IMLebanon

سوريا: انتعاش التأمين على أخطار الشغب

syria
رولا عطار

تفاقم الحرب السورية عزز حاجة المواطنين والشركات إلى شراء بوالص تأمين، إلا أنَّ غالبية شركات التأمين السورية فضّلت عدم المخاطرة في تحمل كلفة ومسؤولية التأمين، فلجأت إلى الاستعادة بالشركات معيدة التأمين، وهي شركات تأمين لشركات التأمين، أي كأن شركة التأمين تقوم بتأمين نفسها ضد خسائرها. واللافت أن الشركات معيدة التأمين ترفض تأمين شركات التأمين السورية نظراً للأخطار المتصاعدة، وفي أحسن الأحوال، تطلب مبالغ مرتفعة. وعليه، يبقى قطاع التأمين الرسمي، هو الوحيد الناشط في سوق التأمين السوري. ويشكّل تفاقم صعوبة عمليات تحويل القطع الأجنبي بالسرعة المطلوبة، أزمة لقطاع التأمين.

بدأت المؤسسة العامة السورية للتأمين منذ العام 2012 بتقديم التأمين ضد أخطار الشغب، وحينها كانت المؤسسة هي الوحيدة في هذا المجال، ومن ثم جاء التوسع نحو تأمين الممتلكات (المنازل، المدارس والمصانع…) الذي يشمل أخطار الإرهاب، بالإضافة إلى التأمين على الأشخاص في حال تعرضهم للإصابة جراء سقوط قذيقة أو ما شابه، بحسب ما يقوله لـ”المدن” المدير العام للمؤسسة “السورية للتأمين” ياسر مشعل.

وتعتبر بدلات التأمين التي تتقاضاها المؤسسة لقاء تقديمها هذا المنتج بسيطة قياساً بالأضرار وعدد الحوادث التي تطالب بتغطيتها. وفي هذا المجال يذكر مشعل أن “قيمة التغطية التأمينية لثلاثة أو أربعة حوادث ناتجة من أعمال إرهابية تبلغ خلال عام واحد ما يراوح بين 2-10 مليون ليرة (بين 5000 و25000 دولار). مع ذلك هذا المنتج لا يشكل خسارة لنا، لأن ايراداته كافية لتغطية التكاليف كما أننا نقدمه كخدمة للمجتمع ولدعم السلم الاجتماعي. ونحن كمؤسسة حكومية يتوجب علينا حماية المواطنين وتعويضهم عن الأضرار التي يتعرضون لها. وبالتالي هو منتج بعيد عن أي غاية ربحية أو تسويقية”. يضيف: “قمنا برفع القيم التأمينية بناء على القيمة الاستبدالية للسيارات (أي تقدير ثمن السيارة كما هو في السوق حسب السعر الرائج). ما يعني زيادة حجم التعويض لأضرار السيارات من أخطار الشغب والأرهاب”.

ويشير مشعل إلى أن الشركات قدمت في سنوات ما قبل الأزمة خدمات التأمين ضد أخطار الشغب، لكن الظروف العامة لم تكن تستدعي وجود طلب عليه، إلى أن جاءت الحرب وجعلت الطلب يتجه نحو هذة الأشكال من التأمين، وبدأنا نلحظ ازدياد الطلب في العام 2013 لاسيما من قبل شركات القطاع العام. وتؤكد قيمة التعويضات المصروفة في مدينة دمشق لقاء التعرض لأعمال شغب، على ذلك، إذ وصلت في العام 2012 لنحو 3 مليون (أكثر من 76000 دولار)، وفي العام 2013 بلغت 18 مليون (أكثر من 46000 دولار). أما خلال عامي 2014 و2015 فتراجعت قيمة التعويضات عن الحوادث مقابل زيادة الطلب بسبب تراجع حالات السرقة والسلب وانتقال نسبة كبيرة من الأفراد إلى مناطق أكثر أمناً. فسابقاً تركزت حوادث الشغب في مناطق مثل العباسيين، جرمانا، طريق المطار وضاحية الأسد.

ازداد الطلب على هذا النوع من التأمين بالتزامن مع الأوضاع الأمنية المتردية، إذ هناك احتمال كبير بسقوط قذيفة أو صاروخ بشكل مفاجئ في أي مكان. ما دفع بالشركات الخاصة إلى تقديم تأمين للسيارات ضد أخطار الشغب. وفي هذا المجال تراعي الشركات وضع المناطق الجغرافية التي يوجد فيها طلب على التأمين ضد أخطار الشغب، خصوصاً في محافظة مثل حلب، بينما يتراجع الطلب في محافظات أخرى كطرطوس واللاذقية.

وبدأت شركات عدة تدرس إمكانية بيع بوالص تأمين للسيارت ضد أخطار الشغب، كما يقول لـ”المدن” المدير العام للشركة “السورية العربية للتأمين” باسل عبود.

ما تقدم لا ينفي بعض النقاط الواجب الانتباه لها عند طرح منتجات من هذا النوع أي أن تكون الشركات قامت بحسابات دقيقة للتعرض وبالتالي الأقساط المجمعة تكون كافية لمواجهة المطالبات المستقبلية. وهنا تكمن بعض الصعوبات لأن الوصول إلى حساب دقيق لا بد من تعريف دقيق لحدود التغطية: هل تشمل فقط القذائف أم تشمل الطلقات المتفجرة والتفجيرات الإرهابية على سبيل المثال؟ هل هناك سقف للمسؤولية؟ هل هناك نطاق جغرافي للتغطية؟ ماذا عن احتمالات التراكم، هل هناك بيانات إحصائية بالاضرار التي يمكن تغطيتها بحسب المكان والنوع والمنطقة الجغرافية؟ كون هذه عوامل أساسية في احتساب القسط المناسب، إذا جرى دراسة المنتج بشكل علمي يأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل عندئذ لا مشكلة، وبناء عليه لا يفترض وجود خطر.