IMLebanon

لبنان: صندوق النقد يرفع توقعاته النمو إلى 1.8% في 2014 و 2.5 % في 2015 …بناء على الانفاق لا على الاستهلاك

Nahar
سلوى بعلبكي

رغم ضبابية الاوضاع السياسية والامنية التي تمر فيها البلاد، كان مفاجئا أن يرفع صندوق النقد الدولي توقعه لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في لبنان لسنة 2014 إلى 1.8% من توقع سابق نسبته 1.0% في نيسان 2014. وفي تقريره الجديد الذي أصدره الأسبوع الماضي عن آفاق الاقتصاد العالمي”World Economic Outlook” ، رفع صندوق النقد تقديره للنمو في لبنان لعام 2013 من 1.0% إلى 1.5%، الا أنه أبقى على توقعاته بالنسبة الى النمو المتوقع لسنة 2015، عند 2.5%.
وبناء عليه، من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي في لبنان زهاء 47.5 مليار دولار في 2014 مقابل 45.0 ملياراً عام 2013، إذ يرتفع دخل الفرد من 10077 دولاراً في العام 2013 إلى 10531 دولار في 2014.
وفي حين يرى بعض الخبراء أن توقعات صندوق النقد الدولي ليست مفاجئة بسبب نمو الاستهلاك اللبناني، يرى الخبير الاقتصادي لويس حبيقة أن الصندوق بنى توقعاته على الانفاق الذي ستقوم به الدولة، وليس على الاستهلاك اللبناني أو الاستثمارات التي ليس لها اي أثر في ظل الاوضاع التي تمر فيها البلاد.
ويشكك حبيقة بالأرقام التي أوردها صندوق النقد والتي تعتبر تفاؤلية، ويعتبر ان دور الصندوق تشجيعي للدول، مشيراً الى أن المشكلة الحقيقية التي يعانيها لبنان هي في توقف الاستثمارات “إذ أن الإنفاق الذي ستقوم به الدولة غير صحي، لأنه يزيد العجز والدين”.
عموماً لا يبدي حبيقة تفاؤله حيال الوضع وخصوصاً في ظل هبوط أسعار النفط الى ما دون الـ 90 دولارا، بما يؤثر في المساعدات العربية للبنان. والاخطر برأيه هو تلويح المصارف بزيادة الفوائد “وهذا امر جنوني، لأنه اذا كان ثمة أمل بنمو بسيط، فإن هذا الاجراء سيقضي على بارقة الأمل هذه، إذ ان المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لن يكون بمقدورها الاستدانة للتوسع أو زيادة التوظيفات”.
الا ان الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة الذي لم يفاجأ بتوقعات صندوق النقد، يعيد أسباب زيادة توقعات النمو الى زيادة الاستهلاك، إذ أن نمو استهلاك اللبناني إرتقى إلى مرتبة عالية من التطور تُضاهي استهلاك المُستهلك الأميركي والأوروبي إذا ما أخذنا الدخل الفردي في الإعتبار. ويشير الى ان زيادة الاستهلاك يُمكن ملاحظتها من إرتفاع قيمة الشيكات المقاصة (مؤشر إلى الاستهلاك والاستثمار) ومن قيمة قروض كفالات التي انخفضت في الفترة المُمتدة من كانون الثاني إلى تموز/آب 2014. مما يعني أن الاستهلاك إرتفع وأن الاستثمار إنخفض.
وعلى نقيض حبيقة، فإن عجاقة يعتبر أن النزوح السوري الكثيف لم يؤثر في الاستهلاك بل أن هذا الإرتفاع برأيه هو نتيجة زيادة استهلاك اللبناني الذي ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يتخبط فيها لبنان، زاد في الوقت عينه توافد رؤوس أموال المُغتربين ما شكّل زيادة في القدرة الشرائية. وهذا ما يؤكده ارتفاع الودائع وإنحفاض الاستثمارات الخارجية المباشرة. أما عن سبب عدم رفع توقعات النمو في سنة 2014، فيرى عجاقة أن ضعف الاستثمار هو السبب وأنه وفي حال زاد هذا الاستثمار في الاشهر الثلاثة الأخيرة من هذه السنة فإن تداعياته الإيجابية لن تكون ملموسة على الاقتصاد قبل سنة 2016.
الى ذلك توقع صندوق النقد أن يزيد العجز في المالية العامة من 9.2% نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي في العام 2013 إلى 11.1% في سنة 2014 و12.0% في 2015. ورد صندوق النقد في تقريره الذي ورد في النشرة الأسبوعية لبنك عوده تراجع نسب المالية العامة الى ارتفاع أكبر في الإنفاق العام منه في الإيرادات العامة، كذلك أشار الى إن نسبة الإنفاق العام إلى الناتج المحلي الإجمالي سترتفع من 30.1% في 2013 إلى 32.0% في 2014 و33.8% في 2015.
ولكن عجاقة اعتبر أن السبب يعود إلى حجم الملفات الاجتماعية وخصوصاً سلسلة الرتب والرواتب والتي من المتوقع أن تزيد العجز العام، وتالياً سترفع الدين العام إلى ما يناهز الـ 70 مليار دولار في نهاية هذه السنة انطلاقا من أن النمو لم يعد يستوعب العجز الذي أصبح يتحول تلقائياً ديناً عاماً.
أما في ما يخص التضخم، فتوقع أن يتم احتواء معدلات التضخم في لبنان إذ ستبلغ 3.5% في 2014 و4.0% في 2015، بعدما كان التضخم مقدراً بـ3.2% في العام 2013. الا ان عجاقة قال أنه وفي حال أُقرّت السلسلة، فإن نسب التضخم لن تبقى على حالها وسنشهد نقلة هيكيلية في نسب التضخم تتجاوز الرقمين. ويعزو عجاقة هذه النقلة إلى أن كلفة السلسلة ستدفع نقداً وهذا الأمر سيتم إما من طريق الإستيدان أو عبر العملة بما سيشكل ضغطاً على الليرة، مشيرا الى أن هذا الأمر يُمكن التحقق منه عبر مراقبة ميزانية مصرف لبنان.