IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الجمعة في 20/5/2022

قبل دخولِ البلادِ في مرحلةِ الصمتِ الحكومي/ وفي ربعِ الساعةِ الأخير نَشِطَت حكومةْ “معاً للإنقاذ” ودخلت في سباقٍ مع الوقتِ لإمرارِ ما يمكنُ إمرارُه، وعملاً بقاعدة “يا رايح كتر القبايح”، أقرّت زيادةَ التعرفةِ على الاتصالات بَدءاً من أولِ تموزَ كآخرِ فرصةٍ لمنعِ انهيارِ القِطاع، وبموجِبِه تصبحُ فاتورةُ الاتصالاتِ الأغلى في العالمِ على شعبٍ بات يصنّفُ على لائحةِ أكثرِ الشعوبِ فقراً.

في جمعةِ الحكومةِ الحزينة، وفي الوصايا الرسمية : اقرارُ سُلفةِ خمسةٍ وثلاثينَ مِليونَ دولارٍ لأدويةِ الامراضِ المستعصية.. سحبُ الدولارِ الجُمركيّ.. وبشرى مِن الوزير جوني القرم بأنّ تعرِفةَ الاتصالاتِ ستَرتفعُ بالثلاثة معَ باقةٍ على مِنصةِ صيرفة.

وقد اعترضَ على خُطةِ التعافي الماليّ وزراءُ الثنائيّ وهي خُطةٌ يتضمّنُ نصُّها إلغاءَ جُزءٍ كبيرٍ مِن التزاماتِ البنكِ المركزيِّ بالعُملةِ الأجنبيةِ تُجاهَ المصارفِ مِن أجلِ تقليصِ العجزِ في رأسمالِ مَصرِفِ لبنان.

ومن السرايا لوّح رئيسُ الحكومةِ نجيب ميقاتي بمناديلِ الوَداع وأجرى جردةَ حسابٍ لأشهرِ الحكومةِ الثمانية تاركاً للتاريخِ أن يحكُمَ ما إذا كُنا أوفياء…

وكانت آخرُ معاركٍه كهربائيةً مع وزيرِ الطاقة بما يُمثّلُه من تيار.. والذي سَحبَ عرضين لتشغيلِ معملَي الزهراني ودير عمار على الغاز وبأسعارٍ مقبولة جداً.

وابتداءً من الاثنينِ المقبلِ يَنتهي مفعولُ عهدِ جَهنّمَ بفرعِه الحكوميّ وتدخُلُ البلادُ في عهدِ التصريف وربما التعطيل، على مشارفِ أمِّ المعارك في اختيارِ رئيسٍ للمجلسِ النيابيِّ الجديد، لتتحوّلَ ساحةُ النجمة إلى بازارِ ترشيحاتٍ مصدرُها واحد، يَطرَحُ الأسماءَ في البورصةِ التشريعية ليَحرُقَها.

وفي هذا السياق أَحيا رئيسُ المجلسِ نبيه بري مقولة “المجلسُ سيدُ نفِسه”.

ومن منطلقِ العارفِ بأنه هو لا أحد، ورداً على طرحِ شخصيةٍ غيرِ شيعيةٍ لرئاسةِ المجلسِ لفَت بري إلى أنَّ معنى ذلك هو مباشرةُ تطبيقِ إلغاءِ الطّائفيّة وهذا ما أنادي به منذ فترةٍ طويلة ولذلك لا يَستفِزُّني الأمر.

ولكنْ، القولُ شيء والفعلُ شيءٌ آخر، ومشروعُ إلغاءِ الطائفيةِ السياسية ينامُ نومةَ أهلِ الكهف في أدراجِ مجلسٍ نيابيٍّ يَستعدُّ بري لتولِّي رئاستِه السابعة. حتى ساعةِ الصِّفرِ لا يطرحُ بري بديلاً من بري وإن اعتلى المنصةَ بطلوعِ الروح، واستحقاقُ الرئاسةِ يُجاريهِ أهميةً استحقاقَ نيابةِ الرئيس.

