IMLebanon

مخاطر داهمة حتّمت تسريع موافقة أطراف أساسيين مع دعوة برّي للحوار

مخاطر داهمة حتّمت تسريع موافقة أطراف أساسيين مع دعوة برّي للحوار

تقطيع المرحلة الصعبة بأقل الأضرار في انتظار معالم التسويات للأزمات الإقليمية

الظروف الحالية تحتّم التعاطي بإيجابية مع الدعوة للحوار في ظل الوقائع والمعطيات الصعبة والخطيرة القائمة

استأثرت الدعوة التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه برّي للحوار في ذكرى إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الأحد الماضي باهتمام الوسط السياسي عموماً وحجبت الأنظار جزئياً عن مؤثرات تظاهرة يوم السبت الماضي بالرغم من التهديدات المتواصلة بتكرار مثل هذه التظاهرة وتوسعتها في الأيام القليلة المقبلة حتى الاستجابة لمطالب المتظاهرين وإعطائهم مساحة في الطاقم السلطوي أو الواقع السياسي العام، كون معظم الأطراف السياسيين الأساسيين يعتبرون أن مجرّد الدعوة إلى الحوار قد يُشكّل بارقة أمل ومنفذاً للخروج من حالة الانكماش أو الشلل العام في الدولة جرّاء التعطيل المتعمّد لانتخابات رئاسة الجمهورية من قبل تحالف «التيار العوني» و«حزب الله» وانسحاب هذا الواقع على عمل الحكومة والمجلس النيابي على حدٍّ سواء، وتعيد الحركة السياسية إلى الدوران من جديد من جهة وقد تؤدي إلى خفض منسوب التعاطف الشعبي مع حركة التظاهرات في الشارع أياَ كانت الجهات أو الأطراف الداعمة لها، في حال استطاعت الحلقات الحوارية المفترض حصولها على تحقيق الحد الأدنى من العناوين التي تطرح على أساسها إن كان بالنسبة لانتخابات رئاسة الجمهورية أو بتفعيل عمل الحكومة والمجلس النيابي لتسيير وتلبية المطالب والاحتياجات الضرورية والخدماتية للمواطنين من جهة ثانية.

وبالرغم من المواقف الإيجابية المبدئية لأطراف أساسيين من الدعوة للحوار وتأييدهم لها، إلا أن هناك البعض ما يزال ينتظر إيضاحات معينة ومحددة بخصوص الأطراف المدعوة وكيفية تمثيلها على الطاولة وماهية المواضيع المطروحة على جدول الأعمال ومدى تطابقها مع الدستور حتى يتم تحديد المواقف النهائية بخصوص تلبية الدعوة أو التحفظ عليها لأن هؤلاء يعتبرون أن هذه الدعوة – المبادرة التي أطلقها الرئيس برّي في هذا الوقت بالذات تشكّل التفافاً على طموحات بعض المرشحين لانتخابات الرئاسة ولا تتلاقى مع خططهم للوصول إلى سدة الرئاسة الأولى مثل زعيم «التيار العوني» النائب ميشال عون مثلاً، لأنها قد تفتح باب التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية في حال استمر تزخيم الاتصالات المحلية والإقليمية والدولية بهذا الخصوص، أو في حدٍّ أدنى التفاهم على إعادة انعقاد جلسات المجلس النيابي وتفعيل عمل حكومة الرئيس تمام سلام بما يتلاءم مع المهمات المنوطة لتسيير شؤون الدولة والمواطنين في مختلف المجالات.

وظهرت وجهات نظر متعددة من دعوة رئيس المجلس النيابي للحوار وما يمكن ان تحققه من نتائج في ظل الانقسام السياسي الحاصل في البلد، إلاَّ ان القاسم المشترك عموماً لما صدر من مواقف بهذا الخصوص يُؤكّد على إيجابية الحوار بين مختلف الأطراف، مع استمرار البعض في تشاؤمهم من امكانية عدم التوصّل إلى نتائج إيجابية مشجعة في ظل الأوضاع الراهنة. اما لماذا التعاطي بايجابية من قبل اكثرية الأطراف السياسيين الأساسيين مع دعوة الرئيس برّي للحوار وما هي الأسباب التي دعت هؤلاء للمسارعة إلى الموافقة عليها فور اطلاقها، وفي المقابل ما هي الأسباب التي دعت المتحفظين أو المعترضين لإبداء تشاؤمهم والتريث في إعلان مواقفهم إلى وقت آخر؟

