IMLebanon

سيناريو القانون والانتخابات: أبعد من الاثارة

لبنان على موعد مع قمة الاثارة في سيناريو قانون الانتخاب حتى بعد الاتفاق على جوهره. وليس ما ينتظره في الأيام القليلة الحاسمة والفاصلة عن ٢٠ حزيران سوى مزيج من التعجيز والاعجاز. شيء من الجدل المستمر بين السياسيين، بدل النقاش بين الخبراء، حول الأمور التقنية. وشيء من السجال حول الأمور السياسية على طريقة أكل السفرجل: كل لقمة بغصّة، كل مادة بمشكلة. وفي الحالين نوع من التصرّف كأن قانون الانتخاب هو كل الانتخابات النيابية، وكأن الانتخابات هي كل اللعبة الديمقراطية والسياسية والعامل الوحيد في اعادة تكوين السلطة وتوزيع الحصص والأدوار.

لكن الواقع أشدّ تعقيدا. فما يتحكّم بنا، حتى في غياب الوصايات وتبرير التعثر في الاتفاقات بأننا صرنا نعمل بحرية، ليس كله من نتاج صناديق الاقتراع. وما يصح فينا هو قول وزير الخارجية الأميركي سابقا جورج شولتز الذي مارس كل الضغوط للتوصل الى اتفاق ١٧ أيار الساقط: وجدت نفسي بين قانونيين تلموديين وتجار سجاد شرقيين. أليس مثل هذا ما سمعناه ورأيناه في مسلسل الحوار الذي استمر سنوات بحثا عن اتفاق على قانون انتخاب؟ وما معنى كل هذه المساومات والمطالب في بازار مفتوح، ونحن ندرك اننا محكومون في النهاية ب ديمقراطية تنازلية، حسب التوصيف الذي أعطاه فرنسيس فوكوياما لنظامنا؟

لا أحد يجهل لماذا بقي طريق الذهاب الى المواطنة مغلقا منذ اعلان الجمهورية عام ١٩٢٦. ففي فتح الطريق نهاية لشبكة مصالح زبائنية طائفية ومذهبية بالغة القوة ومدعومة. ولا أحد يجهل أيضا ما الذي حال دون تشكيل هيئة وطنية مهمتها ان تدرس وتقترح الطرق الكفيلة بالغاء الطائفية ضمن خطة مرحلية لإلغاء الطائفية السياسية حسب نص المادة ٩٥ من الدستور المعدلة طبقا لاتفاق الطائف. فما جرى تطبيقه من الطائف بالمقلوب قاد الى نقل الهيمنة من طائفة الى أخرى. وما اكتشفه اللبنانيون هو ان المنطقة كلها لبنان مستتر، حيث ما كان كامنا من عصبيات طائفية ومذهبية ظهر بقوة في صراعات وحروب تهدّد باعادة المنطقة الى مرحلة ما دون الدول.

ومن هنا تعذر التوصل الى انتخابات خارج القيد الطائفي يتم مع أول مجلس نيابي على أساسها انشاء مجلس شيوخ. فلسنا جاهزين لتجاوز الطائفية كشرط لالغاء الطائفية السياسية، وإلاّ كان الإلغاء وسيلة للهيمنة الطائفية. لكن العجز ليس كاملا. واذا كان الطريق الى المواطنة مغلقا، فان ما يجب ان نفعله هو، أقلّه، الكفّ عن تسعير العصبيات الطائفية والمذهبية.

ولا معنى لهجاء الطائفية من مواقع طائفية ومذهبية.