IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم السبت في 20/04/2019

سبت النور لا نظير له تحت سقف الأزمة المالية، ولا من يوم قيامة لانهيار بشرنا فيه المسؤولون أنفسهم. لكن بعلاج كنسي، وضع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي طريق خلاص، استمد نورها من إعادة بناء كاتدرائية نوتردام في باريس التي دمرها الحريق الهائل في معظمها وهز مشاعر الدول والشعوب، وهذا ما دفعه إلى التساؤل: ألا يستحق لبنان المهدد باقتصاده وماليته بالانهيار، أن يقوم المتمولون الكبار من أبنائه المقيمين والمنتشرين بالتبرع لصالح خزينته، تجنبا لانهيار هيكله على الجميع؟.

وفي ما يشبه البيان الكنسي رقم واحد، انتقد الراعي إحلال المواطنة الدينية محل المواطنة السياسية، وشبه الدويلات الطائفية والنفوذ الحزبي في المناطق، والتدخل السياسي في الإدارات العامة والتعيينات، والحشو والزبائنية وتجاوز بعض الأجهزة الأمنية صلاحياتها، والتدخل في ما هو من صلاحيات الجهاز القضائي، معتبرا أن كل هذه الأمور أضعفت الدولة وأفقدتها هيبتها.

وبعد عظة النور، فإن الراعي لو دعا إلى تظاهرات شعبية لمشت الرعية خلفه، لأنها يئست التغيير وفقدت أملها بأي إصلاح، ولاتزال مضطرة إلى التعايش مع الكذبة والتحايل والطرق الضالة.

وهذه الرعية قد تصفق أحيانا لوزراء وهي تدرك أنهم يمثلون عليها، كإعلان حالة الطوارئ التي أطلقها وزير المال علي حسن خليل، فوزير السلطات المتعاقبة ونائبها، تقدم بلائحة تجاوزات بدأت تتكشف مغالطاتها، بينها معاشات “أوجيرو”، والتي يؤكد وزير الاتصالات محمد شقير ل”الجديد” أن الموظفين فيها لا يتقاضون ستة عشر شهرا. أما في مسألة البنزين، فإن الوزير الخليل تمكن من التقاط “البونات”، ولم يلحظ مافيا الفيول التي تحكم البلد، وهي مافيات عاملة على نظام الدفع المتبادل، تتعطل المعاملات، يتأخر الدفع “حتى يصير الفيول بالمكيول”.

ومن مآثر كلام وزير المال أيضا، حديثه عن الخلط في الموازنات السابقة وسوء التقدير، لكنه لم يصارح الناس أنه كوزير للمال ضلل الدولة وقدم تقديرات خاطئة عن سلسلة الرتب والرواتب وتكلفتها على الخزينة، احتسبها رقما فخرجنا بأضعافه. لكن قمة إرشاداته المالية التي رقصت “عالهوارة”، جاءت في تصريحه الشهير عن إعادة الهيكلة فكان التصريح الأكثر تكلفة على الدولة في الأسواق المالية، وله عقد اجتماع بعبدا الشهير الذي حاول ترميم الموقف.

وفي كل الدول والأعراف والمراحل، فإن وزير المال مسؤول عن كلامه كما توقيعه، لماذا وقعت؟، وكيف لم تضرب يدك على الطاولة وتعلن أن خزينتك فارغة. حدث ذلك قبل أكثر من خمسين عاما عندما جاء الرئيس كميل شمعون بنصري المعلوف وزيرا، ولما عرض على مجلس الوزراء مشروع يتعلق بالاستملاكات، وقف المعلوف في وجه رئيس يدين له بالولاء السياسي، وأعلن أن لا مال لديه ولن يدفع، وأن الرئيس لن يقرر عنه وعما في خزينته. اليوم أقدم علي حسن خليل على أداء بالمقلوب: دفع ومضى وحابى سلطات وقدم أرقاما مغلوطة، وصرخ وجعا ساهم هو نفسه في التسبب بآلامه، أدلى بمكنوناته على يوم القيامة بعدما شهد على صلب اللبنانيين. المسيح قام.