تكشف بعض الأطراف التي سارعت إلى تأييد دعوة الحوار فور اطلاقها إلى انه قد تمّ التشاور معها مسبقاً في إمكانية طرح مثل هذه المبادرة من قبل رئيس المجلس النيابي، ولذلك لم يكن الطرح مفاجئاً لها لتتريث وتأخذ مزيداً من الوقت لإعطاء مواقف مؤيدة ولو كانت مبدئية حتى الساعة ومعللة موقفها الإيجابي هذا بجملة عوامل تتطلب التعاطي معها من هذا المنطلق، واولها ما وصلت إليه البلاد من حالة اهتراء بفعل التعطيل المتعمد لانتخابات رئاسة الجمهورية ومن ثم تعميم التعطيل على عمل مجلس النواب والحكومة، وقد أصبح الوضع يهدد الوطن ككل في حال استمرت الأمور سائرة باتجاه التعطيل الشامل وإغلاق كل منافذ الحلحلة السياسية المطلوبة، لافتاً إلى ان التظاهرات وحركة الشارع المتسارعة هي من مفاعيل الأزمة السياسية المعقدة والشلل في مؤسسات الدولة وعدم القدرة على تلبية مطالب وحاجات المواطنين الأساسية والضرورية.

وتضيف قائلة: هناك أيضاً حاجة ملحة وضرورية لتخفيف الاحتقان المذهبي الناجم عن فوضى حركة التظاهر ووجوب ضبط حركة الشارع وتنفيس حدة الاحتقان الذي بلغ ذروته خلال الأيام القليلة الماضية جرّاء استغلال بعض المأجورين للتظاهرات والتسلل من خلالها لإذكاء نار التحريض المذهبي واشعال الفتنة بين السنة والشيعة، تارة من خلال محاولة استهداف رئاسة مجلس الوزراء بالسراي الحكومي وتارة من خلال كتابة الشعارات المذهبية على المقامات والاضرحة وما إلى هنالك، ناهيك عن تداعيات ونتائج مشاركة «حزب الله» بالحرب إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد ضد الشعب السوري على الداخل اللبناني.

ولا يقتصر الأمر عند هذه الوقائع الخطيرة التي تنذر بتداعيات مدمرة في حال تكرارها مستقبلاً، بل هناك عامل ضاغط آخر وهو مؤشر تراجع الواقع الاقتصادي وانعكاساته السلبية الضاغطة على مستوى عيش المواطنين جرّاء الشلل في مؤسسات وادارات الدولة والاضطرابات المتواصلة التي ساهمت سلباً كذلك على الحركة الاقتصادية عموماً، الأمر الذي يستوجب التنبه له واتخاذ كل الإجراءات المطلوبة لمنع تفاعله لأنه سيؤدي إلى انهيار الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد في حال استفحال حال الخلاف والتعطيل والشلل على ما هو عليه حالياً.

اما بخصوص المحاذير والخيبات المتعاقبة جرّاء عدم الالتزام بمقررات الحوار السابقة وخصوصاً من قبل «حزب الله» وحلفائه السياسيين والتي بقيت حبراً على ورق حتى اليوم، فيجيب هؤلاء الأطراف بأن الظرف يحتم التعاطي بإيجابية مع الدعوة للحوار في ظل الوقائع والمعطيات الصعبة والخطيرة القائمة، إلاَّ ان الحذر سيبقى قائماً فيما ممكن ان ينتج عنه الحوار من نتائج وكيفية ترجمة هذه النتائج وتنفيذها على أرض الواقع، في ضوء ما حصل سابقاً من تعطيل متعمد لهذه النتائج حتى اليوم، وبالرغم من كل ما حصل سابقاً لا يمكن التعاطي بسلبية وإدارة الظهر لدعوة الحوار.

ومن وجهة نظر هذه الأطراف فإن الإيجابية المنظورة حتى الساعة لانعقاد جلسات الحوار قد تكون تقطيع المرحلة الصعبة والمعقدة التي يمر بها لبنان والمنطقة في الوقت الحاضر، والقيام بكل ما يلزم للإبقاء على حدٍ معقول من الاستقرار الداخلي بالتفاهم بين كل الأطراف السياسيين لمنع امتداد لهيب النيران المجاورة إلى الداخل اللبناني، وهذا في حدّ ذاته يعتبر انجازاً مهماً ريثما تتبين معالم حل الأزمات ووقف الحروب الدائرة في أكثر من دولة عربية والتي بدأت الاتصالات والتحركات بشأنها تجري على قدم وساق، ولئلاً تأتي بعض التسويات على حساب أمن لبنان واستقراره وحتى وحدته والعيش المشترك بين كل اللبنانيين.