IMLebanon

تدني الإستثمارات الأجنبية سببه تأخير «الإصلاحات»!

Akhbar

فراس أبو مصلح

يستمر منحى الإستثمار الأجنبي المباشر بالهبوط في لبنان الذي لم يستفد من هروب الرساميل من البلدان العربية التي هزتها الحروب والإنتفاضات الشعبية بين عامَي 2011 و2013، يقول نسيب غبريل، مدير قسم البحوث والدراسات الإقتصادية في مجموعة بنك بيبلوس، مشيراً إلى تدني نسبة الإستثمارات تلك من الناتج المحلي من 15% إلى 6.4% عام 2013.

جاء كلام غبريل خلال إطلاق «تقرير الإستثمار العالمي: الإستثمار في أهداف التنمية المستدامة» الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD، الذي قدّر انخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى لبنان بنسبة 23%، وتركّز غالبيته في سوق العقار الذي سجل تراجعاً كبيراً في تدفق الاستثمارات من بلدان الخليج العربي. إستعاد الإستثمار الأجنبي المباشر العام الماضي الإتجاه التصاعدي، فارتفع بنسبة 9% بعد تراجعٍ حاد عام 2012، وارتفعت نسبته إلى الدول النامية 7%، ليحقق «رقماً قياسياً» قدره 778 مليار دولار؛ غير أنه انخفض بنسبة 9% لدول غرب آسيا عام 2013، لتتدنى قيمته إلى 44 مليار دولار، بحسب نيكول موسى، مسؤولة الشؤون الإقتصادية في الأونكتاد. ولا تزال الإقتصادات المتقدمة تشكل المصدر الأكبر للإستثمار الأجنبي المباشر، رغم انخفاض حصتها منه من 80% عام 2007 إلى 60% عام 2013، تقول موسى، مضيفة أن التقرير يدعو للموازنة بين تحرير الإقتصاد ووضع الضوابط التنظيمية، وبين الإستثمار العام والإستثمار الخاص، الذي «لا يمكن أن يحل أحدهما مكان الآخر».
ويلاحظ عبد الله الدردري، كبير الإقتصاديين في الإسكوا، أنه على عكس معظم الدول النامية التي تشهد ارتفاعاً في حجم الإستثمار الأجنبي المباشر، يستمر الأخير بالانخفاض في معظم البلاد العربية، حيث تبلغ فجوة التمويل لتحقيق التنمية المستدامة 61 مليار دولار سنوياً، وذلك «للحفاظ على مستوى البطالة الحالي فقط»! أسباب «الإستثناء» العربي هذا ثلاثة، بحسب الدردري: عدم إجراء «إصلاحات هيكلية عميقة وجذرية»، وعدم تحقيق التكامل الإقليمي، حيث لا تزال التجارة العربية البينية بحدود 10% من مجمل التجارة، وعدم إعمال «الحوكمة» وترشيد الإدارة، حيث يلاحظ الدردري أن الدول التي تجذب الإستثمارات الأجنبية بشكل متزايد هي تلك التي تشهد «تحولاً ديمقراطياً» يفتح باب المساءلة والمحاسبة. ويلفت الدردري إلى زيادة معدلات الإستثمارات العربية في الخارج، ما يعتبره مؤشراً على ضرورة الإسراع بـ«الإصلاحات الهيكلية الجذرية» وترشيد الإدارة وتحقيق التكامل الإقليمي، لجذب الفوائض المالية العربية التي تبحث عن أسواق «مجزية». ويرى الدردري ضرورة ضخ استثمارات منتجة تخلق فرص عمل وافرة، مؤكداً أن لا مجال للخروج من حالة التأزم في العالم العربي بغير الإستثمار في الاستقرار الإجتماعي، الذي يعادل «الاستثمار في الأمن القومي».

الوضع الأمني «لا
يشكل عذراً» لتراجع الإستثمارات الأجنبية
الوضع السياسي والأمني «لا يشكل عذراً» لتراجع الإستثمارات الأجنبية المباشرة في لبنان بنسبة 23%، مقارنة بتراجع بلغت نسبته حوالي 9% في سائر البلدان العربية، بحسب غبريل. وفي حين ارتفع مؤشر استثمارات Green Field FDI في العالم العربي، وهو مؤشر للاستثمارات الأجنبية المنتجة (لا يشمل عمليات الدمج والإستحواذ مثلاً)، تراجع المؤشر نفسه في لبنان بنسبة 48%، لتبلغ حصة الإستثمارات تلك نسبةً لا تزيد على 0.2% من الناتج المحلي القائم، مقارنة بـ2% عام 2010، يقول غبريل، مشيراً إلى المفارقة في أن يكون حال دول عربية شهدت اضطرابات عنيفة كاليمن ومصر وتونس «أفضل بكثير» من حال لبنان في هذا المجال! يكرر غبريل رفضه للتذرع بالأوضاع السياسية والأمنية لتبرير الواقع هذا، لافتاً إلى تحذير صندوق النقد الدولي من «تراجع تنافسية الإقتصاد اللبناني 14 مرتبة خلال سنتين». يرى غبريل أن «كلفة اليد العاملة مرتفعة، رغم ما يُقال»، وأن «لا استراتيجية» لاستقطاب الإستثمارات الأجنبية.
من جهته، رأى وزير المال الأسبق دميانوس قطّار أن «القراءة السطحية» لتقرير الإستثمار العالمي توحي بأنه «يعطي زخماً للخصخصة»، في حين يشدد التقرير على أهمية التوازن بين القطاعين العام والخاص. تحدث قطار عن «المؤسسات الوسيطة بين قدرات الإستثمار وحاجات الناس»، قائلاً إن الدولة خسرت الأخيرة نتيجة «تفرّعها» و«اصطدامها بشراهة المستثمرين»، موصياً بتفعيلها. المؤسسات الوسيطة هذه «هيئات عامة لا تنافس القطاع الخاص»، على غرار المؤسسة العامة للإستثمار IDAL، يشرح قطّار رداً على سؤال «الأخبار»، قائلاً إن «خلية استراتيجية» قادرة على القيام بمهام وزارة التخطيط، وأيده في ذلك غبريل، نافياً الحاجة للوزارة تلك، قائلاً إن ما يحتاج إليه لبنان هو «الإرادة والرؤية»، (وليس المؤسسات)!؟