IMLebanon

ارتفاعات استباقية للخضر والفواكه لا ترحم أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة… «رمضان 2014» على إيقاع الأزمات

سابقت الأسعار وصول شهر رمضان المبارك، ارتفاعاً، وهي باتت متلازمة تقليدية في كل رمضان من كل سنة، وهو ما يطرح سؤالاً: أين جمعية حماية مصلحة المستهلك ومختلف الهيئات الرقابية، للحد من جموح الأسعار، التي لا ترحمُ أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة؟!!، فتحتَ أيِّ مسمىً ترتفع أسعار الخضر والفواكه 100 في المئة، وهي في الأساس مرتفعة وتستهلك الحد الأدنى للأجور، فهل ما يربحه التجار هي أسعار شرعية، حين تصل أسعار صحن الفتوش والشوربة لوحديهما الى ما يقارب ال15000 ليرة، وهما الطبقان اليوميان على أي مائدة صائم.

وعلى أي حال، فإن رمضان يأتي هذا العام، على ايقاع الأزمات الأمنية التي تلف البلاد، وعلى ايقاع أجواء سياسية واقتصادية ومناخية حادة جداً، تلقي بظلالها على اجواء الشهر الفضيل، وتضع الصائمين أمام رزمة من الصعاب تجمعت دفعة واحدة.

البقاع

والبقاع، ليس خارج هذه المعادلة، فهو في قلبها واكثر، نظرا لتماسه مع الحدود السورية حيث مفاعيل الصراع والنزوح تلقي بثقلها على البقاعيين دون استثناء.

في التحضيرات لاستقبال شهر الصوم، أكملت العائلة البقاعية استعداداتها التقليدية، حيث تزودت بما يعينها على اجتياز الايام الاولى منه.

وفي هذا الاطار، شهدت الاسواق الشعبية في جب جنين والمرج وغزة وثعلبايا وبعلبك وغيرها، ازدحاماً غير اعتيادي فاق أعداد زوار الاسواق الشعبية بأضعاف.

يقول محمد حرب رب عائلة أتينا سوق المرج، للتزود بما نحتاجه من خضر ومواد غذائية وخضر تكفينا مدة اسبوع تقريباً، وهذا التدبير تتبعه معظم العائلات البقاعية للدخول الى شهر الصوم، وكي لا تضطر يومياً الى ابتياع حاجاتها من المحال الكبيرة، فالاسعار الرائجة في الاسواق الشعبية هي باختصار شديد أقل بنسبة 50 في المئة من اسعار الخضر والمواد الغذائية في المحال التجارية أو بسطات الخضر الحديثة!

يتقاطع رأي علي شرف مع حرب، بما يتعلق بخيار الاسواق الشعبية كمتنفس يساعد اصحاب الدخل المحدود والفقراء على استقبال شهر رمضان بالحد الادنى المطلوب، ويضيف: «الاقتصاد العائلي لم يقتصر فقط على زيارة الاسواق الشعبية، بل تعداها الى غياب ذاك الكم الكبير من معالم الزينة التي كانت تسيج المنازل في بلدات وقرى البقاع، فمظاهر الزينة التي نجدها على الطرقات الرئيسية، لا تجدها في المنازل الواقعة ضمن الاحياء الداخلية والتي عادة ما كانت تضج بمعالم الزينة». والسبب يقول شرف «الضائقة الاقتصادية التي تلف اللبنانيين وبالتحديد البقاعيين، وارتفاع الاسعار بشكل جنوني بما فيها ادوات الزينة».

صعوبات أمنية

الى الضغط الاقتصادي الذي يرزح تحته البقاعي وبالاخص الصائمين، لفت اجواء البقاع، والعائلة البقاعية الذاهبة الى شهر الصوم، هاجس الامن والاضطرابات التي عصفت بالبلاد مؤخرا.

يقول محمد.د (قب الياس)، ندخل شهر رمضان مثقلين بهواجس التفجيرات الامنية المتنقلة هنا وهناك، وهذا الواقع افقد شهر الصوم الكثير من هالته المحببة الى قلوب المؤمنين والصائمين، فكيف لأسرة ان تشعر بالاطمئنان وسعادة موعد الافطار في ظل خشيتها من مكروه قد يصيب رب الاسرة في طريق عودته من عمله، وكيف لنا ان نشعر بجملية رمضان، وحدودنا مع اهلنا في سوريا تضج بالاقتتال والاعمال الحربية التي تطال في حالات كثيرة مناطق بقاعية، كيف لرمضان ان يشبه نفسه في سنوات سابقة وطائرات النظام السوري تقصف اهلنا في عرسال وتجتاح وتحتل الطفيل البقاعية وتشرد اهلها وترتكب الزعرنات على طول الحدود اللبنانية السورية». للاسف تابع محمد «هاجس الامن مقيم، ومسيطر على اجواء رمضان ومن الصعب تناسيه، وسيحضر على موائد افطارنا». وأمل بدور فاعل للجيش والقوى الامنية بمتابعة واجباتها في لجم مثل هذه الارتكابات، وعلى القوى الحية في البلاد الذهاب الى انتخاب رئيس للجمهورية، علنا نحظى قبل انقضاء شهر الخير والبركات بأجوائه الحقيقية.

