IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار ”الجديد” المسائية ليوم السبت في 17/10/2020

أطفأت الثورة شمعة وأطلقت شعلة. وبين تشرينين أعلت الثورة صوت تشرين الثالث الخارج عن سلطة وحكم وأداء لا يزال صامدا بفساد عام وشامل. فقبل سنة كنا هنا على دروب ثورة أسقطت حكومتين وربع، وعطلت جلسات نيابية، وأرغمت وزراء ونوابا وقيادات على الحجر المنزلي قبل جائحة كورونا، وغيرت في انتخابات نقابية وطالبية، واقتحمت قضايا الثورة قاعات المحاكم والقضاء.

هي ثورة أوقفت سد بسري، وعلقت سلعاتا، ودفعت باتجاه تحريك استعادة الأموال المنهوبة، وفرض التدقيق الجنائي، وزرعت في ذهن السلطة مبدأ حكومات الخبراء والاختصاصيين. أنجزت الثورة في عام واحد، ما لم تحققه سلطات متعاقبة على مدى ثلاثة عقود، لكنها في سنويتها الثانية سوف تحتاج على ما يبدو إلى تنفيذ معادلة “شلع- قلع” العراقية، لأن تهديد العروش وحده لم يعد يكفي، ما لم يفرض قلع الجذور.

وثورة تشرين تذكرها العالم اليوم نيابة عن حكامنا، وسطرت فيها الأمم المتحدة كلمات رثاء، وقالت إن مظلومية واحتياجات اللبنانيين المشروعة ذهبت أدراج الرياح، خلال عام مروع تخللته أزمة اجتماعية واقتصادية متفاقمة ووباء قاتل، وانفجار صادم، وتدهور حاد في العملة، وتضخم، ومنع للمودعين من الحصول على أموالهم في المصارف.

وفي عام من التعطيل والاستنزاف السياسي، صرنا “جرصة” بين الأمم، نكذب على أنفسنا ونسرق مجدا من أميركا لم تمنحه للسلطة. ولولا توضيح السفارة الأميركية لشعرنا بأن العهد يقطع الفساد بحد السيف، وأن ديفيد شينكر قد أشاد فعلا بدور الرئيس ميشال عون وقيادته في مسيرة مكافحة الفساد وتغيير النهج السابق.

وحتى بالشعارات يكذبون علينا، إذ اتضح أن السيف ليس للعهد، وأن الشعار أهدي إلى الرئيس السابق ميشال سليمان، وأن شينكر لم يقل شيئا من هذا القبيل. وهذه الكذبة هي أخت الأضحوكة التي لزمت لكتلة أرمنية مسكينة، لديها ما يكفي من مصائب وحروب تحرير على محور ناغوري كاراباخ، فكلفت مهمة تأجيل الاستشارات.

وحتى يوم الخميس المقبل، يتوقع البحث عن كتلة رديفة لتسند إليها مهمة شبيهة. في وقت وجد “التيار الوطني الحر” المخرج لجبران باسيل، كي لا يظهر أمام المجتمع الدولي وماكرون وأوروبا وأميركا على أنه الرجل الذي عطل الاستشارات. والمخرج قضى بأن يجتمع المجلس السياسي ل”التيار”، ويعلن بالإجماع عدم تسمية الحريري لرئاسة الحكومة باعتباره غير صاحب اختصاص، رافضا تسخيف الخلاف حول هذه النقطة بتصويره خلافا شخصيا يمكن حله بلقاء أو باتصال هاتفي.

ولكن ما دور المجلس السياسي ل”التيار”، ولماذا لم يأت هذا الموقف عبر كتلة “لبنان القوي” المعنية بالتسمية كنواب مقررين؟، وهل في “التيار” نواب يخالفون رأي المجلس السياسي؟.

ويطرح هذاالسؤال من خلفية أن أعضاء المجلس السياسي ل”التيار” قوامهم: جبران باسيل وجبران جرجي باسيل، وجبران الصهر، وباسيل رئيس “التيار”، ورئيس “التيار الوطني الحر” بتصرفاته حصرا وحكرا دونما أي مشورة بين الرفاق الأعضاء.

وإذا كانت النزعة السياسية تولد نزاعات، فإن الصراع القضائي- الوزاري في ملف تحقيق المرفأ بات يغلب على النتائج. وثلاثية عويدات- صوان- نجم تبدو في سباق لقطاف هذا الانجاز في تسريع التحقيقات. لكنه في هذا السباق تضبط وزيرة العدل في التدخل المشهود في عمل القضاء، لترجيح كفة قاض على آخر، علما أن علاقة المحقق العدلي والمدعي العام التمييزي، صلبة كالصوان.