IMLebanon

«الطاقة» تقترحُ محطة عائمة للغاز المسال في البداوي والحكومة تتريث

MinistryEnergyWater
رائد الخطيب
عام 1995، طرح الرئيس الشهيد رفيق الحريري اقتراحا لتشييد موقع لاستقبال وتفريغ وتخزين الغاز الطبيعي المسال (LNG) من ضمن خطة كهربائية شاملة. وفي 2010، أقر مجلس الوزراء برئاسة الرئيس سعد الحريري ورقة قطاع الكهرباء ووافق على منح وزارة الطاقة اعتمادا بقيمة 600 الف دولار لاستكمال الدراسات حول جدوى الاستثمار في قطاع الغاز الطبيعي المسال.

هذا المشروع اعيد تفعيله أخيرا. ففي الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء الاسبوع الماضي، طرحت وزارة الطاقة والمياه مشروعا ذا شقين طالبت فيه الحكومة بالموافقة على استدراج عروض لتلزيم انشاء محطة عائمة لتخزين وتغويز الغاز الطبيعي المسال (LNG) حدد الاستشاري الدولي «Poten & Partners« موقعها الأفضل لناحية التكلفة المادية والجدوى الاقتصادية في منطقة البداوي شمالا يليه من حيث الأهمية الزهراني فسلعاتا، والبدء بالتفاوض مع الشركات الدولية المؤهلة لتوريد الغاز المسال وصولا إلى المورد الأفضل والأدنى سعراً.

هذا العرض الذي هو وليد ورقة سياسة قطاع الكهرباء التي طرحت خلال العام 2010 ابان حكومة الرئيس سعد الحريري، هو في الحقيقة اقتراح كان قدمه الرئيس الشهيد رفيق الحريري في منتصف التسعينات.

في المعلومات ان مجلس الوزراء آثر تأجيل هذا المشروع الذي اعترضت عليه وزارة البيئة وابدت العديد من الملاحظات، وهو ما يعني أن ثمّة تأخيرا بانتظار رد وزارة الطاقة. هذا بالاضافة طبعا الى «فائض» الملفات الموجودة على طاولة الحكومة.

على أي حالٍ، فإنَّ فكرة المشروع الذي حصلت عليه «المستقبل» تقوم على دراسة وتركيب منظومة بنى تحتية لامداد لبنان بالغاز وتوزيعه من خلال مرفق بري في البداوي طبيعي ومرفق بحري آخر للغاز السائل، وربطهما ببعضهما مع كافة معامل الانتاج، من تغذية مرنة ومستمرة للغاز الطبيعي. أما الغاية فهي تحويل وتركيب معظم معامل الانتاج على الغاز تدريجاً، مع تنويع مصادر الاستيراد عبر عقود، واستكمال دراسة الجدوى واطلاق بناء محطة الغاز السائل (LNG) في سلعاتا أو الزهراني حيث سيتم اختيار الموقع على أساس النتائج. وبالتالي، بناء خطوط غاز على طول الساحل اللبناني (البرية بمعظمها والبحرية حيث يلزم) لتغذي كل من البداوي حتى صور. وستستعمل هذه الخطوط للقطاع الصناعي ولتوزيع الغاز العازل (City Gaz) وللآليات السيارة التي تعمل على الغاز.

وبحسب ما جاء في العرض المقدم، فإن كتاب وزارة الطاقة والمياه تاريخ 19/5/2014، يفيد بأن الاستشاري الدولي Poten& Partners المكلف من قبل مجلس الانماء والاعمار، وبتمويل من البنك الدولي، وضع تقريراً تضمن قسمين رئيسيين:

القسم الأول:

في استدراج العروض لتلزيم انشاء محطة عائمة لتخزين وتغويز الغاز الطبيعي المسال Floating Storage and Regasification Unit FSRU والنتائج المتأتية عنها، حيث أن تقرير شركة الاستشارات الدولية Poten&Partners يخلص الى أنَّ تشغيل كافة معامل انتاج الطاقة الكهربائية على الغاز الطبيعي بدلاً من الفيول والغاز اويل من شأنه ان يحقق وفراً كبيراً في انتاج الطاقة يتعدى المليار دولار سنوياً، وان تشييد محطة عائمة لتخزين وتغويز الغاز الطبيعي FSRU هو افضل من تشييد محطة برية وأقل تكلفة.

