IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “MTV” المسائية ليوم الثلثاء في 30/06/2020

ايها اللبنانيون : اربطوا احزمتكم جيدا ، فربطة الخبز ستصبح بألفي ليرة، كما اعلن وزير الاقتصاد. هكذا فان الدولار الذي يقضم جزءا من ليرتكم كل يوم سيبدأ من يوم غد بقضم ما تبقى من لقمة عيشكم. وأيها العسكريون تأهبوا: فانتم محرومون اكل اللحم في حين مطلوب منكم ان تدافعوا باللحم الحي عن ارضكم وشعبكم . كل ذلك يحصل ، فيما الحكومة تجتمع وتجتمع ولا قررارت حسية وعملية تصدر. فالاجتماعات لم تنتج الا اللجان، واللجان لم تنتج سوى المراوحة والعجز، فيما الدولار يلامس حدود التسعة الاف ليرة.

الواقع المهترىء بدأ ينعكس على الحكومة ، التي تعاني وضعا غير مريح. فالوزراء بدأوا يشعرون انهم محاصرون من عدة جهات، ولم يتمكنوا من احداث الفرق المطلوب. وقد عبرت وزيرة الدفاع زينة عكر عن ذلك صراحة بالصرخة التي اطلقتها داخل مجلس الوزراء، حيث اكدت انه لم يعد في الامكان شراء الوقت وان ثمة قرارات جريئة يجب اتخاذها فورا. فهل تستجيب الحكومة ككل لهذه الصرخة، وتتخذ بعد طول انتظار قرارات جريئة مطلوبة، ام ان صرخة عكر ستكون كصرخة في واد، بحيث تواصل حكومة مواجهة التحديات الهرب من المواجهة؟

و لبنان ليس بلد الانهيارات فحسب ، بل بلد الاستقالات ايضا . ففي كل يوم تقريبا استقالة : مرة من دور المستشار، ومرة من الادارة، ومرة من القضاء. اليوم جاء دور القاضي محمد مازح، الذي أصدر السبت الفائت حكما قضائيا غيرمسبوق شكل طعنة للحريات الاعلامية وانتهاكا للاصول والاعراف الديبلوماسية. استقالة مازح جاءت بعدما استدعاه مجلس القضاء الاعلى لمساءلته حول ادائه ولاتخاذ التدابير المناسبة بحقه. ومع ان مازح اتى الى قصر العدل في بيروت وكان على وشك المثول امام مجلس القضاء الاعلى ، لكنه عدل عن الامر في اللحظات الاخيرة وفضل تقديم استقالته خطيا ورسميا من دون ان يواجه هيئة المجلس. ما حصل مهم ، ويشكل ضوءا وسط العتمة. فرغم الاهتراء الحاصل في لبنان على صعد عدة فان سلطة القانون تعلو ولا يعلى عليها. ورغم كل ما تتعرض له الحريات عندنا من اعتداءات وانتهاكات، لكنها تبقى جزءا لا يتجزأ من تكوين لبنان، وهي ستبقى كذلك طالما ان وراءها من يؤمن بها ومن يدافع عنها حتى النهاية. باختصار: ما حصل اليوم في قصر العدل جاء حقا باسم الشعب اللبناني، فلنتأكد لمرة اخيرة ان الحرية الاعلامية لا تعطى بل تؤخذ حتى من براثن الاحكام القضائية الخاطئة أحيانا.