حرّ تموز

وبين حريين لا يحسد عليهما الصائم – الوضع الامني وارتفاع الاسعار، وقع رمضان هذا العام في شهر تموز، هذا الشهر الذي يستهل اسبوعه الاول بموجة حر قاسية جدا بدأت طلائعها امس واليوم، حيث لامست الحرارة سقف ال40 درجة مئوية، وهذه الاجواء الحارة والناشفة، مرشحة للاستمرار بشكل تصاعدي في الآتي من الايام، ومن المرجح ان تبلغ 42 درجة مئوية وأكثر بحسب توقعات مصلحة الابحاث العلمية الزراعية، ما اضاف عبئاً مناخياً قاسياً، على الصائمين مواجهته والتكيف معه.

أزمات مترابطة!

وليس بعيدا من اجواء غلاء الاسعار، والاهتراء الامني والمناخ القاسي المواكب لشهر الصوم، تطل بشكل لافت هذا العام ازمة مياه شفة حادة جداً، وهي بدأت تترك نتائج سلبية واضحة على المجتمع البقاعي، فمعظم أهالي البلدات والقرى، يلجأون الى ابتياع المياه المخصصة للاستخدام بتكلفة 30 الف ليرة لخزان مياه سعة 2000 ليتر، ما اضاف عبئاً اقتصادياً غير عادي، خصوصاً وان ازمة المياه متواصلة حتى الشتاء المقبل.

وفي هذا الاطار، تعمل المجالس البلدية وسعها في البحث عن مصادر مياه تعوض النقص الحاصل، لكن هذا البحث وبحسب متابعين لن يصل الى نتيجة بسبب ندرة مصادر المياه، وتناقص المياه الجوفية، وبالتالي الازمة مرشحة الى مزيد من التازم. ومهما يكن من صعوبات تواجه الصائمين، سواء تلك المرتبطة بصنع البشر أو الطبيعة، فان مستقبلي شهر رمضان، والذاهبين الى رحاب ايامه الجميلة، يدخلونه راضين مبتهلين يحدوهم الامل بغد تستعاد فيه ايام رمضان الطبيعية والتقليدية المفعمة بالخير والبركة.

صيدا

وفي صيدا وعشية بدء شهر رمضان المبارك، بدت الحركة في المدينة مضبوطة على ايقاع نبضين: نبض الشارع والناس وهم يتحضرون لإستقبال الشهر الكريم والتموّن بالمواد الغذائية والسلع الضرورية لوجبة الافطار اليومية، ونبض التدابير المواكبة لهذا الشهر من امنية حفظاً للاستقرار ولوجستية تزييناً وانارة للشوارع والساحات وبلدية وحياتية تأميناً للخدمات الأساسية للمواطنين .

يمضي الحاج ابو ناصر مسرعاً الى مركز تجاري قريب من بيته لشراء ما تيسر من مونة شهر رمضان المبارك الذي يبدأ هذا العام قبل بداية الشهر الميلادي، الذي على اساسه تصرف رواتب الموظفين والعاملين، وبالتالي تأجيل ما تبقى من مستلزمات الشهر الكريم لا سيما من مواد استهلاكية الى ما بعد وصول الراتب او ما يتبقى منه اذا لم تكن الديون قد اتت عليه بالكامل.

يقول وهو يقلب بمحفظته الفارغة نسبياً «راتبي مليون ومائتي ونصف .. لا تصمد حتى لمنتصف الشهر .. والأعباء كبيرة في الأيام العادية فكيف ونحن على ابواب شهر رمضان، حيث تتضاعف المسؤوليات .. ويستدرك «كل ما نستطيع فعله هو ان نجود من الموجود .. اذا كان هناك ما نجود به ..والاهم بالنسبة للعائلة صحن «الفتوش» و«كاسة الشوربا « بشكل يومي وهذان لوحدهما يكلفان يومياً بين 10 و15 الف ليرة، هذا اذا بقيت الأسعار كما هي، ناهيك عن بعض السلع التي ارتفعت اسعارها بشكل مضاعف..لكن رمضان كريم والله المعين».

بيدر المزارع .. وحقل التجار

مشهد استعدادي اخر لرمضان مسرحه سوق بيع الخضر والفاكهة بالجملة «حسبة صيدا»، التي تقفل عادة يوم الجمعة الى العصر، وهي أبكرت في فتح ابوابها عصر أول من أمس لكثرة الطلب من التجار على المنتجات الزراعية لا سيما ما يدخل منها في الصحن اليومي للصائم مثل الفتوش والسلطات وغيرها، لكن ما يكشفه احد المزارعين وهو يسلم منتجاته في الحسبة، ان كل منتج يسلم بسعر بالكاد يغطي تعب المزارع وتكلفة زراعته، ليفاجأ به يباع من قبل تجار الخضر والفاكهة بضعفي او ثلاثة اضعاف سعر التسليم، وعشية شهر الصيام استبق بعض بائعي الخضر تسلمهم لها برفع اسعار ما يعرضونه في محالهم للافادة من اقبال المواطنين على هذه الأصناف عشية بدء رمضان.

