IMLebanon

تمويل احتياجات الدولة نحو مزيد من الصعوبات

Safir
عدنان الحاج

لا مجال للخلاف في القول إن استمرار الفراغ الرئاسي خصوصاً، وتعطيل المؤسسات الدستورية، ينعكس مباشرة على حركة الاستثمار وفرصها، كما ينعكس مباشرة على مختلف القطاعات الاقتصادية ومؤشراتها، نتيجة اهتزاز الثقة والتخوف من التطورات.
ويمكن القول ببساطة، إن مثلث النمو الاقتصادي في لبنان، شبه مضروب كليا أو جزئيا في العديد من القطاعات والمكونات. فالعناصر الأكثر تأثيراً في النمو متمثلة بحركة الصادرات اللبنانية التي تراجعت حوالي 34.6 في المئة، مقارنة مع العام 2013، مع الإشارة إلى تعويض جزئي نتيجة تزايد الاستهلاك الداخلي، لكنه لا يعوض الانعكاسات على ميزان المدفوعات وعجز الميزان التجاري. وكذلك الحركة السياحية شبه المضروبة، نتيجة الظروف الأمنية والسياسية في سوريا والمنطقة. والعنصر الثالث يتعلق بحركة الاستثمارات الخارجية المتوقفة، واعتماد حركة الرساميل على تحويلات اللبنانيين التي تأكل العمالة الخارجية في لبنان أكثر من 4.2 مليارات دولار من حجمها البالغ حوالي 8.2 مليارات دولار.
يضاف إلى ذلك تراجع نمو القطاع المصرفي والودائع للمقيمين وغير المقيمين، وهذا عنصر أساسي في تأمين الأموال لتمويل احتياجات الاقتصاد وحاجات الدولة والخزينة، لا سيما أن عجز الموازنة المقدر للعام 2014 بما يقارب 7650 مليار ليرة، بما نسبته 34.9 في المئة، وهي نسبة كبيرة، تحتاج للبحث عن مصادر تمويل. والسؤال هنا: كيف ستمول الدولة احتياجاتها مع تراجع أكثر المؤشرات؟
فحسب النتائج المحققة حتى الآن، أن نمو الودائع المصرفية تراجع حوالي 35.6 في المئة عن العام 2013، وقد بلغ خلال الثلث الأول حوالي 1.9 مليار دولار، مقابل حوالي 3.03 مليارات للفترة ذاتها من العام 2013، أي بتراجع حوالي 35.6 في المئة. والنتيجة ليست أفضل في شهر أيار، حيث زادت الودائع حوالي 400 مليون دولار. بمعنى أن نمو الودائع خلال العام 2014، وكما أشار الحاكم رياض سلامة، سيكون بحدود 5 أو 6 في المئة. وهذا يعني أن الودائع لا تزيد هذه السنة، على اعتبار أن كلفة الفوائد على الودائع المصرفية، تصل كمتوسط عام إلى هذه النسبة بين ليرة ودولار (معدلات الفوائد بين 5 و7 في المئة تقريباً). حتى التسليفات التي زادت أقل من واحد في المئة مقارنة مع العام 2013، فهي بدورها ارتفعت بحجم القروض المدعومة الفوائد والتسهيلات، التي قدمها مصرف لبنان، لتحريك النمو عبر التسليفات، لتعويض غياب الاستثمارات، فضخ حوالي 1200 مليار ليرة في العام الحالي، لتسليفها إلى القطاعات، كما فعل في العام الماضي حيث ضخ حوالي 2200 مليار ليرة، ذهب أكثرها إلى القروض السكنية، التي حركت قطاع العقارات خلال هذه الفترة.

قروض مدعومة

بلغت قيمة القروض المدعومة الفوائد بالليرة، حتى نهاية الفصل الأول من السنة حوالي 8599.8 مليار ليرة لحوالي 15831 مستفيداً في مختلف القطاعات والمناطق اللبنانية. (بزيادة حوالي 1000 قرض عن منتصف العام 2013 قيمتها حوالي 615 مليار ليرة). وشكلت القروض المقدمة عن طريق مؤسسة كفالات حوالي 10949 قرضاً قيمتها حوالي 1807.7 مليار ليرة. أما القسم الأكبر من القروض فهي من التسليفات المتوسطة والطويلة الأجل، التي شكلت حوالي 4526 قرضاً قيمتها حوالي 6610.2 مليار ليرة، أي ما نسبته حوالي 76.8 في المئة من إجمالي قيمة القروض.

