IMLebanon

طرابلس: «الجلجلة» الليلية مستمرة كهربائياً

Safir
غسان ريفي
لم تنفع كل التدخلات السياسية والمناشدات المدنية والتحركات الشعبية في طرابلس، في التخفيف من حدة التقنين القاسي والعشوائي في التيار الكهربائي، وفي إنقاذ أبناء المناطق الفقيرة من «الجلجلة» الليلية التي تبدأ مع انقطاع التيار بعد منتصف الليل عن نصف مساحة المدينة، والتي تمتد حتى السادسة صباحا، في ظل حرارة الصيف المرتفعة.
في هذا الاطار، تبدو طرابلس متروكة لمواجهة مصيرها مع التغذية الكهربائية التي تتناقص يوما بعد يوم، كما تُركت سابقا لمواجهة قدرها أمنيا واجتماعيا. فالقيادات السياسية اكتفت بأضعف الإيمان، عبر بيانات تطالب فيها بإنصاف طرابلس بالطاقة الكهربائية، من دون أن تحرك ساكنا تجاه الشركة المعنية أو القيام بضغط معين عليها. والمجتمع المدني غائب تماما عن القيام بدوره، وقد اكتفى قسم قليل منه بالمناشدات. كما لم تنفع التحركات الشعبية التي باتت مرتبطة بالهواجس الأمنية بما يدفع الجيش اللبناني إلى الإسراع للتصدي لها، في حال عبر المواطنون عن غضبهم بقطع الطرق وإشعال الاطارات.
وتغيب «شركة كهرباء قاديشا» عن تقديم التبريرات حول هذا الانقطاع المستجد بعد منتصف الليل والذي لم تشهده المدينة منذ عدة سنوات، حيث كان التيار ينقطع خلال فترات النهار والمساء، وكان التيار الكهربائي يغذي طرابلس بأكملها بعد منتصف الليل وحتى ساعات الصباح الأولى.

التغذية 4 ساعات!

أما في المناطق الشعبية فحدث ولا حرج، حيث لا يقتصر الأمر على التقنين القاسي في الشبكة العامة، بل يتعداه الى الشبكة المحلية التي ينقطع عنها التيار، بفعل الضغط الهائل عليها، مع وجود أعداد هائلة من النازحين السوريين، وبسبب الأعطال التي تفرضها حرارة الطقس المرتفعة، ما يجعل هذه المناطق أمام أسوأ تغذية منذ سنوات طويلة.
أمام هذا الوضع، يشير بعض المخاتير الى أنه إذا قمنا بحساب ساعات التقنين القاسي، وساعات الانقطاع الناتجة من الأعطال المحلية، فإن التغذية لا تتعدى الأربع ساعات في اليوم، وهذا من شأنه أن ينعكس سلبا على كل تفاصيل الحياة إنسانيا واجتماعيا وتجاريا واقتصاديا، كما ينعكس انقطاعا متواصلا للمياه عن كثير من الأحياء التي لا تتزامن التغذية الكهربائية فيها مع التغذية المائية.
أما أكثرية شركات بيع الكهرباء التي ترفع تعرفتها من دون حسيب أو رقيب، وتمارس تقنينا على التقنين الرسمي لنحو ساعتين في كل ست ساعات، فلم تقتنع في منح المواطنين التغذية بعد منتصف الليل بأسعار مقبولة، أو لحين انتهاء هذه الأزمة، إذ توضح مصادر «كهرباء قاديشا» لـ«السفير» أنه «من المفترض أن تتراجع حدة التقنين تدريجيا اعتبارا من منتصف الشهر المقبل».
وفي هذا الاطار عقد رئيس بلدية طرابلس الدكتور نادر غزال لقاء مع عدد من أصحاب المولدات الذين يغطون في خدمتهم معظم مناطق المدينة.
ويؤكد غزال أن «المرحلة تقتضي أن يشعر أصحاب المولدات مع أبناء المدينة فهم في نهاية الأمر أهلهم واخوانهم».

هواجس أصحاب المولدات

في المقابل، يشرح أصحاب المولدات هواجسهم، لافتين الانتباه إلى أن العديد منهم لا يستوفون بدلات الاشتراكات كاملة، وأنهم أيضا يمرون بمراحل صعبة، لجهة تواصل هذا الانقطاع لفترات طويلة. ويعبّر بعضهم عن الهاجس الأمني الذي يرافق عملهم، خصوصا في فترات الليل المتأخرة.
ويطالبون غزال بالمساعدة في الحصول على جدول برنامج قطع التيار الكهربائي من شركة قاديشا وعدم اعتماد العشوائية، على أن تتم زيادة أوقات التغذية يوميا خلال الأسابيع المقبلة لمدة ثلاث ساعات ليلا من دون زيادة أية تكاليف على المشتركين.
إلاّ ان اجتماع أصحاب المولدات مع رئيس البلدية لم يسفر بحسب عدد من مخاتير المناطق الشعبية عن نتيجة كافية، إذ إن «الوعود التي أطلقت بزيادة ساعات التغذية الليلية، لم يلتزم بها بعض أصحاب المولدات، ما يستدعي تدخلا مباشرا من البلدية للمتابعة والضغط».
يوضح مخاتير لـ«السفير» أن «أكثرية أصحاب المولدات لا يراعون المواطنين، فأي تأخير في دفع التعرفة الشهرية يكون مصير أصحابه القطع السريع».