IMLebanon

تداعيات النزوح السوري هاجس مشترك بين أصحاب العمل والعمال

syrian-refugees-in-lebanon
ألفونس ديب
في جو يعكس دقة المرحلة وصعوبتها على مختلف المستويات، أجمعت أطراف الانتاج خلال اجتماع لجنة الحوار المستدام امس برئاسة وزير العمل سجعان قزي، على ضرورة استمرار الحوار بين الدولة وأصحاب العمل والعمال، وصولاً الى توصيات عملية حول مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية. الا أن ملف النازحين السوريين، شكل الهاجس الاكبر والمشترك للمجتمعين، انطلاقاً من تداعياته الكبيرة على اليد العاملة اللبنانية والمؤسسات الخاصة.

اللجنة التي ابتعدت عن مناقشة ملف الاجور باعتباره من اختصاص لجنة المؤشر، ركزت على ضرورة ان تقوم الدولة بواجباتها لجهة زيادة التقديمات الاجتماعية للتخفيف من الأعباء على مداخيل الاسر.

قزي

وتعليقاً على اهمية اللقاء امس، قال قزي لـ«المستقبل»: «للمرة الاولى يصدر عن اجتماع لجنة الحوار المستدام توصيات، وهذا امر في غاية الاهمية، خصوصاً ان اللقاء بين ارباب العمل والعمال يأتي بعد جمود الحوار والخلافات حول ملف سلسلة الرتب والرواتب، وفي مناخ يسوده الشلل العام ليعطي فسحة امل لاستمرار الحوار الاقتصادي والاجتماعي في ظل تعطّل الحوار السياسي». وشدد على اهمية الاجتماع بين اطراف الانتاج وان كان غير مخول باصدار قرارات تأخذ طريقها الى التنفيذ، «لكن الحوار القائم ينتج عنه أفكار ويضع مشاريع حلول ويرسم رؤية اقتصادية واجتماعية واضحة، تكون جاهزة للاقرار عندما ينضج الجو السياسي والمالي في البلاد».

واعتبر قزي أن لجنة الحوار المستدام هي المساحة الوحيدة للالتقاء بين اطراف الانتاج بعد تعطل المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وبعد خوف الدولة وترددها عن جمع الاطراف المعنية بسلسلة الرتب والرواتب». واكد ان «جمع اطراف الانتاج في هذه المرحلة مهم جداً خصوصاً ان القطاعات الاقتصادية والعمالية تشهد منافسة حادة من النازحين السوريين ان كان على مستوى العمال او المؤسسات الخاصة».

شماس

رئيس جمعية تجار بيروت، نقولا شماس، قال من جهته لـ«المستقبل» ان «الاجتماع كان ايجابياً»، لافتاً الى انه حرص على ابقاء الحوار في اطاره، ورفض البحث في موضوع الاجور كما طرح الاتحاد العمالي العام «لان هذا الموضوع يتم في لجنة المؤشر، والا فليتم الغاء هذه اللجنة لحساب لجنة المؤشر، وانطلاقاً من ذلك تم ترحيل ملف الاجور الى لجنة المؤشر». اضاف «كذلك طرح أحد مندوبي الوزارات المشاركة في الاجتماع موضوع سلسلة الرتب والرواتب، فاعترضت على ذلك مشدداً على ان لجنة الحوار المستدام تعنى بالقطاع الخاص وليس لها علاقة بالقطاع العام». واشار الى «توافق الجميع حول الموقف الذي صدر بإجماع مجلس الوزراء لجهة عدم امكان تحمل لبنان هذا الكم من النازحين السوريين»، لافتاً الى ان الحفاظ على القوى العاملة اللبنانية هو موضوع اساسي ومحط اهتمام من قبل الجميع.

وسجل شماس للاتحاد العمالي انه بدأ يقر بأن دعم القدرة الشرائية لا يتعلّق بموضوع الأجور فحسب، انما أيضاً من خلال خفض الضرائب والرسوم وتحسين خدمات الدولة، مشيراً الى ان «مصادر الغلاء ناتجة عن تقاعس الدولة عن القيام بواجباتها».

وعن انعقاد لجنة المؤشر، قال شماس: «لا حديث عن لجنة المؤشر، والجميع يدرك صعوبة الاوضاع».

