IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الأربعاء في 25/03/2020

في عهد الكورونا الذي أقعد الأرض وهزم دولا عظمى، كان لبنان بلدا بأقل الأضرار الممكنة. فمن يتابع عداد الموت في ايطاليا، ويراقب مرارة اسبانيا، وإخفاق عبقرية ألمانيا، ويلق نظرة على هلع الولايات المتحدة وقربها من أن تحتل المرتبة الأولى لتسابق الصين في عدد الاصابات، يكتشف أن بلادنا تقاوم وأن هناك مكانا للنجاة.

وفي عهد كورونا لا مكان لحكم “المجانين”، وأولئك الذين تعاملوا مع هذا الوباء كوخزة إبرة، وكمرض لا يدخل أجسام الدول القوية. وهذه أميركا العظمى، الدولة رقم واحد لناحية السيطرة على العالم، ستصبح بعد أيام الدولة العظمى في عدد الإصابات والضحايا.

وبتسلقها سلم المجد في الوباء، تخطط الولايات المتحدة بشخص رئيسها دونالد ترامب، لعودة دوران الحركة الاقتصادية، ومزاولة العمل اليومي للأميركيين، لأنهم قد يلجأون إلى الانتحار ما لم ينخرطوا في أعمالهم. وهذا ما رأت فيه ال”واشنطن بوست” اليوم قرارا متهورا.

وفي منتصف نيسان، سوف يقدم ترامب على تخفيف مستوى الإجراءات في الاغلاق، في تسهيل تدريجي لعودة الحياة إلى طبيعتها، مع أن الوباء لم “يلجم” طبيا بعد، ويمكنه أن يوسع دائرة انتشاره في عدد من الولايات، لكن الرئيس الأميركي يتطلع في هذا القرار إلى تزويد صناديقه الانتخابية بأصوات الناس، ولو على حساب أرواح الناس.

والتهور له فرع آخر مع البريطاني بوريس جونسون، الذي تأخر في إغلاق بريطانيا أكثر من أسبوعين، ولم يكن لديه سوى عبارة “ودعوا أحباءكم”، إلى أن وصل الفيروس إلى القصور الملكية وضرب الأمير تشارلز، محققا إصابات فاقت ثمانية آلاف، فيما توقعت ال”غارديان” وصول أعداد الموتى إلى خمسة آلاف في الأسبوعين المقبلين، وشككت في جدية الحكومة في محاربة كورونا.

جونسون يحمي الاقتصاد، ترامب يحمى انتخاباته، وبقية دول العالم تفقد السيطرة بعدما ضرب الفيروس بلادا من “السند إلى الهند”، وأجبر مليار هندي على الحجر الصحي بدءا من اليوم.

ومع هذه الصورة المقلقة عالميا والقاتمة صحيا، يبدو لبنان “نقطة في بحر”، وهو يتقدم لناحية الاجراءات العازلة، والتدابير الصحية المتخذة القادرة لتاريخه على استيعاب الحالات المثبته مخبريا بأنها مصابة بالفيروس. لبنان المديون حتى النخاع، والذي دخل نادي المتخلفين عن الدفع، بدا أنه “أكبر” من دول ظهر أنها “هشة”، وجمهوريات من كرتون سقطت بوباء .

لا يمتلك هذا البلد اقتصادات عظمى، لا بل هو البلد الذي كان محجورا عليه سياسيا قبل الحجر الصحي، ومع ذلك فإن مبادرات أبنائه، واستيعاب وزارته صحته، وابتكارات شبابه من شأنها إذا ما تعززت حكوميا أن تشيد الأمل على جسور الخطر.

وإذا كان الرئيس الأميركي نفسه قد عجز عن تأمين كمامات وأجهزة تنفس للأميركيين، فإن نعمة افرام وحده قارع دونالد ترامب، ووضع في الخدمةاليوم أول جهاز تنفس في لبنان.

هذه المبادرات، مع تفعيل عمل البلديات وترشيد القرارات الحكومية، من شأنها أن تنشئ الجيش الموحد للحرب ضد كورونا.