IMLebanon

انتخابات العداء لأميركا  والخوف من الانفتاح ؟

 ليس في ايران تمديد للمجالس أو تأجيل للمواعيد الدستورية على الطريقة اللبنانية التي تُدار من عواصم بينها طهران. واليوم يتوجه عشرات ملايين الناخبين الى صناديق الاقتراع ليختاروا أعضاء مجلسين: مجلس الشورى الذي يمارس السلطة التشريعية، ومجلس الخبراء الذي ينتخب المرشد الأعلى. لكن الخيارات محدودة بالنسبة الى مجلس الشورى ومحددة بالنسبة الى مجلس الخبراء. فمن يغربل المرشحين ويقرر من يتمتع ومن لا يتمتع بأهلية الترشح لعضوية مجلسين منتخبين هو مجلس صيانة الدستور المعيّن. وهو حكم باللاأهلية على آلاف المرشحين وخصوصاً المحسوبين منهم على التيار الاصلاحي وحتى على التيار المحافظ المعتدل. وعشية الانتخابات أكمل المرشد الأعلى علي خامنئي المسار، من حيث لا سلطة لمجلس صيانة الدستور. اذ تولى إرشاد الناخبين الى الخيارات المطلوبة.

ذلك ان ولي الفقيه المطمئن الى أن مجلس الخبراء شبه محجوز للمحافظين المتشددين، يعطي الأولوية في صفات مجلس الشورى ومسؤولياته لانتخاب برلمان شجاع لا يخشى أميركا. فهو واثق من وجود مخطط لاختراق الجمهورية الاسلامية أعدته أميركا بعد الاتفاق النووي. وهو لم يكتم التحذير قبل أن يجف حبر الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة ٥١ من أن الاختراق الاقتصادي والأمني للبلاد خطير وله مضاعفات ثقيلة، لكن الاختراق السياسي والثقافي المعادي أخطر.

ومن المفارقات أن يكون هاجس دول عربية واقليمية هو الاتفاق النووي ثم تصور قيام تحالف أميركي – ايراني أو أقله تفاهم على خارطة نظام اقليمي جديد، في حين أن ما يقلق المرشد الأعلى هو مخطط الاختراق الأميركي الاقتصادي والسياسي والأمني والثقافي لايران. والمفارقة الأكبر، وسط المصاعب الاقتصادية والاجتماعية في ايران والتي يسعى الرئيس حسن روحاني لمعالجتها بالانفتاح على الغرب، هي تصوير الانتخابات بأنها فرصة ل إظهار القوة وإذلال الأعداء. لا بل الخوف من أي انفتاح وأية نسمة تهب على الداخل بعد ٣٧ سنة على الثورة الاسلامية التي قادت الى تغيير استراتيجي وجيوسياسي وأحدثت تبدلاً في موازين القوى في المنطقة.

لكن الواقع أن من الصعب التخلي عن العداء لأميركا. فهو رصيد مهم للثورة الاسلامية ومن أسس الشرعية كما يقال في طهران. ولم يكن الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون يبالغ عندما قال إن في استطاعة الأفراد والدول العيش بلا أصدقاء، ولكن ليس بلا أعداء. ولا كان من تحدث مؤخراً عن ضعف العناصر الجمهورية وضعف العناصر الاسلامية في النظام السياسي للجمهورية الاسلامية سوى الرئيس السابق للجمهورية ومجلس الشورى والرئيس الحالي لمجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني. وتلك هي المسألة. –