلمة له في قمة الاتحاد الافريقي في أديس أبابا الأحد (18 شباط) ما يحدث في قطاع غزّة أنه ليس حرباً بل إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني.

 

وقال الرئيس البرازيلي: “هذه ليست حرب جنود ضد جنود… إنّها حرب بين جيش على درجة عالية من الاستعداد وبين نساء وأطفال وشيوخ”.

 

وتابع: “ما يحدث في قطاع غزّة مع الشعب الفلسطيني، لم يحدث في أي مرحلة أخرى في التاريخ… إنه مجزرة بكل ما في الكلمة من معنى”.

 

وذكرت صحيفة “فويا دي ساو باولو” البرازيلية ان الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا استدعى سفير البلاد لدى إسرائيل.

 

وكان وزير الخارجية الاسرائيلي استدعى السفير البرازيلي في وقت سابق لتوبيخه عقب تصريحات الرئيس البرازيلي الذي شبّه تصرفات الجيش الاسرائيلي في غزّة بالإبادة الجماعية التي ارتكبها النازيون خلال الحرب العالمية الثانية.

 

الى ذلك، شبّه دا سيلفا ممارسات إسرائيل في قطاع غزّة بما فعله الزعيم النازي أدولف هتلر باليهود… وذلك في مؤتمر صحافي عقده على هامش قمة الاتحاد الافريقي بالعاصمة الاثيوبية اديس أبابا.. مُتهماً إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضد المدنيين الفلسطينيين في القطاع، وهو ما أثار غضب تل أبيب وحكومة نتانياهو.

 

وأشارت الخارجية الاسرائيلية الى أنّ “كاتس” استدعى سفير البرازيل فيرنتس الى مقربة من “ياد فاشيم” المكان الذي يخلّد ذكرى المحرقة “الهولوكوست” عند اليهود كي يؤنبه هناك.

 

وزعم كاتس “ان تشبيه الرئيس البرازيلي حرب إسرائيل بأفعال هتلر والنازيين، يشكل هجوماً خطيراً معادياً للساميّة يدنّس ذكرى أولئك الذين قضوا نحبهم في المحرقة”.

 

وتابع: “لن نسامح، ولن ننسى… فباسمي واسم مواطني إسرائيل، أبلغت الرئيس البرازيلي بأنه شخصية غير مرحب بها في إسرائيل حتى يعتذر ويتراجع عن كلامه”.

 

ورداً على تصريحات دا سيلفا، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في مؤتمر صحافي: “إنّ الرئيس البرازيلي شيطن الدولة اليهودية”.

 

الى ذلك، تمسّك الرئيس البرازيلي بموقفه الثابت واتهامه إسرائيل بارتكاب حرب إبادة. وأعلنت البرازيل رسمياً أنها لن تسحب تعليقات رئيسها، وهي مصمّمة على طرد السفير الاسرائيلي من أراضيها.

 

إسرائيل رفعت راية التحدّي للرئيس البرازيلي الشجاع وأعلنت انها لن تنسى ولن تغفر.. أما الرئيس البرازيلي فقد قبل التحدّي لأنه قال “كلمة صادقة وحقيقية”، وهو لن يهتم للتهديدات الاسرائيلية…

 

على أي حال.. يبقى في هذا العالم رجال يرفضون الظلم، ويتمسّكون بقول الحق مهما كانت النتائج، ودا سيلفا واحد من هؤلاء الأبطال.