IMLebanon

الوجه الإقتصادي للمونديال «ما له وما عليه»

Joumhouriya-Leb
طوني رزق
ما هي الجدوى الاقتصادية لاستضافة المونديال؟ تتغيّر الجدوى المذكورة بحسب الدولة المستضيفة. فهي مربحة جداً للدول المتطورة والغنية وتثير الشكوك في الدول الفقيرة التي عليها ان تنفق اموالاً باهظة للتجهيزات المختلفة.
يترافق التحضير للمونديال عادة مع إنفاق مليارات الدولارات الاميركية لتوفير الجهوزية التي تحترم المعايير الضرورية لاستضافة مباريات كأس العالم. وعلى سبيل المثال قدرة كلفة التجهيز لمونديال 2014 في البرازيل نحو 14 مليار دولار اميركي. وتتضمن الكلفة المذكورة بناء ملاعب ومشاريع خاصة بالطرق وأخرى لتحسين وسائل النقل.

أمّا الفيفا فخصّصت نحو 576 مليون دولار للمونديال المذكور في البرازيل، منها 35 مليون دولار للفائز الاوّل و25 مليون دولار للثاني و22 مليون دولار للثالث و20 مليون دولار للرابع. كما يُخصّص 8 ملايين دولار كحد أدنى للمنتخب الذي يخرج من الدور الاول.

وأثار حجم انفاق البرازيل على التجهيز للمونديال حفيظة مجموعات كبيرة من المواطنين البرازيليين الذين فضلوا ان تنفق هذه الاموال على الحاجات الاساسية للشعب البرازيلي الفقير. ويحرّك نشاط المونديال العديد من النواحي التجارية الاستهلاكية المرتبطة به من انفاق على الاعلام والاعلان والادوات التجارية الاستهلاكية الاخرى. وفضلاً عن ارتفاع في حركة السياحة الرياضية مع انتقال أعداد كبيرة وضخمة من روّاد الفرق الرياضية المختلفة ومشجعيها، علماً ان نحو 3,3 مليون تذكرة لحضور المباريات تمّ بيعها.

وفي حين يرى البعض انّ الانفاق الحقيقي للحكومة البرازيلية لم يتجاوز الـ 3,4 مليار دولار ولم يصِل الى 14 مليار دولار كما يروّج البعض الذي يقول انّ الانفاق زاد اكثر من خمسة اضعاف المتوقّع، فإنّ ملايين الفقراء في البرازيل والذين يقدرون بنحو 32 مليون شخص يرزحون تحت خط الفقر، وبدأ الكثيرون منهم في الاحتجاج بقوة ضد حكومتهم. وتعاني البرازيل الكثير من المتاعب الاقتصادية، وتعتبر واحدة من الدول الفقيرة في العالم.

لكنّ الرأي الآخر يعتبر ان البرازيل سوف تستفيد كثيراً من استضافة نهائيات كأس العالم، اذ تدفّق الملايين من عشّاق كرة القدم على ساو باولو لمتابعة المباريات فضلاً عن مئات الصحافيين ووكالات الانباء ومحطات التلفزيون والوفود الرسمية التي تمثّل 32 دولة. وعلى رغم التكاليف الباهظة فإنّ تقارير دولية اشارت الى إمكان تحقيق الاقتصاد البرزايلي نمواً جيداً خلال فترة المونديال (23 يوماً). وقد ذكر تقرير لمؤسسة موديز للتصنيف الائتماني انّ استضافة المونديال ستحقق زيادة كبيرة في المبيعات في البرازيل على المدى القصير ورفع نسبة النمو الاقتصادي.

