IMLebanon

الأزمة المقبلة!

ArabianBusiness
أنيس أيوب
يوم الثلاثاء الماضي أي بتاريخ 10-06-2014 قال كوشيك باسو، كبير الاقتصاديين بالبنك الدولي «لم نخرج من الأزمة بعد … الآن هو الوقت المناسب للتحضير للأزمة المقبلة».

تصريح باسو هذا جاء تعليقاً على قيام البنك الدولي في ذات اليوم بخفض توقعاته بشأن نمو الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري. وأرجع البنك ذلك إلى الأزمة الراهنة في أوكرانيا، وإلى سوء أحوال الطقس في الولايات المتحدة! وإلى والصراع السياسي في العديد من البلدان متوسطة الدخل.

وقال البنك الدولي في تقرير «الآفاق الاقتصادية العالمية» إن إعادة التوازن الاقتصادي في الصين لعب أيضاً دوراً في ذلك. وتوقع البنك، ومقره واشنطن، أن يشهد الاقتصاد العالمي معدل نمو بنسبة 2.8 مقابل توقعات سابقة بتحقيق معدل يبلغ 3.2 في المئة في كانون ثان/ يناير الماضي. ومع أن أرقام البنك الدولي للنمو الاقتصادي العالمي هذا العام، لا تزال أفضل من توقعات العام الماضي، وهي 2.4 في المئة، فالواضح أن العالم لم يكد يخرج من أزمته الاقتصادية الراهنة، حتى دخل، أو على الأقل على وشك الدخول في أزمة اقتصادية جديدة. صحيح أن الدول النامية لا تزال تسير بشكل أسرع من الاقتصادات الأكثر ثراء، غير أن هذه الدول هي الأخرى، في طريقها إلى «عام من النمو المخيب للآمال» حسب البنك الدولي أيضاً.

فقد خفض البنك توقعاته للاقتصادات النامية خلال عام 2014، إلى 4.8 في المئة بدلاً من توقعات بـ 5.3 في المئة في كانون ثان/يناير الماضي. وتعليقاً على تخفيض التوقعات بشأن نمو اقتصادات الدول النامية، قال جيم يونغ كيم، رئيس مجموعة البنك الدولي: «لا تزال معدلات النمو في دول النامية متواضعة للغاية. ومن أجل خلق وظائف جديدة، نحن بحاجة إليها لتحسين حياة أفقر 40 في المئة من سكان العالم». ولم ينس هذا المسئول البارز، أن يشير إلى أن تلك الدول تحتاج إلى الاستثمار بوتيرة أسرع، كما تحتاج لزيادة في الإصلاحات الهيكلية، لتعزيز النمو المحلي إلى «المستويات المطلوبة للقضاء على الفقر المدقع في جيلنا». على أية حال فإن النمو المتوقع لاقتصادات الدول الغنية، ليس أفضل حالاً من الدول النامية.

فقد كان من المتوقع أن تنمو اقتصادات الدول الغنية بنسبة 1.9 في المئة عام 2014، مقابل توقعات سابقة للبنك ، بـ 2.2 في المئة في يناير الماضي. وعلى الرغم من التوقعات بأن ترتفع أرقام النمو الاقتصادي في الدول الغنية إلى 2.4 في المئة عام 2015 و إلى 2.5 في المئة في 2016، فإن اقتصادات الدول الغنية لا زالت تراوح في مكانها، وهو ما يعني أن احتمالات التباطؤ الاقتصادي وحتى الإنكماش الاقتصادي فيها لا تزال واردة، هذا إذا استبعدنا احتمالات حدوث نمو سلبي، أي ما دون الصفر. فقد كان من المتوقع، أن ينمو اقتصاد منطقة اليورو بنسبة 1.1 في المئة العام الجاري، وهو نفس المعدل الذي توقعه البنك لهذا العام في يناير الماضي.

أما على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، أي في الولايات المتحدة، ووفقا لأحدث التقديرات، فإن الاقتصاد الأمريكي الذي تراجع بنسبة 1 في المئة في الربع الأول من العام الجاري، بسبب أحوال الطقس السئ، وفقا لتقديرات أولية، يتوقع له أن ينمو بنسبة 2.1 في المئة فقط هذا العام، أي بانخفاض عن توقعات يناير الماضي التي بلغت 2.8 في المئة.

خلاصة القول أن الوضع الاقتصادي العالمي الذي تحسن قليلاً بصورة عامة، لم يصل بعد إلى مرحلة التعافي الكلي، وبما لن يصل قريباً. وهذا يعني أن الأزمات لا تزال تتربص بالاقتصاد العالمي، وأن على شعوب العالم، كما قال باسو، أن تتحضر للأزمة المقبلة. لاحظوا أنه تحدث عن أزمة مقبلة، وليس عن أزمات مقبلة وهذا يدعو للتفاؤل.