IMLebanon

رفض نيابي ـ وزاري لـ«لفلفة» جريمة الإنترنت

رفض نيابي ـ وزاري لـ«لفلفة» جريمة الإنترنت

«الألياف الضوئية» والشبكة غير الشرعية.. ودور «أوجيرو»

منذ الثامن من آذار، يوم كُشف في لجنة الاتصالات عن شبكة الانترنت غير الشرعية، والنقاشات تتركز على هوية المتهمين. حتى اليوم، لم يمثل أحد أمام القضاء سوى بصفة شاهد. وإذا كان البعض قد بدأ يستشعر سعياً إلى تجهيل الداعمين والحامين، من سياسيين ونافذين، فإن استمرار انعقاد اللجنة يفترض أن يكون رسالة إلى من يهمه الأمر بأن الملف لن يضبضب والمسؤوليات لن تُجهّل.

وإذا كان وزير المالية علي حسن خليل قد أعلن أن الخسائر السنوية تقدر بـ200 مليون دولار، وهو يفوق ما أعلنته «أوجيرو» من أرقام تقديرية عن «الأرباح الفائتة» بعيد الكشف عن الشبكة (60 مليون دولار في السنة)، فإن جلسة أمس عادت إلى مناقشة أصل المشكلة.

قاد النائبان عباس هاشم ونبيل نقولا جبهة مواجهة مع ما اعتبراه المشكلة الحقيقية في القطاع، والتي أنتجت كل العيوب التي رافقته، وأبرزها مسألة عدم تشغيل شبكة الألياف الضوئية حتى اليوم، بالإضافة إلى تشكيكهما بأسباب الترخيص لنحو 40 شركة كانت توزع الانترنت توزيعاً غير شرعي.

وقد قدم نقولا «مضبطة اتهام» بحق رئيس هيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف، متهماً إياه بالسعي لـ«السيطرة على حصة كبيرة من قطاع الانترنت في لبنان».

وفي الملاحظات التي قدمت إلى اللجنة تأكيد أن يوسف رفض، وما يزال يرفض، استلام شبكة الألياف الضوئية التي تمتد في كل الأراضي اللبنانية، وبالرغم من إنجازها منذ العام 2013، بحجة أن هناك ملاحظات على التنفيذ تتعلق بالمسالك الإسمنتية المستحدثة. وهذه القضية لطالما أثارها وزراء «التيار الوطني الحر»، معتبرين أن يوسف فعل ذلك لمنع تلبية حاجات اللبنانيين من الانترنت الشرعي، وبالتالي السيطرة على القطاع من خلال شركات غير شرعية، أعطاها الترخيص مؤخراً، بما يخوله حجز حصة وازنة له ولشركائه في السوق اللبنانية.

وفيما لاذ يوسف بالصمت في الجلسة، برر وزير الاتصالات بطرس حرب عدم استلام الشبكة بوجود عيوب في التنفيذ، غامزاً من قناة بعض الذين يريدون أن تستلم الوزارة الشبكة وتدفع للمتعهد المحسوب على أحد الوزراء السابقين.

وبما أن 2800 كلم من أصل 3500 لا إشكال عليها لأنها تمر في مسالك قديمة، أي أن لا ملاحظات عليها، فقد توقف هاشم عندها، مذكراً حرب بأنه بدل انتظار المتعهد إعادة تصحيح وضع المسالك كل هذه الفترة، كان يمكن استلام الشبكة استلاماً أولياً، تسجل فيه المخالفات والعيوب، ويطلب من المتعهد تصحيح الخلل خلال فترة معينة، فإذا لم يلتزم يمكن تلزيمها إلى شركة أخرى وعلى نفقة المتعهد الأول.. إلا أن ذلك لم يحصل.

وإزاء اتهام «أوجيرو» بتأخير القطاع، يخرج من يشير إلى أن الاستشاري، أي «خطيب وعلمي»، قد أجرى اختبارات على الشبكة بالتعاون مع الهيئة والوزارة وتبين أنها ناجحة، فإن السؤال يزداد إلحاحاً حول سبب عدم تشغيل الشبكة حتى اليوم. في المقابل، فإن مصادر «أوجيرو» تؤكد أن كل السنترالات صارت موصولة عبر الألياف الضوئية، فيما خطة 2020 من المقرر أن توصل هذه الألياف إلى المشتركين النهائيين.. وعندها فقط يمكن الحديث عن نقلة نوعية كبيرة في مجال توزيع الخدمة.

