IMLebanon

مشاهدة المونديال في لبنان… «بيزنس» بلا أرقام

WorldCupLeb

أمندا برادعي
بعد ازدحام كثيف خلال اليومين الأول والثاني من بطولة كأس العالم لكرة القدم، شهدت مقاهي بيروت في الأيام التالية تراجعاً لافتاً وعزوفاً واضحاً للرواد والمتابعين للمسابقة العالمية البارزة، على رغم جهود أصحاب المقاهي الواضحة لإغراء الزبائن وجذبهم عبر تحسين الخدمات وتقديم عروض، إذ لم تعد المناسبة تتوقف عند بعدها الرياضي فحسب، بل دخل البعد الاقتصادي في حسابات هذا الحدث العالمي. وفي ظل ابرام عقود لنقل المباريات بين الشبكات التلفزيونية والاتحاد الدولي لكرة القدم، أصبح تمويل رياضة كرة القدم من الهيئة المنظمة للعبة في العالم عاملاً أساسياً لتطوير مستـوى اللعبة وبالتالي تحويلها من حق مجاني بالمشاهدة الى خدمة او حتى الى سلعة مدفوعة. الا ان هذه الظاهرة الاقتصادية تبقى بعيدة من إمكان دراستها دراسة دقيقة بسبب تمنّع الأطراف المؤثرين فيها عن الإفصاح عن أرقامهم الحقيقية، ربما، لأسباب ضريبية أو غيرها. سارع بعض اللبنانيين قبل الإعلان عن تأمين مشاهدة المباريات عبر شركة «سما» وكل موزعي المحطات التلفزيونية بواسطة الكابل مجاناً، إلى شراء بطاقة من شركة «سما» الموزّع الحصري لقنوات «bein sports» الناقلة لمباريات كأس العالم، بناءً على العقد بينها وبين «فيفا». وكذلك جهاز استقبال (ريسيفر) مجهز لهذا النوع من البطاقات قبل أيام قليلة وحتى اللحظات الأخيرة السابقة لانطلاق المباريات. وفي الوقت نفسه اتّجهت المطاعم والمقاهي إلى درس وضعها الاقتصادي قبل أشهر من انطلاق المونديال لمعرفة المبلغ المتوجب عليها لتتمكن من نقل المباريات والربح الذي يمكن أن تحقّقه. ولكن نسبة الإشغال في المطاعم خلال المونديال هذا العام تراجعت كثيراً قياساً بالمونديال السابق قبل 4 سنوات، وأرجع أصحاب المقاهي عزوف الرواد إلى توقيت المباريات الذي يتعارض مع دوام عملهم، مؤكدين أن الإقبال يتزايد في نهاية الأسبوع، خصوصاً عند إقامة مباريات لمنتخبات قوية ومعروفة كالبرازيل وألمانيا وهولندا وغيرها، فيما أرجع بعضهم الآخر (في المولات) سبب تراجع الإقبال الجماهيري إلى مشاهدة المباريات في المنزل. ولعب العامل الاقتصادي الدور الأبرز في تحديد مكان المشاهدة، فوجد بعضهم، لا سيما في المدن، أن المشاهدة على القناة الناقلة (بعد الاتفاق الذي اعلنه وزير الاتصالات بطرس حرب) فرصة لتجنّب نفقات المقاهي، في حين لم يتفق آخرون مع هذا الرأي، فمتعة المونديال تكمن في الأجواء التي يعيشها المشجعون وليس في المباراة بحد ذاتها. وأكد باتريك حلو مدير أحد المقاهي المصنف 4 نجوم في بيروت، والذي حظي مقهاه بحضور عدد كبير من الرواد، أن زبائنه ظلوا حريصين على الحضور يومياً، مشيراً إلى أن «إدارة المطعم ابتاعت «الريسيفر» من شركة سما لمشاهدة المباريات، وهيأت الأجواء بإلصاق أعلام المنتخبات وشعاراتها»، وجازماً بأن «إدارة المقهى لم تأسف لدفع مبلغ كبير(نحو 25 ألف دولار) لنقل المباريات بعد الإعلان عن نقلها مجاناً لأننا ننقلها بتقنيات عالية». وبدا عباس، مدير أحد المقاهي، مشغول البال لعزوف الناس وخلو مقاعد مقهاه، على رغم وجود شاشتين كبيرتين تنقلان