IMLebanon

منح جامعية واسعة النطاق في الولايات المتحدة…وبريطانيا تفشل في مجاراة الأميركيين

FinancialTimes
جون أوثرز وهيلين واريل

عندما يتعلق الأمر بتمويل الجامعات، فالقليل منها لا يعتبر جميلا. هذا هو الدرس المستفاد من البحث الذي أجري من قبل صندوق ساتون، فالسنوات العشر التي شهدت تقلبات كبيرة في الأسواق، وأسوأ ركودا منذ الحرب العالمية الثانية، لم تفعل شيئاً لتغيير الجدول الدوري للجامعات.

أفضل الجامعات التي تم تمويلها للوقف التعليمي آن ذاك، هي نفسها أفضل الجامعات الآن، مع عدد قليل من التحركات الصاعدة والهابطة في الجدول الدوري.

عموما، لقد اتسعت الفجوة بين جامعتي أكسفورد وكامبريدج وبقية الجامعات.

هناك خمس جامعات فحسب غير هاتين الجامعتين لديها أوقاف تزيد على 100 مليون جنيه استرليني – وهو المبلغ الذي تجاوزته أوقاف عدد من الكليات الفردية في كل من جامعتي أكسفورد وكامبريدج.

علاوة على ذلك، فإن أوقاف الجامعات الأمريكية التي هي أكثر بكثير، سجلت نموا يفوق كثيرا نمو الجامعات البريطانية، وهذا يظل صحيحا حتى لو تم استبعاد صندوق الكنز الضخم لجامعتي هارفارد وييل.

على هذا الأساس، وباستثناء جامعتي أكسفورد وكامبريدج، انكمشت الأوقاف التعليمية في المملكة المتحدة قليلاً على مدى العقد حتى عام 2012، في حين ارتفع الوقف التعليمي الأمريكي بنسبة 24 في المائة من حيث القيمة الحقيقية.

يمكن أن يُعزى بعض الأداء الأضعف في المملكة المتحدة إلى التضخم، الذي كان بمعدل أعلى في المملكة المتحدة. ومع ذلك، فإن القليل جداً من ذلك يمكن أن يعزى إلى أداء أهم الأسواق.

في الولايات المتحدة، ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500، مؤشر سوق الأسهم الرئيس، بنسبة 89 في المائة خلال العقد، أي ما يعادل 6.6 في المائة سنوياً، مقارنة بزيادة 94.5 في المائة لمؤشر فايننشيال تايمز 100 في المملكة المتحدة.

ربما كانت أكبر مشكلة للجامعات البريطانية هي الحجم، فالأوقاف الأمريكية تعمل على نطاق يسمح للجامعات بتوظيف الموظفين المتفرغين بشكل كبير، والتوظيف في الاستثمارات غير السائلة مثل صناديق التحوط والأسهم الخاصة أو الغابات. عملت هذه الاستراتيجيات بشكل جميل في السنوات التي سبقت انهيار عام 2008. بيد أنها ليست عملية لأوقاف تقل قيمتها عن 100 مليون جنيه استرليني.

عانت الأوقاف الأمريكية الأكبر حجماً بشدة خلال فترة الانهيار، إلا أنها كانت قادرة على الخروج بعائدات استطاعت التفوق على السوق. ربما تكون قد فاتت الفرصة للتفوق على السوق باستخدام الأصول البديلة.

وجدت صناديق التحوط والاستثمارات البديلة الأخرى أن الاستمرار يعتبر أكثر صعوبة منذ ذلك الحين، لذلك فإنه من المشكوك فيه ما إذا كان بإمكان الجامعات البريطانية اللحاق بالركب، من خلال حشد الأموال للاستثمار فيها الآن.

أفضل رهان لها هو غرس روح التبرعات بين الخريجين، ولكن لما كان جمع التبرعات نشاطا أساسيا للجامعات الأمريكية طوال عدة أجيال، إلى جانب استغلال تعود الأمريكيين على طلبات المال من الجامعات التي تخرجوا منها، فإن هذا العلاج سيستغرق بعض الوقت، كذلك، بالنسبة للجامعات البريطانية.

بالمقابل، تتراجع صناديق الجامعات البريطانية، في الوقت الذي يشهد فيه الأمريكيون زيادة فيها بنسبة 23 في المائة؛ إلا أن جامعتي كامبريدج وأكسفورد تظلان متفوقتين على التيار العام في بريطانيا.
لم تتمكن الجامعات البريطانية من النجاة من آثار الركود كما نجت منه نظيراتها الأمريكية، وذلك وفقاً لبيانات تدل على أن الأوقاف التي تحتفظ بها المؤسسات الأمريكية، نمت بمقدار الربع على مدى العقد الماضي، في حين انخفضت معظم استثمارات الجامعات البريطانية، من حيث القيمة الحقيقية.

ووفقاً لبحث أعدته الجمعية الخيرية ساتون تراست، يشير إلى أن الأوقاف في جامعة كامبريدج – الأموال التي تأتي من الهبات والوصايا التي يتم استثمارها لإنتاج العوائد كمصدر للدخل- زادت بنسبة 75 في المائة على مدى عقد من الزمان لتبلغ 4.9 مليار جنيه استرليني في عام 2012.

كان هذا أساساً نتيجة لحملة جمع تبرعات تتزامن مع الذكرى الـ 800 السنوية للمؤسسة، التي جلبت مبلغ 1.2 مليار جنيه استرليني.

