IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”OTV” المسائية ليوم الثلثاء في 22/01/2019

في زمن الوصاية، هم منبوذون مضطهدون مسجونون.

في مرحلة ما بعد الوصاية، هم أتباع النظام السوري، وأحصنة طروادة المد الفارسي، والعاملون على خط تكريس ولاية الفقيه والمثالثة.

أما على عهد ميشال عون، فهم مواطنون درجة ثانية.

إذا دافعوا عن وجهة نظر، في وسائل الإعلام والتواصل وبين الناس، قيل لهم: أنتم مطبلون مزمرون.

إذا لجأوا إلى القضاء في مواجهة قدح وذم وكذب، وصفوا بالقمعيين، ونعتوا بأعداء حرية التعبير.

أما إذا تقدموا لامتحان في سبيل وظيفة، حتى ولو كانت الدورة من الأنظف والأشرف والأدق في تاريخ لبنان، وحتى ولو كانوا ناجحين لا بل متفوقين، قيل لهم: أنتم فاسدون، ومن نفوذكم في السلطة مستفيدون.

هكذا إذا، وبكل بساطة، ثمة فئة لبنانية أساسية، كتب لها البعض أن تعيش دائما في دائرة الاتهام، حتى بدا للعموم وكأن هذه الجماعة السياسية لا تتمتع بحقوقها المدنية والسياسية كاملة، أسوة يجميع اللبنانيين.

إذ يبدو أن الاقتناع بات راسخا لدى كثيرين ان شرط تمتع مواطن أو جماعة بكامل تلك الحقوق، هو الغوغاء لا الحق، والشغب لا احترام القانون، والزبائنية والواسطة وسائر الأساليب الملتوية، لا الامتحانات التي لا تناقض مقتضيات الوفاق الوطني وفق المادة الخامسة والتسعين من الدستور.

ومن هذا المنطلق، كانت اليوم حملة على نتائج امتحانات كتاب العدل، وقبلها على نتائج امتحانات المدرسة الحربية، وقبل ذلك الكثير. فالشواذ بات القاعدة، أما العودة إلى القاعدة، فشواذ مستهجن ومستنكر وأمر غريب.

وكما في امتحان كتاب العدل، كذلك في امتحان تأليف الحكومة: منطق اعتماد قاعدة واضحة محددة موحدة لا يزال ملتبسا. والناس يسألون: لماذا علينا أن نقبل بأن تسمح الصلاحيات الدستورية بالنسبة إلى البعض، والوضعية الميثاقية بالنسبة إلى البعض الآخر، بتطيير الحكومة متى شاء، وبتعطيل اجتماعها إذا حرد، وبمنع أي قرار لا يعجبه فيها اذا اعترض، ليكون حرمان رئاسة الجمهورية من الحق عينه عبر عدد معين من الوزراء، ممرا إلزاميا لتسهيل التشكيل؟

وإذا كان رئيس الجمهورية والتيار السياسي الذي انبثق منه لا يطالبان بالثلث المعطل أو الضامن، بل باحترام نتائج الانتخابات النيابية لا اكثر ولا اقل، ويرفض هذا الطلب بذريعة رفض الثلث، فلماذا لا نحسم الجدل، فنعدل الدستور، لترد فيه مادة صريحة تقر بأنْ ليس من حق أي رئيس أن يختار أكثر من ثلث الوزراء في أي حكومة، مهما كان حجمه الشعبي.

في خلاصة للأشهر الفائتة، بات واضحا أن حسابات البعض هي حسابات تعطيل لا تسهيل، وحصار لا تعاون. وبهذه الذهنية، لا تبنى دولة. ولهذا لم تبن بعد.

لكن في المقابل، ثمة منطق آخر. منطق يقول إن امامنا صعوبات كثيرة علينا تذليلها. ولهذا قال رئيس الجمهورية اليوم: سوف اسمي الامور باسمائها… لانه من غير المقبول البقاء على هذا النحو، فهناك شعب يعتمد علينا وهو الذي يتعذب. وهذا هو الخط الأحمر الوحيد الذين لن يسمح بتجاوزه بعد اليوم.