بعدما ارتفعت حدة النقاش بين النائب غازي يوسف والنائبين هاشم ونقولا بمشاركة حرب، والتي أدت إلى طلب رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله شطب بعض العبارات من المحضر، انتقل البحث إلى أزمة الانترنت غير الشرعي.

كان التشكيك كبيراً في مسألة جهل وزارة الاتصالات و«أوجيرو» بوجود الشبكة. اعتمد المشككون على الشكوى التي قدمها تجمع شركات مقدمي خدمة الانترنت، والتي تظهر معلومات دقيقة جداً عن الشبكة المخالفة، وهي معلومات تحتاج إلى جهد استثنائي لا يمكن أن تقوم به شركات صغيرة نسبياً، وغالباً ما ينحصر عملها في بقع محدودة جغرافياً. ولذك، يرى هؤلاء أن «أوجيرو» هي صاحبة المعلومات، وهي التي كانت على اطلاع تام على كل الحقائق المتعلقة بالشبكة غير الشرعية، لكنها لم تفصح عنها.. إلا بعدما احتدم الصراع التجاري. وهو أمر ينفيه رئيس «أوجيرو» عبد المنعم يوسف بشدة، مؤكداً أن لا إمكانية تقنية للهيئة في كشف الموجات التي تستورد من دول الجوار على ارتفاعات شاهقة، علماً أن الوزير حرب أكد أمس أيضاً هذا الأمر، من دون أن يحدد ما إذا كانت الوزارة على علم مسبق بالجرم الذي يحصل، ملمحاً إلى أن «أوجيرو» كانت تجري التحقيقات قبل ورود الشكوى.

لكن الربط بين يوسف والشركات التي تم الترخيص لها، ظل موضع شك بالنسبة إلى عدد من النواب، خاصة أن هذه الشركات كانت قي السابق تبيع الانترنت بيعاً غير شرعي، أضف إلى أن هذا الترخيص اقترن بتقديم تسهيلات كبيرة لها، وخاصة في ما يتعلق بإعطائها كل حاجتها من السعات الدولية بعكس ما كان يحصل مع الشركات الشرعية.

وقد فسر ذلك على أنه سعي إلى ضرب الشركات الشرعية مقابل تكبير حصة الشركات الحديثة من سوق الانترنت. ولذلك يرى أصحاب هذا الرأي أن رفض تلبية طلبات شركات الخلوي بربط أكثر من 200 محطة إرسال رئيسية لها عبر شبكة الألياف الضوئية يأتي في سياق حماية الشركات الحديثة، والتي يمكن أن تتضرر من توفر خدمة انترنت سريعة ورخيصة تقدمها شركات الخلوي في حال وصلها على شبكة الألياف الضوئية.

كانت المواضيع متشعبة في جلسة لجنة الاتصالات أمس، والتي ستستكمل الأسبوع المقبل. وفيما كانت وزارة الداخلية هي الغائب الأكبر، حضر وزراء الاتصالات بطرس حرب، الدفاع الوطني سمير مقبل والمالية علي حسن خليل، حيث تم الاستماع إلى عرض تقديري عن حجم الخسائر المالية، والبعد الأمني المتمثل بإمكانية الخرق الاسرائيلي لشبكة الانترنت. كما أوضح وزير الدفاع أن الوزارة ما تزال تعمل على تبيان حجم الخرق لشبكة الانترنت.

وأوضح فضل الله، بعد الجلسة، أنه تم الطلب من الوزارة تسريع عملية استلام شبكة الألياف الضوئية وتشغيلها. وأكد أن اللجنة ستواصل العمل «مهما احتجنا من جلسات ومهما احتجنا من وقت، وسنتحدث عن الأمور كما هي بتجرد، ولن نقبل بالتغطية على أحد، ولن نقبل بأن تدخل في الزواريب السياسية».

وكذلك أبدى حرب حرصه على وجوب عدم التأثير على سير القضاء، لكشف ملابسات هذا الموضوع والملف الخطيرين ولكشف المرتكبين وملاحقتهم وإنزال العقوبة بحقهم لمنع تكرار هذا الامر. أضاف: لدينا طلب وحيد للقضاء المختص، هو الاستعجال في التحقيق لان التأخير يعطي انطباعا وكأن هناك تراخيا في هذه القضية. وأعلن أنه «لن نتراخى ولن نتردد ولن نقبل بتمييع هذه القضية أو بلفلفتها». ورأى أن «ما يحصل اليوم هو تكرار بشكل غير مباشر لما حصل عام 2009»، مؤكداً أن «ما حصل عام 2009 من تراخ هو ما شجع على تكرار الارتكابات».