IMLebanon

تراجع مبيعات المحال التجارية في بيروت ووسطها 40 %

Safir

عدنان الحاج

قليلة هي القطاعات الاقتصادية التي تخطت التردي الحاصل في البلاد بالحد الأدنى من التراجع، ومنها ما سجل بعض النمو الملحوظ ولو بنسبة أقل من العامين الماضيين، ومنها القطاع المصرفي والقطاع العقاري الذي استقرت فيه البيوعات السكنية، وتراجعت البيوعات للمحال التجارية بين 35 و40 في المئة في بيروت وضمناً وسط بيروت الذي يعتبر من أهم المراكز التجارية في لبنان والمنطقة المجاورة.
غير أن الانعكاسات الأمنية والسياسية لتطورات المنطقة التي ضربت كل عناصر النمو الاقتصادي عموما، تم تخطيها بشكل ملحوظ من قبل القطاع المصرفي الذي حقق نمواً يزيد عن 4 في المئة من حيث الموجودات والودائع خلال النصف الأول من السنة مع بلوغ الأرباح حوالي 169 مليون دولار بزيادة 8.8 في المئة سنوياً. كذلك شركة «سوليدير» في وسط بيروت التي حققت نمواً في أرباحها بلغ 150 في المئة مقارنة مع العام 2012، حيث بلغت أرباحها حوالي 39.8 مليون دولار مقابل حوالي 16 مليون دولار للعام 2013. كذلك حققت مبيعات في الأراضي بلغت حوالي 95 مليون دولار بزيادة 48 في المئة عن العام 2012. مع الإشارة هنا إلى أن أسهم المصارف الكبرى مع أسهم شركة «سوليدير» تشكل القيمة الأعلى من القيمة السوقية لبورصة بيروت البالغة حوالي 11 مليار دولار. كذلك بالنسبة لتداولاتها من حيث الحجم والقيمة. بمعنى آخر ان بعض القطاعات مثل المصارف و«سوليدير» ما زالت تتمتع بمناعة ولو محدودة في المحافظة على النمو والحد من الانعكاسات المباشرة للتطورات في المنطقة.
هذا مع العلم انه كان للأوضاع السائدة في البلاد تأثير سلبي على الحركة السياحية وحركة قدوم الزوار من السياح والمستثمرين إلى البلد، ما ساهم بتراجع النشاط التجاري وحركة الاستثمار بشكل ملحوظ. مع التأكيد ان عناصر النمو الاقتصادي في البلاد تراجعت كلها، منها السياحة إلى الصادرات الصناعية (تراجعت حوالي 30 في المئة كذلك الزراعية حوالي 10 في المئة).
لكن «سوليدير» عمدت بمساهمة منها الى المحافظة على استمرارية المستأجرين، وتشجيع الاستثمار في ظل التراجع الحاصل، إلى تقديم مختلف أنواع الدعم المعنوي والمادي للتجار، وذلك عن طريق القيام بنشاطات ترويجية مختلفة لجلب الحركة إلى الوسط من جهة، وإعطاء التجار بعض التسهيلات من جهة أخرى، ما أدى إلى انخفاض ضئيل بمداخيل الإيجارات بنسبة حوالي 5 في المئة. كما تمكّنت الشركة من تحقيق خفض ملموس بنسبة 15 في المئة في مصاريف وكلفة التشغيل والصيانة للعقارات المنتجة للإيجار.

أجواء الجمعية العمومية

علمت «السفير» أنه في الجلسة الثانية للجمعية العمومية للمساهمين لـ«الشركة اللبنانية لتطوير وإعادة إعمار وسط مدينة بيروت» (سوليدير) والتي تأمّن فيها النصاب القانوني، تمت الموافقة على البيانات المالية للعام 2013 والتي أظهرت نتائج إيجابية لجهة الأرباح الصافية التي تم تحقيقها والتي بلغت 39.7 مليون دولار (45.4 مليون دولار قبل الضريبة).
تأتي هذه الأرباح بزيادة أكثر من ضعف ونصف عن أرباح العام 2012 البالغة 16 مليون دولار لتظهر تحسناً ملموساً بالنتائج بالرغم من انعكاس الأوضاع العامة الصعبة والتباطؤ الاقتصادي والأجواء السياسية المتشنجة في لبنان والمنطقة على الشركة والتي كان لها تأثير سلبي على المبيعات العقارية وحركة الاستثمار. وكانت الشركة قد اتخذت منذ بداية العام 2013 توجهات متعددة لتحفيز البيوعات العقارية الإضافية في العام 2013 مقارنة مع العام 2012. وبالتالي فقد ارتفعت المداخيل الصافية من بيوعات الأراضي البالغة قيمتها 95 مليون دولار بزيادة 48 في المئة عن مداخيل بيوعات العام 2012.
من ناحية أخرى، تشير البيانات المالية إلى تحسّن ملحوظ في المداخيل من الخدمات المختلفة التي تقدّمها الشركة وبخاصة شبكة الإنترنت السريع، بحيث تم تحقيق زيادة 36 في المئة في مداخيل هذه الشبكة التي بلغت حوالي 4 ملايين دولار، مقابل انخفاض 18 في المئة بكلفة التشغيل والصيانة.
من الأمور الايجابية أيضاً هو الخفض الكبير بنسبة 17 في المئة في المصاريف الإدارية والعمومية، بحيث تمكّنت الشركة من خفضها من حوالي 34 مليون دولار في العام 2012 إلى 28 مليون دولار في العام 2013، الذي نتج بمعظمه من ضبط للنفقات التشغيلية. وسوف تستمر الشركة بتخفيض المصاريف الإدارية والنفقات التشغيلية في السنتين المقبلتين بنسبة 10 في المئة لكل منهما نتيجة تأجيل و/أو إلغاء العديد من النشاطات والمشاريع التطويرية التي كانت الشركة تنوي تنفيذها خلال السنوات الخمس المقبلة ابتداء من العام 2014.
أما في ما يتعلّق بموجودات الشركة ومقوماتها المالية فلا تزال الشركة، حسب نتائجها الأخيرة، تتمتع بموجودات مرتفعة متمثلة بمخزونها من الأراضي المعدة للبيع و/او للتطوير الذي يتكوّن من حوالي 1.8 مليون متر مربع بناء تقدّر قيمتها بحوالي 7 مليارات دولار. أما محفظة الأملاك المبنية والمنتجة للايجار فتبلغ قيمتها حالياً حوالي 1.4 مليار دولار بما فيها دور السينما التي أنجزت في نهاية 2013 وهي تعمل منذ بداية العام 2014. وتستمر الشركة بالمحافظة على مستوى مرتفع من السيولة النقدية بقيمة حوالي 165 مليون دولار ومحفظة من السندات المالية الناتجة من عمليات بيع الأراضي بقيمة حوالي 505 ملايين دولار بعدما قامت بعملية تسنيد لجزء من هذه السندات بقيمة 185 مليون دولار. وبذلك فإن المجموع الإجمالي للسيولة والسندات تبلغ 670 مليون دولار بينما تبلغ في المقابل مديونية الشركة تجاه المصارف 673 مليون دولار، أو حوالي 7 في المئة من القيمة السوقية للموجودات.

