يوم أمس شاهدنا على كورنيش المنارة رجل قوى أمن يسطر محضر ضبط في حق مواطن يمارس الرياضة من ضمن مجموعة، وسبب المحضر أن السير ممنوع على الكورنيش… أمس أيضا شاهدنا دورية من مديرية المخابرات تطالب مارة عند كورنيش صور وفي شوارعها بأن يلازموا منازلهم…
بين المشهدين استبشرنا خيرا، وقلنا إن الإجراءات بدأت تفعل فعلها إنطلاقا من وجوب عدم التجمعات تحت أي ظرف وعند أي مناسبة… لكن ما حصل اليوم في بعض المناطق يؤذي المخالفين بمقدار ما يضرب جدوى الإجراءات وهيبة القيمين على تطبيقها… في بعض أحياء طرابلس، أقام مواطنون صلاة الجمعة بشكل يعرضهم إلى إمكان نقل العدوى أو التقاطها…
لا نناقش في القضايا الإيمانية، فهذه متروكة للمراجع الدينية، لكن ما يجدر التوقف عنده هو التالي: فيروس كورونا لا يعترف بازدواجية المعايير ولا بصيف وشتاء فوق سطح واحد، بل يصل إلى حيث يمكنه أن يصل… يتسلل من أي هفوة أو أي خطأ، فلماذا إهداؤه هفوة أو خطأ؟ لماذا التجمع وتقديم المتجمعين لقمة سائغة للفيروس؟
إيطاليا سبقتنا في التراخي والإستهتار، فلننظر ماذا حل بها “وشو بيجيبنا على إيطاليا” بقدراتها الطبية والعلاجية؟ نحن بلد لا نعرف عدد الأسرة في المستشفيات… نحن بلد لا يملك القدرة على فتح اعتمادات لشراء المعدات والتجهيزات الطبية المطلوبة لمواجهة الفيروس، ومع ذلك يستمر البعض في المخالفات… هذا الواقع الشاذ يستدعي من الإدارة المعنية والأجهزة المختصة اعتماد الحزم والحسم حيال مواطنين، لا يكتفون بتعريض انفسهم للفيروس، بل بالتسبب في نقل الفيروس الى آخرين… ماذا تريدون في نهاية المطاف؟ هل تريدون أن يصل لبنان إلى المرحلة الرابعة أي إلى المرحلة النهائية الكارثية؟
هناك دور للمراجع الدينية ولرجال الدين مثلما هناك دور للمسؤولين في السلطة التنفيذية… فهذا الوضع من غير المسموح أن يستمر، لأن المسألة لم تعد مسألة حرية عبادة وطقوس دينية، بل إن ممارسة بعض الشعائر قد تعود بالأذى على القائمين بها… فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك أوراق نعي فيها تحديد أيام التعازي، وما يعني ذلك من اختلاط غير مضمون العواقب… فلتحزم الدولة أمرها ولتحزم المراجع الدينية أمرها… لبنان لا يحتمل الوصول إلى المرحلة الرابعة في تفشي فيروس كورونا… إلى الإجراءات الحازمة والحاسمة در، ومن غير المسموح التهاون…
تونس أعلنت حجرا صحيا وطلبت من أغلب المواطنين البقاء في بيوتهم الا للضرورة القصوى وجرى تعليق التنقل بين المدن… الأردن أعلن أنه سيفرض حظرا للتجوال اعتبارا من غد السبت.
ألمانيا أعلنت إنها ربما تفرض حظر تجوال إذا لم يلتزم السكان، وعددهم 83 مليون نسمة الحفاظ على مسافات فاصلة بينهم.
في إيطاليا، الجيش ينتشر لفرض العزل في بعض المناطق الموبؤة…
لندن ستصدر أوامر بإغلاق الحانات والمطاعم والمراكز الرياضية ودور السينما في جميع أنحاء العاصمة، في إطار المساعي لاحتواء تفشي الفيروس.
سريلانكا تفرض حظر تجوال في أنحاء البلاد… نيويورك أعلنت وقف كل الأنشطة غير الأساسية ومنع التجمعات…
هذه عينة من الإجراءات المتخذة في العالم، فلماذا يبقى لبنان إستثناء… الأعذار غير مقبولة: لا أمس ولا اليوم ولا غدا… مصادر طبية ناشدت كل من أصيب بالفيروس أن يبلغ لا أن يخفي، لأن من شأن التبليغ أن يساعد المعنيين على معرفة الإختلاط وحجمه، ودعت هذه المصادر إلى عدم التهاون فيب موضوع التبليغ لئلا يتم الوصول إلى المرحلة الرابعة، وعندها لا ينفع الندم.