ويلفت تقرير الشركة الاستشارية الى أنها درست مواقع عدة محتملة، لتشييد المحطة العائمة قبالة الساحل اللبناني. وخلص الى اعتبار الشاطئ قبالة البداوي (في الحرم البحري لمنشآت النفط في طرابلس- شمال لبنان) بمثابة الموقع الأفضل لناحية التكلفة المادية والجدوى الاقتصادية ولكونه محمي طبيعياً من الرياح والأمواج، مما لا يستلزم بناء صادم للأمواج، ويلي موقع البداوي من حيث الأهمية موقع الزهراني (في الحرم البحري لمنشآت النفط في الزهراني-لبنان الجنوبي) وموقع سلعاتا، واللذان يستلزمان بناء صادم للأمواج، بتكلفة تقدر ما بين 40 مليون دولار الى 50 مليونا، لكل منهما تكون بالكامل على نفقة الدولة وحدها.

كما يلفت الاستشاري الى أنّهُ أعدَّ دراسة تمهيدية للاثر البيئي للمواقع الثلاث المحتملة لانشاء المحطة FSRU على ان تقوم الشركة المنفذة للمشروع، باعداد دراسة تفصيلية للاثر البيئي قبل البدء بأي أعمال انشائية في موقع المحطة وعلى ان تستحصل على موافقة وزارة البيئة تماشياً مع الأنظمة والقوانين اللبنانية المرعية الاجراء.

أما بشأن التحضيرات لاطلاق مشروع استدراج العروض، وبحسب العرض، تم تشكيل فريق عمل من قبل مندوبين عن كل من رئاسة مجلس الوزراء، ووزارة البيئة، ووزارة المالية، ووزارة الطاقة والمياه، اضافة الى مندوب من مجلس الانماء والاعمار بغية مساعدة الاستشاري الدولي المذكور ليكون المشروع مطابقاً مع القوانين اللبنانية المرعية الاجراء والمقاييس الدولية المعتمدة. حيث اقترح وزير البيئة وجوب اعتماد أي من المعايير والمقاييس الدولية التالية: سواء تلك الصادرة عن البنك الدولي او الصادرة عن وكالة حماية البيئة الأميركية او اعتماد معايير الاتحاد الأوروبي التي تنطبق على مشاريع مماثلة. كما تم البحث مع مندوبي وزارة المالية بكافة الضرائب والرسوم التي تنطبق على المشروع، وقد نص دفتر الشروط على الزامية التقيد بها من قبل المتعهد.

وبناء على اقتراح الاستشاري، تم بتاريخ 21/3/2013 انشاء وحدة متخصصة للغاز الطبيعي المسال لمتابعة وادارة المشروع ضمن هيكلية منشآت النفط في طرابلس والزهراني. كما تعاقد البنك الدولي مع استشاريين اخصائيين بهدف تزويد الوحدة المذكورة اعلاه بالكفاءات في مجالات الهندسة والبيئة والمحاسبة والقانون، بغية مؤازرة الوحدة في عملها. وقد تم اعداد دفتر الشروط لاستدراج العروض، لتشييد المحطة بما يتناسب مع المعايير الدولية والقوانين اللبنانية المرعية الاجراء.

وبتاريخ 15/4/2013، تم اطلاق مشروع استدراج العروض لانشاء المحطة العائمة FSRU وقد تقدمت 13 شركة بعروضها بعد تزويدها بدفتر الشروط واعطائها مهلة زمنية للتقدم بعروضها. وخلص تقرير الاستشاري الدولي الى اعتبار ان العرض المقدم من قبل شركة BUILDUM VENTURES/BE/GAS/WARTSILA لتشييد محطة عائمة لتخزين وتغويز العاز الطبيعي المسال بقدرة تخزينية قدرها 170 الف متر مكعب وبتقنية الـ SINGLE BERTH هو الافضل والأقل تكلفة على لبنان، علما ان الوقت المتوقع لبدء عمل المحطة العائمة FSRU لشركة BUILDUM VENTURES/BW GAS هو الرابع من حزيران 2015.

ويشير التقرير الى العرض البديل المقدم من قبل شركة BUILDUM VENTURES/BW GAS WARTSLA لتشييد محطة عائمة لتخزين وتغويز الغاز الطبيعي المسال بقدرة تخزين قدرها 170 الف متر مكعب لكن بتقنية الـ Double Berth بفارق قدره 83,190,31 دولارا عن عرضه السابق محسوباً على أساس كامل مدة العقد.

أمّا في ما يتعلق بمقدار الوفر المتوقع الناتج عن استخدام الغاز الطبيعي، فيشير التقرير الى أنَّ الأسعار الدنيا التي تم الاستحصال عليها، مضافاً إليها أسعار الغاز الطبيعي المسال من الشركات الموردة للـLNG ، تراوحت بين 12,75 دولارا و14,55 دولارا مقارنة مع السعر الحالي لإنتاج الطاقة الكهربائية في لبنان البالغ 22,16 دولارا (على أساس سعر برميل النفط البالغ مئة دولار)، ومن شأنها أن تحقق وفراً كبيراً سنوياً على خزينة الدولة اللبناني.

