IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”OTV” المسائية ليوم الأحد في 18/11/2018

ضرب الطاعون العرب في العصر الاموي وفتك بمئات الآلاف وبقي ناس. اجتاح الطاعون اوروبا في القرون الوسطى وحصد الملايين وبقي ناس. اجتاح الطاعون لبنان ساحلا وجبلا في الحرب العالمية الاولى- وليس الجراد لوحده- مات من مات وجاع من جاع وهاجر من هاجر وبقي ناس.

اكتشف العلم لقاحات ومضادات للطاعون في كل العالم لكنه عجز عن ايجاد لقاح ضد الفساد الذي يبيد البلاد ويفتك بالعباد في لبنان منذ عقود وعهود. من السلطان سليم في مطلع الاستقلال الى عشرات لا بل مئات السلاطعين في حقبات الاستغلال. تختفي المليارات طيلة سنوات لتظهر في الحسابات والصفقات والسمسرات والطائرات والسيارات والعقارات والقصور في لبنان والخارج بكل عهر وفجور. حديثو النعمة قدامى العتمة. يتامى الوشاية ولقطاء الوصاية صاروا ابطال الرواية. يعرفهم اللبنانيون بالاسم ويدلون عليهم بالأصبع لكنهم لا يعبأون، فهم ينتمون الى منظمة “فاسدون بلا حدود” ووقحون الى أبعد حدود.

السرطان يفتك بشعبنا، المخدرات تقتل شبابنا، المجارير تزين شوارعنا، الأمراض تتناوب على اطفالنا، التلوث يتوج مدننا، البطالة تهجر طاقاتنا، الزعران يتحكمون والرعاع يحكمون وتراهم على الشاشات بالطهارة يلتحفون وفي الساحات بالنزاهة يحاضرون وعلى المنابر بالعفة ينادون. وهل يوكل الذئب برعاية الغنم؟ وهل يركن للثعلب بحماية الدجاج؟ وهل تكلف الأفعى بتوزيع الترياق على الملدوغين بسمها ومن جحرها مرات ومرات وليس مرة واحدة؟

جوقة الناعبين والناعقين والنادبين يحركها مايسترو الفاسدين ويوجهها دائما نحو شخص واحد. سيد العهد ورئيس البلاد. اذا أمطرت الحق عالعهد، اذا حبست الحق عالعهد. حرائق كاليفورنيا وجريمة الخاشقجي وحرب اليمن وأزمة كشمير وتدهور الليرة التركية كلها مسؤولية ميشال عون، وربما قد يكون من المتسببين بحرب فيتنام وكوريا وبيافرا واغتيال ولي عهد النمسا فرديناند وبيرل هاربور ونحن لا نعلم. وصلت الوقاحة الى درجة غير مسبوقة. كل شيء لهم مباح ومستباح. من الدواء الى الغذاء الى الكهرباء الى الماء الى الاستشفاء. لم يسبق للبنانيين، مسلمين ومسيحيين، ان عانوا ذلا جماعيا وعقابا ظلاميا كالذي يعيشونه. جرائم موصوفة وأدلة معروفة لكن العدالة حتى الساعة ممنوعة من الصرف والمحاسبة، محذوفة من العرف.

الملهاة الآن في تشكيل الحكومة، لكن المأساة الحقيقية هي في النهب المنظم لأموال الدولة برا وبحرا وجوا في صفقات معجلة ومشاريع مؤجلة. البلد مليء بالسرقات لكن لم يتم توقيف سارق إلا الذي يسرق ليعيل عائلته او الذين غدرتهم الأيام وظلمتهم الأحلام ببلد ينام كل يوم على صفقة ويستفيق على فضيحة.

آن الأوان للمحاسبة والعقاب وتعليق المشانق. الرب إلهنا أمر موسى ان يتوه الشعب أربعين سنة في القفر حتى يزول الجيل الذي أخطأ في عيني الرب وخالف وصاياه، والله أرسل الطوفان لينظف الأرض من الخطيئة، وأحرق سدوم وعمورة ليطهر المعمورة من الرذيلة والتكبر والتجبر، ويسوع دخل الهيكل ليطرد التجار والفجار واللصوص والفاسدين في الأرض والدين لتكون لنا حياة وتكون أفضل. وكما لا يمكن للانسان ان يعبد ربين، لا يتحمل لبنان وجود رأسين: رأس البلاد ورأس الفساد. رأس البلاد سيحكم وليقطع رأس الفساد.