المباريات في الباحة الخارجية، وقال إنه لم يجر أي زيادات في أسعار ما يقدمه للزبائن من مشروبات، بل على العكس يقدّم عروضاً، وفوجئ بتناقص عدد الزبائن إلى الحد الأدنى في الأسبوع الثاني للمونديال. ولم يتوقّع تحقيق الهدف من الربح مئة في المئة «خصوصاً أننا دفعنا مبالغ لعرض المباريات». وقال المدير التنفيذي لشركة «سما» حسن الزين لـ«الحياة» إن «أحداً لا يستطيع متابعة المــــونديال مجاناً لأن هناك حقوقاً وأصولاً». الشركة التي دفعت (ملايين الدولارات) قبل 4 أعـــوام (2010) لتحصل على الحق الحصري مـــن قناة «الجزيرة» الرياضية لن تهب اللبنـــانيين مشاهدة المونديال مـجـــاناً من دون تعـــويض. وإزاء عدم وجود ضرر تجـــاه الشركة قررت منح أصحــــاب «الكايبل» وموزعي المحـــطات التلفزيونية حق بث المونديال، بعـــد الحصول على تعويـــض من شركتي «ألــفا» و«أم تي سي» بدفع مليوني دولار أي ثلث المبلغ المطلوب. إذ إن الإصرار على أن يكون أصحاب الكايبل هم الجهات التي ستمنح حق بث المونديال ينطوي على أن «95 في المئة من الشعب اللبناني مشتركون في خدمة الكايبل، وخصوصاً أن تلفزيون لبنان لا يقدر على دفع 40 مليون دولار للفيفا لمنحه الترخيص، إضافة إلى أن المنتخب اللبناني لم يصل إلى نهائيات كأس العالم»، وفق ما أوضحه الزين. ولكن تحليلات المطلعين على الموضوع تقول إن الشركة حققت أرباحاً من الناس وسعت إلى زيادة مبيعاتها في الأيام الخمسة قبل إعلان الاتفاق – أكد الزين أنها ليست كبيرة – لأنه بمجرد إعلانه توقفت عمليات البيع. ولكن على رغم بيع الاشتراكات للمواطنين، فإن أصحاب الشركة كانوا موافقين على عقد الاتفاق لا سيما أن الزين قال: «كدت أصدّق قبل إعلان الاتفاق الأنباء التي جرى تداولها عن حصول تلفزيون لبنان على حق بث المونديال». ولفت إلى أن «الأنباء عن نقل المونديال عبر تلفزيون لبنان سرقت مني المدة قبل شهر». وأوضح أن «شركة سما هي وسيط بين صاحب أي مطعم والدوحة (مقر bein). وتحديد المبلغ المتوجب على المقهى يكون بإرسال الدوحة مندوباً يضع تقريراً وفق تصنيف المطعم (3 أو 4 أو 5 نجوم)، ومساحته، وموقعه الجغرافي. ويرفع التقرير إلى الدوحة التي بدورها تقرر المبلغ»، لافتاً إلى أن «شركة سما تربح من المبلغ 7 في المئة فقط». ورفض أن يعطي أرقاماً عن البدل المدفوع لاحتكار بث المونديال ولا عن مبيعاته بحجة أن الشركات المشتركة لم تدفع كل مسحقاتها بعد. وعلى رغم أن المنتخب اللبناني لم يصل قط إلى نهائيات كأس العالم، يتفاعل الشارع اللبناني بحماسة مع المونديال، فابتاع محبو كرة القدم أعلام البلدان التي يشجعونها، وشهدت أسعار المنتجات التي لها علاقة بالمونديال، كالقبعات والأحذية الرياضية والقمصان، ارتفاعًا ملحوظًا في المحال الرياضية إذ وصل سعر القميص الرياضي على سبيل المثال إلى 135 الف ليرة في محال الماركات العالمية، والقبعة التي طبع عليها علم أحد الفرق المشاركة إلى 60 ألف ليرة. لكن ذلك لم يثن بعض عشاق المونديال عن شرائها من المحال في الأسواق الشعبية بـ 20 ألف ليرة لإكمال الأجواء الفريدة. – See more at: http://www.elaph.com/Web/NewsPapers/2014/7/919641.html?entry=variety#sthash.L1WkrGDB.dpuf