وقدرت المكاسب المالية التي سوف تحققها البرازيل بنحو 13 مليار دولار، وكانت وزارة السياحة البرازيلية توقّعت قدوم 600 الف سائح اجنبي و3 ملايين من البرازيليّين الذين سوف يقومون بسياحة داخلية، واذا ما صدقت التوقعات بأنّ البرازيل أنفقت نحو 14 مليار دولار اميركي فإنّ مونديال 2014 يصبح الاغلى في تاريخ بطولات كأس العالم. وكانت المانيا انفقت في مونديال 2006 نحو 6 مليارات دولار.

ثم يأتي كلّ من اليابان / كوريا الجنوبية بكلفة 5 مليارات دولار في العام 2002، ثم جنوب افريقيا في المرتبة الرابعة بكلفة 4 مليارات دولار، وفرنسا في العام 1998 بتكلفة 340 مليون دولار، ومثلها في الولايات المتحدة الاميركية في العام 1994. وعلى صعيد التذاكر فقد سجّل طلب 11 مليون تذكرة مقارنة مع 3,1 مليون تذكرة متوافرة.

ومن المؤشرات الاقتصادية السلبية التي اعلنت مؤخراً وتحت تأثير تداعيات استضافة مونديال 2014 كان مؤشّر نسبة التضخم الذي ارتفع بصورة مفاجئة مع ارتفاع اسعار المستهلكين وارتفعت اسعار زيادة الفنادق 4,1 في المئة هذا الشهر، وهي الاكبر منذ العام 2000. كما زادت اسعار الرحلات السياحية 5,3 في المئة وكلفة الانتقال الجوي نحو 22,2 في المئة، وارتفعت بالتالي نسبة التضخّم الى 6,41 في المئة من 6,31 في المئة الشهر الماضي. وسوف يدفع ذلك البنك المركزي البرازيلي لرفع اسعار الفائدة لاحتواء التضخم.

لكن تجدر الاشارة الى انّ استضافة المونديال في الدول المتطورة والغنية لا يصحبها انفاق كبير، اذ انّ هذه الدول مجهزة نسبياً وبشكل سابق على المستوى الرياضي والسياحي والبنى التحتية. في حين أنّ الدول الفقيرة او التي ليست بطبيعتها مجهزة فتتكبّد الكثير من الخسائر والكلفة الباهظة والتي قد تصِل الى درجة المخاطرة بالتوازن المالي احياناً.

فعلى مستوى البرازيل، كان من الطبيعي ان تشهد هذه الدولة هذا الكمّ من الاحتجاجات والتكلفة الكبيرة كما انّ الامر ينطبق ايضاً على دولة قطر التي ما زالت تنفق الاموال الباهظة، والتي تعدّ بعشرات مليارات الدولارات لاستضافة الاولمبياد المقبل. وتزداد الخطورة مع ارتفاع التوقعات بأن تستبدل قطر بدولة اخرى ممّا يجعلها تنفق الاموال من دون مقابل.

امّا من النواحي السلبية الاخرى، فيمكن ذكر كثافة عمليات المراهنة على نتائج المباريات، والتي تعتبر غير شرعية وتبلغ قيمتها مليارات الدولارات، وهي من الوسائل المستخدة ايضاً لتبييض الاموال، وهي تحت مراقبة الانتربول والـ FIFA والسلطات الاوروبية.

امّا ما تنفقه قطر لاستضافة كأس العالم فيستحوذ على جزء كبير من الموازنة السنوية للحكومة التي تقدّر بـ 62 مليار دولار اميركي، وقد تبلغ كلفة الاستضافة مستويات تاريخية لم يشهدها العالم والتاريخ. وكانت اسواق المال القطرية اهتزّت في الاسابيع الاخيرة تحت وطأة التوقعات بفقدان الدولة الخليجية حق استضافة كأس العالم 2022.

امّا في لبنان فقد تكلفت الدولة اللبنانية 4 ملايين دولار لتمكّن اللبنانيين من متابعة المونديال، وكانت تقارير أشارت الى انّ المونديال كان حرّك الاسواق، وخصوصا في المقاهي والمطاعم التي تعرض شاشاتها المباريات.