شهدت أموال الوقف التعليمي في جامعة أكسفورد زيادة تزيد قليلا على الثلث لتصل إلى مبلغ 3.8 مليار جنيه استرليني بين عامي 2002 و2012. ومن شأن هذه الأرقام أن تضع كامبريدج في المرتبة الثامنة في قائمة الجامعات الأمريكية وأكسفورد بالمرتبة 14.

مع ذلك، إذا تم استبعاد جامعتي أكسفورد وكامبريدج، فإن معدل الأوقاف التي تحتفظ بها الجامعات البريطانية ينخفض عبر عقد من الزمان من 23.8 مليون جنيه استرليني إلى 23 مليون جنيه استرليني سُجلت في عام 2012.
بالمقارنة، فإن الأموال المخصصة للوقف التعليمي من قبل أفضل 500 جامعة أمريكية، بقيادة جامعة هارفارد وييل، نمت بنسبة 23 في المائة من 192.4 مليار جنيه استرليني إلى 237 مليار جنيه استرليني، على مدى العقد الذي يغطي الأزمة.
بحث المؤسسة جزء من حملة من قبل الحراك الاجتماعي الخيري لتعزيز جمع الأموال الجامعية، بحيث تتمكن المؤسسات البريطانية من توفير الدعم نفسه للطلاب من ذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة، الذي تقدمه الجامعات المنافسة عبر المحيط الأطلسي.

كان أداء جمع التبرعات الضعيف للجامعات في المملكة المتحدة مقارنة بأقرانها من الجامعات الأمريكية، سببا دائما لحالة من الاستياء.

1 في المائة من الخريجين الذين يمكن الاتصال بهم يتبرعون للجامعات البريطانية، مقابل 11 في المائة في الولايات المتحدة. حتى في مؤسسات النخبة، مثل أكسفورد وكامبريدج، ضعفت علاقات الجامعات بطلابها السابقين، لأن الخريجين على الأرجح لديهم ولاء لكليتهم، بدلاً من الولاء للإدارة المركزية.

تبذل محاولات لقلب هذا الاتجاه، فقد كشفت صحيفة “فايننشيال تايمز” هذا العام أن “كامبريدج” كانت على وشك البدء بحملة لجمع التبرعات، تستهدف ما يزيد على مليار جنيه استرليني.
في محاولة واضحة لمحاكاة النجاحات الأمريكية، وظفت الجامعة مختصا من جامعة فيرجينيا في منصب رئيس لعلاقات الخريجين، وضاعفت عدد الموظفين في مكتب جمع التبرعات.
محركات التمويل تأثرت سلباً بسبب خفض الإنفاق الحكومي، فقد تم قبل عامين إغلاق مخطط بدأ في عهد حكومة حزب العمال السابقة، حيث كانت الدولة تدفع مبالغ مقابلة للتبرعات الفردية جنيهاً بجنيه. في الوقت نفسه، هددت التخفيضات في ميزانيات الوزارات تمويل البحوث في الجامعات.
يقول البروفيسور السير ستيف سميث، نائب رئيس جامعة إكستر، إن التصور الذي يقول إن التعليم العالي يمول بالكامل من الخزانة العامة، قد أسهم في إحداث الخلط هذه المسألة، بحيث أن مفهوم العمل الخيري الجامعي تمت “إزالته من الضمير المجتمعي”.
“إن الحاجات المتنوعة للقوانين التنظيمية لـ”تمويل التعليم العالي” والتخطيط المركزي حول أعداد الطلاب والقوانين التنظيمية للرسوم وهلم جرا، تعطي مظهراً بأن هيئات التعليم العالي في المملكة المتحدة جزء من الدولة والقطاع العام – في حين أن الأمر ليس كذلك”.

وأضاف ستيف بأنه حتى لو حددت القيادات الجامعية الجهات التي على استعداد لتقديم المنح، لا يمكن لهم وضع النقدية الجديدة مباشرة في الوقف: “عندما يتم مواجهة معظم نواب رؤساء الجامعات بالمنح المكونة من بضعة ملايين من الجنيهات، يجدون أنه من الصعوبة الالتزام بتلك الأموال لصندوق الوقف، عندما تكون هناك احتياجات عاجلة وملحة من شأنها أن تستفيد من النقود في المقدمة”.

زيادة الرسوم الدراسية، التي أدخلت في عام 2012، أدت إلى مطالبات طلابية لتحسين الأجهزة والمعدات وقيمة جيدة مقابل المال، وبالتالي فإن القوة الدافعة لإنفاق النقدية تعتبر أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.
نيك هيلمان، مدير معهد سياسة التعليم العالي الفكرية ومستشار خاص سابق لوزير الجامعات ديفيد ويليتس، متفق على أن المؤسسات البريطانية: “لم تكن دائماً جيدة في شرح القطاعات التي تنفق عليها الموارد القائمة إلى الجهات المانحة المحتملة، والسبب هو أنها بحاجة إلى مزيد من المال”.
حتى في أوقات التقشف، تستطيع الحكومة زيادة التبرعات الجامعية: على سبيل المثال من خلال توفير “الإعفاءات الضريبية والوعد بإعطاء هدايا بسيطة، مثل شهادات الشرف والتكريم للمتبرعين”.