لولا فرحة الاطفال في عيد الشعانين، الذين اتاحت لهم الاحوال الجوية المشاركة في الزياحات التي عمت المناطق اللبنانية، على عكس التوقعات، كان يفترض بالثالث عشر من نيسان 2025 ان يكون من اكثر الايام حزنا في تاريخ لبنان. فالكيان اللبناني الذي ولد بحدوده الحاضرة عام 1920، ويبلغ من العمر مئة وخمسة اعوام، نصف عمره تقريبا حروب بحروب.
والوطن الذي نال استقلاله عام 1943، اي قبل اثنين وثمانين سنة، أمضى ثلثي حياته في الدم والنار.
لكن الاسوأ من كل ذلك، الا شيء تغير. فآليات النظام السياسي التي لم تكن تسمح بتطوره التلقائي قبل اندلاع الحرب، “صارت مجنزرة” اكثر. واشكالية السلاح الفلسطيني بأيدي فلسطينيين صارت اشكالية سلاح ايراني بأيدي لبنانيين ومن لون مذهبي معين. وخطر التوطين الفلسطيني صار ايضا سورياً بوجود ما يقارب المليوني نازح سوري بلا اي افق للحل…
والانماء اللامتوازن، صار اوسع نطاقا، ويعم البلاد، بعدما كانت الشكوى منه محصورة في مناطق محددة وعند فئات معينة.
والمسألة الاجتماعية أضحت اكثر كارثية في ضوء الانهيار المالي التاريخي والكساد الاقتصادي المستدام. اما الانتماء للوطن، فمعياره يبقى تعدد الولاءات، من دولة الى الدولة، وفي ما بين الموفدين والسفارات…
يوم الاحد في 13 نيسان 1975 انفجر الوطن، بعدما كانت العوارض القوية مشخصة منذ الاعوام 1958 و1968 و1969 و1973 وغيرها. وتوالى مع انقضاء السنين رهان على تطورات خارجية من هنا، وتعويل على سطوة داخلية لهذا الطرف او ذاك من هناك.
ويوم الاحد في 13 نيسان 2025، لا يزال الوطن منفجرا، والرهانات على التحولات الخارجية قائمة، ومحورها اليوم مفاوضات واشنطن-طهران. اما السطوة الداخلية التي تبدلت مرات ومرات، فعلى عتبة مرحلة جديدة، ستغير اطار الازمة، التي ستبقى هي نفسُها “تنذكر وتنعاد” طالما الحلول الجذرية والتصارح للتسامح من رتبة المحرمات.