IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم السبت في 28/11/2020

تدقيق جنائي في لبنان، وتحقيق في جناية إيران العابرة للصواريخ، وبين الوعد بإخضاع الدولة للتشريح من رأس هرمها المالي إلى آخر صندوق بلدي، والتوعد بالثأر على اغتيال أبو البرنامج النووي الإيراني، يخوض الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري سباق المسافات القصيرة، الذي لم يصل بعد إلى خط النهائيات قبل مهلة الأيام القليلة الفاصلة عن مؤتمر باريس لدعم لبنان إنسانيا.

فبيت الوسط معزول عن محيطه السياسي، وقصر بعبدا مأخوذ بنشوة النصر على مسرح الأونسكو، حيث حازت مناقشة رسالة التدقيق الشامل علامة امتياز من كل الكتل النيابية، أرادها عون معركة فتح صندوق الأسرار من المصرف المركزي، فجعلها بري مفتاحا ( passe partout ) يدخل كل أبواب مؤسسات الدولة وصناديقها، وسع البيكار وحشر الجميع في عنق الزجاجة وانتهى الكباش بينه وبين صاحب الرسالة، بهدفي تعادل، وبخلاصة أن التوصية لا يمكنها أن تغلب القانون.

وسواء أكان قرارا أم توصية أم تعميما، فقد تعددت التسميات والنتيجة واحدة، وإن وصل التدقيق في صناديق الدولة السود وانكشف المستور فماذا بعد؟، وإذا كانت الأمور رهنا بخواتيمها والعبرة في يوم الحساب، فمن سيحاكم سارقي المال العام وودائع الناس؟.

ففي كارثة لم يمر عليها الزمن ولم تجف دماء ضحاياها بعد، غص القضاء العدلي بقرار ظني خضع لتدقيق سياسي، ولم يتجرأ على تسطير ولو محضر ضبط بحق متهمين ومسؤولين من أرفع رتبة إلى أصغر مخلص على المرفأ، ورمى بالمسؤولية عن كاهله ووضعها في عهدة المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وهناك يجري تقبل التعازي والعوض بسلامتكم والعمر الطويل لأحكامكم، فهل يحاسب قضاة معينون ومحميون بمظلة مرجعياتهم، أولياء النعمة السياسية المتهمين بهدر المال العام.

قد يصل لبنان إلى نتائج بعد عامين أو بعد جيل، ويختم محضر التدقيق، لكن في إيران تراكمت المحاضر المفتوحة على الرد، وزادها فخري زاده العالم الذي شغل العالم والمصنوع من رأس نووي مخصب، وقد أعلنه بنيامين نتياهو هدفا عندما قال يوما: “إحفظوا هذا الاسم جيدا”.

طهران وبحكم لا يقبل الشك، وجهت أصابع الاتهام إلى إسرائيل، وتوعدت بالثأر وبالرد المناسب، الحرس الثوري وصف الجريمة بالصفعة وأن الأمر لم ينته، تل أبيب رفعت حال التأهب القصوى في بعثاتها الدبلوماسية المنتشرة في العالم، بعد التهديدات الإيرانية بالانتقام، وكلفت تساحي هنغبي الوزير بلا حقيبة، دفع التهمة عنها إذ قال لرويترز: “ليس لدي دليل على من قتل العالم النووي في طهران”.

فمتى قدمت إسرائيل الدليل؟ ومتى اعترفت أو احترمت القرارات الدولية التي صدرت بحقها، فمنذ قيام كيانها على أرض فلسطين المغتصبة ودليلها يدل عليها، والى أن تكشف السنوات مضمون الطرد المركزي المغلف بالاغتيال، فإن فاتورة إيران في الرد ستظل تبحث عن مكانها وزمانها المناسبين، فالحساب أصبح تقيلا، وإذا كان الرد على اغتيال قاسم سليمان قد اختار أرضا عراقية بهدف أميركي، فإن اغتيال زاده اليوم وقع على الأرض الإيرانية نفسها وفي قلب العاصمة فأين سيكون الرد مكانا؟.

أما في الزمان، فإن العالم يمر بفترة انتقالية بين عهدي ترامب وبايدين، وما تبقى من وقت فقد اصطلح على تسميته أسابيع الجمر، فهل تختار الجمهورية الإسلامية هدية وداع للرئيس الحالي، أم تنتظر فتح صفحة جديدة مع الرئيس الديمقراطي القادم على أوراق نووية معدلة ؟.

والأهم من كل هذه التساؤلات، أن لبنان لن يكون لا في الزمان ولا المكان المناسبين، ما دامت إيران قادرة وحدها على أخذ ثأرها بيدها.