التواصل مع المستثمرين

رئيس مجلس إدارة شركة «سوليدير» الدكتور ناصر الشماع يوضح لـ«السفير» أن هناك استراتجية جديدة للشركة تقضي بالتواصل مع المستثمرين اللبنانيين غير المقيمين، واعتماد سياسة تسويقية متقدمة في افريقيا والخليج لتحسين عمليات البيع بما يحافظ على الربحية، مشيراً إلى اعتماد سياسة تقليص النفقات الإدارية لتخفيف الأعباء وتحسين الأرباح.
ويلفت الانتباه إلى أنه تماشياً مع الأوضاع العامة، اتبعت الشركة استراتيجية ترتكز على عدة محاور رئيسية وهي:
أولاً: الاستمرار بتخفيض المصاريف العمومية لتخفيف الأعباء لتأمين أرباح أفضل.
ثانياً: إعادة النظر ببرنامج التطوير العقاري ومشاريع البنية التحتية من حيث التوقيت الأمثل للبدء بهذه المشاريع، والاكتفاء بالمشاريع الضرورية فقط وتأجيل بدء تنفيذ ما هو غير حيوي للشركة في هذه المرحلة وذلك للمحافظة على سيولة الشركة وعدم إطلاق أي مشروع في ظل عدم توافر السوق العقاري المناسب في هذه الفترة.
ثالثاً: تحفيز بيوعات الأراضي، من خلال اعتماد سياسة المبادلة مع شركات المقاولين حيث تمكّنت الشركة من تحقيق بعض البيوعات إلى بعض المقاولين مقابل عقود الأشغال التي توقّعها الشركة معهم. وسوف تستمرّ الشركة باتباع هذا النهج في ما تبقى من عقود أشغال البنية التحتية والتطوير العقاري.
رابعاً: اعتماد عدد من التسهيلات المالية في شروط عقود بيع الأراضي وذلك لاستقطاب المستثمرين وتشجيعهم على شراء الأراضي في وسط بيروت. وكان لهذا الإجراء أثر فعّال في تحقيق بعض البيوعات في العام 2013.
خامساً: اتباع سياسة ترويجية متقدمة لبيع الأراضي عن طريق التواصل مع المستثمرين اللبنانيين في بلاد الاغتراب، وبخاصة في أفريقيا والخليج وذلك من خلال جهاز خاص يقوم بهذا العمل. ومن المتوقع أن تثمر هذه الجهود خلال الأشهر المقبلة تحقيق بعض البيوعات الجديدة على الواجهة البحرية بما فيها عقاران كبيران، ما يساهم بتعزيز الأرباح، حيث يمكن توزيع معظمها إلى المساهمين وذلك تعويضاً عن عدم توزيع أنصبة أرباح خلال السنوات الماضية، وأيضاً استعمال جزء من هذه المداخيل إلى تخفيض المديونية، وبالتالي تخفيض كلفة الدين.
في المحصلة، تعتبر الشركة أن هذه الإستراتيجية التي تبنّتها تتناسب مع المرحلة الراهنة من الصعوبات الاقتصادية والسياسية، وتتمثّل بمتابعة تعزيز ايراداتها من خلال تشجيع وتحفيز البيوعات العقارية والاستمرار بالتخفيض التدريجي لمصاريفها الإدارية والعمومية، وبالتالي لتمكينها من المتابعة بتحقيق أهدافها وحماية حقوق المساهمين وتأمين المردود المنشود على الأسهم.