توزع القروض

وقد توزعت هذه القروض على القطاعات، بما فيها قروض شركة كفالات على الشكل الآتي خلال العام الحالي:
1ـ شكلت القروض الزراعية حوالي 4488 قرضاً قيمتها حوالي 909.962 مليارات ليرة، منها حوالي 4111 قرضاً مقدمة عن طريق مؤسسة كفالات قيمتها حوالي 508.5 مليارات ليرة.
2 ـ بلغت القروض الصناعية ما مجموعه حوالي 8554 قرضاً، قيمتها حوالي 5054.9 مليار ليرة، منها حوالي 5253 قرضاً عن طريق مؤسسة كفالات، قيمتها حوالي 958.9 مليار ليرة. أما القروض الصناعية الطويلة والمتوسطة الأجل فبلغت حوالي 2951 قرضاً قيمتها حوالي 3917.7 مليار ليرة.
3 ـ أما القروض السياحية فشكلت ما مجموعه حوالي 2789 قرضاً قيمتها حوالي 2634.8 مليار ليرة، منها حوالي 1585 قرضاً عن طريق شركة كفالات قيمتها حوالي 339.3 مليار ليرة.
4 ـ بالنسبة إلى القروض التأجيرية (ليزينغ) فقد بلغ مجموعها حوالي 356 قرضاً قيمتها حوالي 181.7 مليار ليرة، منها حوالي 6 قروض سياحية، قيمتها حوالي 3 مليارات و348 مليون ليرة، مقابل حوالي 350 قرضاً صناعياً قيمتها حوالي 178.4 مليار ليرة.
تبقى إشارة أخيرة إلى أن نسبة الدعم أصبحت على القروض مهما بلغت قيمتها 4.5 في المئة على القروض المدعومة اعتباراً من العام 2012.

بعض التحسن في البورصة

على الرغم من تراجع النشاط المالي، ونمو الحركة الاقتصادية والاستثمارية في لبنان، فقد سجلت بورصة بيروت، على ضعفها، بعض التحسن، مقارنة مع الأشهر الخمسة الأولى من العام 2013، من حيث قيمة التداولات وحجمها مع تحسن القيمة السوقية للأسهم بحوالي 4 في المئة. في التفصيل المختصر:
– من حيث الحركة، فقد بلغ حجم التداولات بين بداية السنة، وحتى نهاية أيار من العام 2014 ما مجموعه حوالي 22 مليوناً و431 ألف سهم، مقابل حوالي 17 مليوناً و411 ألف سهم للفترة ذاتها من العام 2013 أي بزيادة قدرها حوالي 28.83 في المئة من حيث العدد.
– من حيث القيمة، فقد بلغت التداولات خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي 169.4 مليون دولار، مقابل حوالي 119.065 مليون دولار للفترة ذاتها من العام 2013 أي بزيادة 42.36 في المئة. وهذه نسبة كانت جيدة مع تراجع مؤشرات العام. وكان السبب الأساسي في التحسن بعض العمليات على الأسهم المصرفية التي ترافقت مع عمليات ترقب توزيع أنصبة الأرباح. إضافة إلى تحسن الحركة على أسهم «سوليدير» وتحرك السوق مع الولادة الأولى للحكومة الجديدة.
أما القيمة السوقية للأسهم فقد بلغت حوالي 11.190 مليار دولار مقابل 10.714 مليارات دولار لنهاية أيار 2013 . وهذا التحسن مرده أيضاً إلى تحسن بعض اسعار الأسهم الرئيسية.

ارتفاع أسهم «سوليدير»

على سبيل المثال، فقد ارتفع سهم سوليدير «أ» بنسبة 10 في المئة، كما ارتفع سهم سوليدير «ب» بنسبة 8 في المئة، كما ارتفعت بعض الأسهم المصرفية، واستقر البعض، بعد عمليات استبدال وصفقات محدودة على العديد من الأسهم الرئيسية من دون تقلبات كبيرة تذكر.
مع ذلك فإن حركة الأسهم في البورصة تبقى ضعيفة قياسا إلى السنوات الماضية من حيث المعدلات اليومية والنشاط في القيمة والعدد.
في الخلاصة أن الدولة تواجه صعوبة التمويل في المرحلة المقبلة، وسط تمدد الفراغ الرئاسي والمؤسساتي، وترقب تخفيض التصنيف الائتماني للدولة، من جهة، وتراجع نمو الودائع المصرفية التي تقتصر على معدلات الفوائد فقط، من جهة ثانية، مع الاعتماد الكلي على تحقيق النمو من خلال التسليف وهذا لا يشكل سوى مرحلة لشراء الوقت.