IMLebanon

كهرباء لأوروبا من شمس العرب: لبنان خارج اهتمام تحالف «ديزيرتك»

DESERTEC
كل الطرق تؤدي الى روما. المدينة التي كانت لقرون مركز الامبراطورية، التي غزت العالم، تتوق اليوم للبحث عن مصادر متجددة للطاقة. هي ليست المدينة الاوروبية الوحيدة التي تبحث عن مصادر بديلة للطاقة، برلين سبقتها الى هذا المعترك، فبادرت مجموعة من شركاتها الى تأسيس تحالف «ديزرتيك» بهدف استجرار الطاقة الشمسية من دول «الشرق الاوسط وشمال افريقيا» الى اوروبا، وما لبث هذا التحالف ان توسع ليضم العشرات من الشركات الاوروبية، قبل ان ينضم اليها اخيرا العملاق الصيني الباحث عن موطئ قدم لانتاج هذه الطاقة في القارة السمراء.

الدورة الخامسة لمؤتمر «ديزرتيك»، المنعقد في الشهر الماضي في روما، استقطب مشاركة عربية لافتة، ضمت ممثلين عن وزارات الطاقة في دول المغرب وتونس ومصر والجزائر والاردن، فيما غابت كل من ليبيا وسوريا والسعودية، وبقي لبنان خارج اهتمام الشركات العالمية المعنية بانشاء مراكز لتوليد الطاقة
الشمسية.
رُصد نحو 400 مليار يورو للمشروع، وهو يرمي الى انتاج طاقة كهربائية نظيفة في الصحراء بحلول عام 2015. وأوضح رئيس مشروع «ديزيرتك» بول فان سون أن الوعي والاهتمام بمشروع تحويل أشعة الشمس إلى طاقة كهربائية تزايدا في أنحاء شمال أفريقيا والشرق الأوسط. ولفت فان سون الى ان الوضع لم يكن مماثلاً قبل خمس سنوات حيث كان هناك عدد قليل من المشاريع في هذه المنطقة.
كلفة انتاج الطاقة
من الخلايا الضوئية تقل عن ١٠٠ يورو/ميغا واط ساعة

قال سون إن مشروعا مثل ديزيرتك يمكن أن يساعد على توفير فرص العمل في أنحاء المنطقة العربية وخاصة للشبان. وأعرب عن أمله في أن تتمكن «ديزيرتك» من مساعدة دول الشرق الأوسط على التقارب معا وإشاعة الاستقرار في المنطقة وتطوير صناعات جديدة.
يعول مدير قسم سياسات الطاقة في وزارة الطاقة الالمانية ثورستن هردن على الاهتمام المتزايد من قبل الحكومات والافراد بالطاقة الشمسية، مؤكداً ان الاستثمار في الطاقة الشمسية تجاوز مسألة البحث عن طاقة اضافية مساعدة، بل ثمة نقاش جدي بان تكون الطاقة البديلة ركيزة اساسية في انتاج الطاقة الوطنية وصولاً الى تصدير الفائض الى الخارج.
بدوره اعلن مدير مؤسسة الطاقة المتجددة في مصر محمد عطية ان بلاده تخطط لانتاج ٢٣٠٠ ميغاواط من الطاقة الشمسية و ٢٠٠٠ ميغاواط من طاقة الرياح في غضون العامين المقبلين. وتسعى تونس ايضاً الى انتاج الطاقة البديلة وفق خطة طموحة تصل الى ٣٠% من اجمالي انتاج الطاقة في البلاد في غضون عام ٢٠٣٠، بحسب ما اعلن خالد مقني المدير العام لهيئة مراقبة المشاريع العامة في تونس.