من جهتها، مخازن ومراكز ومحال بيع المواد الغذائية تأهبت لاستقبال زبائنها المتحضرين لشهر رمضان فحرصت على عرض السلع والمأكولات والمواد الغذائية المرتبطة بالشهر الكريم والتي يقبل عليها المواطنون عادة مثل اللحوم المجلدة على اختلافها والألبان والأجبان والشوربا والمكسرات والخضر والفاكهة، وكذلك سوق اللحوم الطازجة التي سارع بعض محال الجزارة وبيع الدجاج ومشتقاته الى رفع اسعاره تلقائيا حتى قبل دخول شهر الصيام مستفيدين من تهافت المواطنين على التمون لهذا الشهر .

ولأن صيدا تشتهر بأنها مدينة الحلويات في رمضان وغيره ، ترتدي واجهات محال صناعة وبيع الحلويات حلة مميزة خلال هذا الشهر وتستنفر معاملها وعمالها وموظفيها لتبية الطلب على منتجاتها من الحلوى، لكن يبدو ان غلاء الأسعار لحق بدوره بهذا القطاع ليطال اكثر الأصناف جذباً للزبائن مثل البقلاوة والمعمول وحلاوة الجبن والمدلوقة، بما يتراوح بين الفين واربعة الاف ليرة زيادة على كل سعر الكيلو من كل صنف.

لا رقابة على الأسعار

رغم نشاط مصلحة الاقتصاد في الجنوب ومواظبة مصلحة حماية المستهلك على دورياتها على مراكز بيع المواد الغذائية الا ان المواطنين يشكون لا سيما مع حلول شهر رمضان هذا العام من ارتفاع جنوني في اسعار هذه السلع، ويلاحظ بعضهم ان دور حماية المستهلك يقتصر على التحقق من وضع التسعيرة على كل سلعة ومن تاريخ الصلاحية ولا يشمل محاسبة بائعها اذا زاد في سعرها .. كما انه لا يوجد جدول يومي او دوري للأسعار يوضع في متناول المواطن ليعرف ماذا كان هذا التاجر او ذاك يقتنص منه مالاً زيادة على السعر الأساسي ..

ورغم الغلاء واكتواء الناس به، يبقى هينا امام الهاجس الأكبر لدى المواطن هو هاجس الأمن والخوف على المستقبل، ويرى انه اذا تحقق الأمن واستتب بمفهومه الأمني والسياسي، سيتحقق الأمن الاجتماعي كنتيجة طبيعية لذلك.

طرابلس

ورغم ان الطرابلسيين ينتظرون من سنة الى سنة حلول شهر رمضان، لما له من وقع ايجابي على نفوسهم ان من الناحية الروحية والدينية او لناحية ممارسة العادات والتقاليد الخاصة بهذا الشهر والذي تتغير فيه حياتهم لجهة السهر في الليالي لغاية ساعات الفجر.

الا ان اهالي وابناء المدينة لا يخفون قلقهم وخوفهم مع اقتراب حلول رمضان بسبب الارتفاع المفاجئ بمختلف أسعار السلع وعجزهم عن تحمل مصاريف حياتهم اليومية، التي تزداد احيانا اضعاف مضاعفة عن تكلفة باقي اشهر السنة.

ما يؤكد هذه المخاوف الارتفاع الاستباقي في معظم أسعار السلع الغذائية والحلويات، وبشكل خاص أسعار الخضر والفواكه التي قفزت لتصل الى نسبة تفوق مئة بالمئة، حيث يجمع المتسوقون على أن من أسباب ذلك ازدياد الطلب مثل هذه السلع فضلا عن جشع بعض التجار الذين يسعون الى استغلال هذا الشهر وتحقيق ارباح اضافية غير شرعية، داعين المسؤولين المعنيين في الدولة وخاصة جمعية حماية المستهلك ومختلف جمعيات الرقابة ووزارة الإقتصاد للتحرك بجدية لوضع حد لذلك، سيما وانه حتى الميسورين يعجزون عادة عن تحمل نفقات شهر رمضان، فكيف باصحاب الدخل المحدود او العمال المياومين والذين يشكلون الغالبية العظمى في طرابلس.

الى ذلك، يتحضر اصحاب محال وبسطات الخرنوب والسوس ومختلف انواع العصائر، لتلبية حاجات المواطنين، وعادة ما تشهد هذه ارتفاعا ملحوظا خاصة في الفصل الحار، في حين استكمل اصحاب المقاهي في اسواق طرابلس الداخلية استعداداتهم لاستقبال الرواد بعد ساعة الأفطار، حيث تمتد السهرة الرمضانية حتى الفجر.