IMLebanon

مصرف لبنان: لضبط القروض الإستهلاكية

Joumhouriya-Leb
طوني رزق

تحرك مصرف لبنان لمواكبة ومواجهة اتساع نشاط القروض المصرفية للقطاع الخاص. وتأتي هذه الخطوة اللافتة بعدما تجاوز حجم الاقراض المصرفي الى 125 في المئة من الناتج القومي العام في لبنان كما في نهاية شهر حزيران 2014.

هذه النسبة التي تعتبر عالمياً خطاً احمر لا يجب تجاوزه، وإلّا تدخل البلاد في مرحلة اندلاع ازمة مالية قاسية. فإنّ اطمئنان مصرف لبنان الى عدم تأثر قطاع البنوك بالاحداث الاخيرة والتوترات الامنية بدليل عدم وجود ايّ خروج للاموال من المصارف اللبنانية، لم يجعل حاكم مصرف لبنان يغفل أهمية ضبط الاقراض المصرفي للقطاع الخاص.

هذا الاقراض الذي يشهد منافسة مصرفية قوية ونموّاً كبيراً على مدى سنوات عدّة، يبدو أنه وصل الى حدود تستدعي التدخل السريع من السلطات النقدية اللبنانية لاستبعاد حصول ايّ ازمة مالية قد تجتاح البلاد وتضرّ بالعباد.

يأتي ذلك على رغم توقع مصرف لبنان أن ينموَ الناتج القومي اللبناني في 2014 بنسبة تتراوح بين 1,5 و2 في المئة من مستواه الحالي عند 45 مليار دولار اميركي، وذلك بعد حسم نسب التضخم المتوقعة عند 4 في المئة.

وكان البنك الدولي أعطى وضعية القروض المصرفية اللبنانية في 2011 درجة تقييم جيدة بلغت (5) علماً انّ درجات التقييم تتراوح بين (صفر) و(6). إلّا أنّ ذلك لا يغطي وضعية القروض المصرفية بعد ثلاث سنوات من هذا التاريخ. وعليه أصدر مصرف لبنان تعميماً وسيطاً رقم 369 في 31 آب الماضي يعدل فيه قراراً اساسياً تاريخ 12/2/2001 ويتناول عمليات التسليف.

وتكلم القرار خصوصاً عن قروض التجزئة، وطالب المصارف بالتقيد بعدم تجاوز قيمة القرض لنسبة 75 في المئة من ثمن السيارة او المسكن موضوع القرض. وأن لا يتجاوز مجموع التسديدات الشهرية لقروض التجزئة كافة للشخص الواحد نسبة 45 في المئة من دخل العائلة منها نسبة 35 في المئة كحدّ اقصى للقروض السكنية.

كما طلب من المصارف تكوين مؤونة خاصة على أيّ من قروض التجزئة عند بروز مؤشرات تعثر بتسديده. وطلب أيضاً تكوين المصارف احتياطياً عاماً بما يوازي بنسبة 2 في المئة من محفظة «قروض التجزئة» بعد تنزيل المؤونات المكوّنة مقابل هذه المحفظة في نهاية العام 2014 اضافة الى نسبة 0,5 في المئة سنوياً على مدى 6 سنوات اعتباراً من العام 2015، على أن يُحتسب هذا الرصيد ضمن الاموال الخاصة الاساسية شرط عدم تخفيضه قبل أخذ موافقة مصرف لبنان.

ويتمّ استثناء تكوين احتياطي مقابل القروض السكنية وقروض الطلاب وقروض التعليم. ويتمّ تطبيق هذا القرار على قروض التجزئة الممنوحة بعد الاول من شهر تشرين الاول العام 2014.

ويأتي تحرّك مصرف لبنان في مرحلة تجاوزت المدة المتوسطة لقروض التجزئة في لبنان الى 50 شهراً بعدما كانت 30 شهراً قبل العام 2009.وكانت قروض التجزئة زادت سنوياً بنسبة 7 في المئة لتبلغ 16 مليار دولار في منتصف العام 2014 الجاري أي بزيادة كبيرة خصوصاً في العامين السابقين لترتفع من 17 في المئة من مجموع القروض المصرفية الى 28 في المئة في نهاية حزيران الماضي.

وتستحوذ قروض الاسكان على 58 في المئة من قروض التجزئة يأتي بعدها قروض الاستهلاك 28 في المئة ثم قروض السيارات 10 في المئة. أي 9,18 مليارات دولار لقروض الاسكان و4,44 مليارات لقروض الاستهلاك. اما قروض السيارات فتراجعت 1,7 في المئة الى 1,51 مليار دولار.

يسعى مصرف لبنان بالقرار الجديد للحؤول دون أن تشكل الارتفاعات المتواصلة في حجم قروض التجزئة أيّ خطر على الاقتصاد اللبناني العام. وبذلك يتجنّب لبنان الوقوع في المخاطر التي هزّت اسواقاً عالمية كبرى ودولاً متطوّرة واطلقت ازماتٍ مالية بلغت تداعياتها مختلف الدول والقارات. إنّ القرار المذكور يؤكد تدارك مصارف لبنان المسبق لأيّ مخاطر قد يتعرّض لها الاقتصاد اللبناني والاستقرار الاجتماعي.