وهنا تعدّدتِ السيناريوهاتُ والنتيجة وإما تسويةٌ بين المنظومةِ نفسِها أي صوتٌ في مقابل ِصوت، وإما بإخراجِ أحدِ الأرانب، عبرَ استخدامِ النائبِ المنتخب ملحم خلف حِصانَ طروادة لضربِ الثورةِ بالنوابِ التغييريين، وتسميتِه مرشحاً لنائبِ رئيسِ المجلس.

ورقصةُ التانغو هذه بحاجةٍ إلى لاعبَينِ أساسيَين هما رئيسُ مجلس ِالنواب نبيه بري ورئيسُ حِزبِ القواتِ اللبنانية سمير جعجع/ عبر سحبِ اسمِ المرشّحِ غسان حاصباني من التداولِ وإيحاءِ القواتِ بدعهمِهم لمرشحٍ تغييريّ.

وهذا السيناريو رهنٌ بنقيبِ المحامين السابق فإذا ارتضاهُ يكونُ أولَ مِسمار في نعشِ الكُتلةِ التغييرية.

وللتغييرين توجّه الامينُ العامُّ لحزبِ الله السيد حسن نصرالله بوصفِهم اصدقاءَ الاميركيين. وذكّر بقول شينكر من أنّهم نرجسيون وشخصانيون لكنّه تمنّى ألا يكونوا كذلك وأن يتألموا لآلامِ الشعبِ اللبنانيّ ويتحمّلوا مسؤولياتِهم ويضعوا الحساباتِ والمصالحَ الخارجيةَ جانباً.

ودعا الى حركةِ طوارىءَ داخلَ المجلسِ النيابيِّ لمنعِ الانفجارِ الاجتماعيِّ المعيشيِّ في البلد.

ورأى نصرالله في ذكرى استشهادِ القائدِ العسكريِّ مصطفى بدر الدين أنّ الأولوياتِ معيشية أما السلاحُ فقد تعايشتُم معه منذُ عامِ ألفينِ وخمسة.. فلْنؤجّلِ القضيةَ عامَينِ اضافيَين لأنها ليسَت أزْمةً داهمة.

ومن أقبيةِ السياسةِ إلى طواحينِ الأنظمةِ مِن المحيطِ إلى الخليج، التي جعلت شاعراً مِن رُتبةِ إمامِ الشعرِ يَهيمُ بينَ السجونِ والمنافي حتى آخرِ العمر.

مظفر النواب شاعرُ العراقِ والعرب، ترجّلَ عن حُزنِه، ليُسلِمَ الروحَ في منفاهُ الأخير بعيداً من نخيلِ بغداد، ولم يحمِلْ نفسَه بحراً للقاءِ البصرة، برحيلِ مظفر النواب طُويت صفحةٌ مضيئةٌ في تاريخِ الشعرِ العراقيِّ والعربيّ، مرحلةٌ تميّزت بروحِ التمرّدِ والخروجِ عن المألوف.

ولكنّ الطينَ تعِبَ فرحلَ الطينُ، منطوياً على عُمرٍ تنقّلَ بينَ السجونِ والمنافي/ ومات غريباً منفياً، وهو الذي قنعَ أن يكونَ نصيبُه مِن الدنيا كنصيبِ الطير.

لكنْ سُبحانَك حتّى الطيرُ لها أوطانٌ وتعودُ إليها، ومظفر النواب حمَلَ وطنَه في حقيبةٍ وهام في المنافي، وآهٍ مِن العُمرِ بينَ الفنادقِ لا يَستريح.

قرأَ النوابُ بنفِسه خبرَ موتِه غيرَ مرّة، ولكنّه اليومَ وهو الذي قتلَه نِصفُ الدفءِ ونِصفُ الموقفِ أكثرُ صدق خبر موته، وصار الشعرُ من دونِ إمام، فقد مات إمامُ الشعراء.