IMLebanon

وتبقى بكركي شامخة… (بقلم رولان خاطر)

Bkerki

كتب رولان خاطر

مهمة الدفاع عن بكركي ليست مهمة مسيحية، وإن كان الأمر واجباً مقدساً لدى المسيحيين. مهمة الدفاع عن بكركي هي مهمة وطنية بالدرجة الأولى لأنه لا وجود للبنان من دون بكركي.

هي القصة ذاتها منذ نشوء الكيان اللبناني، قصة شعب قاوم الإلغاء والذميّة بكل وسائل المقاومة، فحُفرت أسماء كثيرة، من يوحنا مارون، إلى البطريرك حجولا، والحويك، مرورا بنصرالله صفير وصولا إلى الراعي، مسيرة تعمدت تارة بالدم، وتارة بالمواقف الجريئة والصلبة.

هي قصة عشق لبنان الحريّة، لبنان ملجأ جميع المضطهدين في هذا الشرق والباحثين عن الحريّة قبل الرغيف لأن “ليس بالخبز وحده يحيا الانسان”.

هذه المواقف التي ورثها الراعي، عبّر عنها خير تعبير وبصدق وجزم، عندما رفض الخنوع لإملاءات “حزب الله” وتمنياته وحساباته، محققاً تأييداً كبيراً على مستوى الرعية واللبنانيين بشكل عام، وكاسراً كل الخطوط الحمر، والحواجز النفسية التي كانت تعمل فرق الوصاية في كل عهد على تعميمها على المجتمع اللبناني وخصوصا المسيحي منه. زار الراعي القدس، وأقام الصلاة في بيت لحم، متحدّياً أتباع ولي الفقيه وحتى الفقيه بذاته، والتقى أبناءه اللبنانيين من الموارنة ومن الطوائف كافة من دون استثناء، كما التقى الفلسطينيين وشجّعهم على الصمود في أرضهم ومواجهة الغطرسة الإسرائيلية.

واليوم، وكما فعل البطريرك الراعي، بات المطلوب تعميم منطق التحدّي أمام الحواجز التي يضعها “حزب الله” أمام المسيحيين، فلا يستطيع أن يملي منطقه وشروطه على اللبنانيين.

أمّا لمهاجمي البطريرك وبكركي على خلفية زيارة سيّدها، أليس من الواجب أن يقرأ هؤلاء الآتون من التحنيط والماضي البغيض، أنّ تاريخ بكركي هو من تاريخ المسيحيين، وهي تحمل إرث أورشليم والقدس والناصرة، ونحن أبناء أورشليم والقدس والناصرة، وكل “زاروب” وحيّ من شوارع بيت لحم مهد المسيح الحيّ؟

وليعلموا أن بكركي هي التي صنعت الكيان اللبناني شاء من شاء وأبى من أبى، وستبقى العين الساهرة على هذا الكيان، وعلى إرث لبنان التاريخي بكل أبعاده المجتمعية، والسياسية، والطوائفية. وستبقى سيّدة قرارها وحرّة.

شكلت بكركي صرخةَ مجد، وفجراً جديداً للحرية والسيادة، والوعد. وعد أكمله وحمل ثقله، الأمير فخر الدين ويوسف بك كرم، وبشارة الخوري ورياض الصلح، كميل شمعون وبيار الجميل، بشير الجميل ورينيه معوض وحسن خالد ومحمد مهدي شمس الدين ورفيق الحريري وكل شهداء “ثورة الأرز”. ولذلك فإن جميع اللبنانيين مؤتمنون على إرث بكركي وملزمون الدفاع عنها.

لمن لم يفهم بعد، ربيع بكركي يزهرّ مع كل جيل عنفوانا وبطولة وشهادة للمسيح. وينبت إيماناً يهزّ الأرض والجبال.

ستبقى بكركي واقفة شامخة لا تهوي. ستبقى تحمل رمز الحرية والقوة، رافعة أغصان الغار، ستبقى شامخة كالأرز، تعبق بالعزّ والكرامة، وتصون الحرية، التي يسير على دربها شعب لا يركع إلا للرب الإله الواحد.