غصن

بدوره، وصف رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن، الاجتماع بـ«الايجابي خصوصاً ان الدور الذي تلعبه لجنة الحوار المستدام بات ضرورة نتيجة الخلافات الحادة التي حصلت بين اصحاب العمل والعمال قبل اقرار غلاء الاجور الاخير حول الكثير من الامور». اضاف «من هنا ركزنا على موضوع زيادة التقديمات الاجتماعية التي تقع مسؤوليتها على الدولة مثل انشاء شبكة نقل عام ووضع سياسة اسكانية وتحسين خدمات الاستشفاء والطبابة ودعم المدرسة الرسمية وزيادة تقديمات الضمان وتوسيعها وغير ذلك»، مؤكداً ان «كل هذه القضايا هي من مسؤولية الدولة، وعليها واجبات تجاه المواطنين يجب القيام بها».

ولفت الى انه تم الاتفاق على عقد الاجتماع بصورة دورية على ان تكون الاجتماعات المقبلة مخصصة لمناقشة هذه المواضيع التي اتفق عليها بحسب اولويتها، مرجحاً ان «يكون ملف النازحين السوريين وانعكاساته على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي له الاولوية في الاجتماع المقبل».

بكداش

نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش قال لـ«المستقبل» ان «التركيز كان على ضرورة استمرار الحوار». واشار الى انه شدد على «ضرورة فتح صفحة من الحوار بين جمعية الصناعيين اللبنانيين والاتحاد العمالي العام حول القضايا العمالية لا سيما ملف الاجور واستبدال العمال اللبنانيين، خصوصاً ان القطاع الصناعي يعتبر أكبر مشغل لليد العاملة». وشدد في هذا السياق على ضرورة ان يتوقف العامل اللبناني عن رفض بعض الوظائف. وقال: «لم يعد مقبولاً القول إن «هناك عملاً معيباً»، مشيراً الى وجود 3 انواع من الاعمال وجميعها تشغّل من غير اللبنانيين، لا سيما لدى سوكلين ومحطات الوقود والمنازل». ودعا بكداش خلال الاجتماع الى ضرورة عدم البحث في موضوع زيادة الاجور من جانب غلاء الاسعار فقط، «انما يجب دراسته بشكل علمي انطلاقاً من اثره في زيادة البطالة».

التوصيات

اثر الاجتماع، أصدرت اللجنة بياناً تضمن التوصيات الآتية:

«- يناشد المجتمعون كل القوى السياسية والنيابية الاسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية حرصاً على انتظام عمل الدولة ونظراً لانعكاس هذا الانتظام على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي.

يحرص المجتمعون على تأكيد عزمهم على مواصلة الحوار في ما بينهم، في جو يسوده التضامن الاجتماعي والحس الانساني، بحيث يشعر أرباب العمل بحاجة القوى العاملة، وتقدر القوى العاملة من ناحيتها الوضع الاقتصادي في البلاد.

يشكر المجتمعون وزير العمل على مواصلة دعوة اللجنة الى عقد اجتماعاتها، ويؤكدون التزامهم عمل هذه اللجنة بمشاركتهم الفعالة، لكونها تشكل مساحة حوار بين مختلف أطراف الانتاج في لبنان.

يطالب المجتمعون بتفعيل عمل المجلس الاقتصادي الاجتماعي وتوفير الإمكانات لانطلاقة جديدة لإدارته واعضائه، ولا سيما أن هذا المجلس هو احد قرارات اتفاق الطائف.

يشدد المجتمعون على ضرورة توسيع تغطية الضمان الاجتماعي لتشمل شرائح جديدة، مثمنين التوصيات التي صدرت عن خلوة الضمان التي انعقدت في 8 آب الماضي و9 منه، ويتمنون أن تنطلق مؤسسة الضمان كمجلس ادارة ومديرية عامة في زخم جديد وتكون بمستوى التحديات.

يؤكد المجتمعون أن أحد الاسباب الرئيسية للازمة المعيشية في لبنان يعود لتقصير الدولة عن تقديم الخدمات الاساسية للمواطنين كالكهرباء والمياه ووسائل النقل والطرقات والبيئة النظيفة مما يدفع المواطنين الى تكبد اعباء اضافية.

يشدد المجتمعون على ضرورة حماية اليد العاملة اللبنانية في ظل الاوضاع المتردية في البلاد وارتفاع نسبة البطالة، ولا سيما بين الشباب والشابات، ويدعمون سياسة وزارة العمل في هذا الاطار، ومضمون الاستراتيجية الحكومية التي صدرت عن مجلس الوزراء في نهاية تشرين الاول الماضي في ما خص النزوح السوري الذي يعتبرونه خطراً، لا على القوى العاملة اللبنانية فحسب بل على أرباب العمل أيضاً في مختلف القطاعات».