تأمين احتياجات اوروبا

بالاستناد الى خطة «ديزيرتك»، فان الهدف الاساسي للمشروع هو توليد ما يصل إلى 15% من احتياجات أوروبا من الكهرباء بحلول عام 2050 باستخدام مرايا لزيادة شدة أشعة الشمس لإنتاج بخار وتشغيل توربينات. وتقول «ديزيرتك»، في تقرير بعنوان «طاقة الصحراء: بدء العمل»، إن الصحراء تحصل على طاقة في ست ساعات أكثر مما يستهلكه سكان العالم في عام. ووفقا للمشروع ستجمع حقول من المرايا في الصحراء الممتدة داخل حدود دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا، لتوجيه الأشعة الشمسية التي يمكنها غلي الماء وتشغيل التوربينات لتزويد شبكة جديدة خالية من الكربون بالكهرباء، تربط بين أوروبا والمنطقة العربية.
ومن الممكن لمصادر الطاقة الكبيرة الحجم كمحطات تركيز الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المستمدة من الخلايا الكهروضوئية ان تعمل على توليد الكهرباء بتكلفة اقل كثيراً من تكلفة الطاقة التي يجري توليدها بمحطات تعمل بالنفط.
من الممكن للخلايا الضوئية في الوقت الحالي انتاج الطاقة بتكاليف تقل عن ١٠٠ يورو/ميغاواط ساعة، ومن ثم تصبح منافسة لتوربينات الغاز. علما ان محطات توليد الطاقة التي تعمل بالنفط تنتج الكهرباء بتكلفة ١٥٠ الى ٢٠٠ يورو / ميغاواط ساعة في الدول العربية. ولا تزال تلك المحطات تعمل الى الان في جميع انحاء المنطقة، وخصوصاً الاردن ولبنان وسوريا ومصر، لذلك من الممكن التحول الى الطاقة البديلة في هذه الدول للحد من الضغط على موازنة الدولة، لكن القرار بالتحول الى الطاقة البديلة لا يقتصر على العالم التقني فقط، بل يرتبط أيضا بعوامل معقدة ابرزها بنية العلاقات الاقليمية والدولية والقوى السياسية والدور الاقتصادي ومستوى المعيشة.

الهدف اللبناني

حدّدت الحكومة اللبنانية في بيانها الوزاري لعام 2009 ومن خلال الالتزام الذي قطعته في قمّة تغير المناخ كوبنهاغن، والذي جدّدت التأكيد عليه الورقة الخاصّة بسياسة الطاقة لعام 2010 الصادرة عن وزارة الطاقة والمياه، هدفًا يقوم على تأمين 12% من احتياجاتها الإجمالية من الطاقة، باستثناء النقل، من مصادر متجدّدة بحلول عام 2020.
تعد تغطية 12% من الطاقة المتجّددة وحّتى على صعيد إمدادات القطاع الكهربائي، هدفاً طموحاً للغاية، ولا سيما بالنسبة الى لبنان، الذي ما زال يحتاج إلى إنفاق أموال طائلة لإعادة تأهيل قطاع الكهرباء. استنادا الى الهدف المعلن، يجب تجهيز مصادر للطاقة المتجّددة قادرة على تزويد لبنان بنحو 2400 جيغاواط سنوياً، اي ما يعادل 206 الاف طن مكافئ النفط في حلول عام 2020، بافتراض أن يبلغ متوسط معّدل النمو السنوي للطلب على الطاقة 3%.
تمثل الطاقة المتجّددة ميزة هائلة، إذ إنها تساهم في حّل اثنتين من القضايا المثيرة للجدل، التي يواجهها قطاع الكهرباء في لبنان، أي أمن الطاقة وقبولّيتها. وُيعد نطاق التكنولوجيا المتاحة المتوخاة واسعاً للغاية، ويتضمن توربينات الرياح والألواح الضوئية وسخّانات المياه على الطاقة الشمسية وتحويل النفايات الى طاقة ومضخات الحرارة الجوفية.

حالياً هناك ما يقارب ٧٠ مشروعا تعمل على النظام الكهربائي الضوئي في لبنان، اخرها تلك التي يجري تركيبها حالياً فوق مجرى نهر بيروت. وتتنوّع النظم الكهربائية الضوئية بين نظم قدرتها 1,125 كيلوواط/ذروة، وأخرى قدرتها 2 كيلوواط/ذروة. وتستفيد هذه النظم من كون لبنان يتمتّع بطقس مشمس لثلاثمئة يوم في السنة على الأقلّ، ممّا يسمح بتحقيق وفورات مهمّة قد تصل إلى 60-65% على صعيد استخدام المازوت. وهناك العديد من المشاريع الصغيرة التي تعمل على الأنظمة الكهربائية الضوئية، تراوح قدرتها بين واحدكيلوواط/ذروة و3 كيلوواط/ذروة، اضافة الى تجهيزات تسخين المياه بالطاقة الشمسية.