بالإضافة إلى أن تشغيل معامل الطاقة على الغاز الطبيعي يسهم في:

أ – الكفاءة الانتاجية لإنتاج الطاقة الكهربائية بنسبة 5 في المئة الى 7 في المئة (أي ما يقارب الـ100 ميغاوات أي بوفر إضافي نحو 153 مليون دولار وفقاً للسعر الحالي).

ب – تقليل نسبة الانبعاثات الغازية السامة بما يقارب الـ40 في المئة مقارنة بالوضع الحالي.

ج – خفض عامل الصيانة الدورية للمعامل.

أمّا بشأن تغطية نفقات المشروع، فيشير عرض وزارة الطاقة، الى عدم تحمل الدولة، إطلاقاً لأي أعباء مادية ناجمة عن تشييد المحطة المذكورة والتي تتضمن الباخرة، المرسى، البنى التحتية، التشغيل، الصيانة…. كون الدولة ستستأجر خدمات المحطة العائمة عبر إضافة رسم يحدد بحسب الكمية المنوي تغويزها. علما ان مقدار الوفر الذي ينجم في سنة واحدة يكفي لتغطية تكلفة عقد الـFSRU طوال مدة الـ12 سنة بأكملها فضلاً عن تغطية تكلفة إنشاء خط الغاز الساحلي المقدرة بـ456 مليون دولار، وذلك من مقدار الوفر المحقق بنتيجة استخدام الغاز الطبيعي لإنتاج الطاقة الكهربائية فقط بخلال 156 يوماً.

القسم الثاني:

يتناول هذا القسم استيراد الغاز الطبيعي المسال والتعاقد مع مورد دولي لشرائه، اذ خلص تقرير الاستشاري الدولي Poten & Partners إلى استبقاء فقط ست شركات من أصلها وهي (BP, Cheniere, Gas Natural, Shell, Total, Gazprom) وذلك بناء على المعلومات المقدمة من قبلها، لناحية مصادر وجودة الغاز الطبيعي، والتزامها بتأمين الغاز تزامناً مع الانتهاء من عملية تشييد المحطة العائمة، وتوفر الكميات المطلوبة مع الزيادة المحتملة في السنوات المقبلة طيلة مدة المشروع فضلاً عن تركيبة الأسعار المقترحة من قبلها والتي أتت بين 12,75 دولارا و14,55 دولارا، وإن الوزارة وبالتعاون مع الاستشاري الدولي، بصدد البدء بعملية التفاوض مع الشركات الست المستبقاة، ليصار بعدها إلى اختيار اثنتين منها ليتم من بعدها اعتماد مورد واحد.

وتقترحُ الوزارة في هذا الصدد، البدء بالتفاوض مع الشركات المؤهلة بصورة جدية للوصول إلى المورد الأفضل والأدنى سعراً، على أن يتم اطلاع مجلس الوزراء بالنتائج تباعاً وصولاً إلى إبرام مسودة اتفاقية لتوريد الغاز الطبيعي المسال للبنان. وكانت وزارة الطاقة قد أصدرت كتاباً رقمهُ 138/27 تاريخ 25/6/2014 أفادت فيه، أنها قررت فتح المجال أمام كافة الشركات المؤهلة والراغبة بالدخول في المفاوضات عوضاً عن حصرها بست شركات فقط.

ويشار الى أنَّ العرض المقدّم، تضمن ملاحظات وزارة البيئة، التي تحفظت على هذا المشروع، نظراً لمحاذير التي قد تنتج عنه حتى الاجابة على تساؤلاتها، وتقديم الاثر البيئي المفصلة للموقع المنوي تركيز المحطة العائمة فيه. وترى وزارة البيئة ان الوقت المتوقع لبدء عمل المحطة العائمة لشركة BW Gas/Buildum هو 4 حزيران 2015، وأي تأخير في الحصول على مشتريات أو أذونات بدء العمل سيؤثر على أعمال أخرى، وبالتالي هنالك مخاطر جمة يجب الانتباه لها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، «ماذا سيحصل لو وصلت كميات الغاز الطبيعي المطلوبة وكانت المحطة العائمة غير منشأة أو غير حاضرة لاستقبال الغاز؟

وكانت وزارة الطاقة اقترحت تشكيل لجنة وزارية مشتركة، تضم ممثلين عن رئيس مجلس الوزراء وعن وزارات: الطاقة والمالية والبيئة، ومن يرى رئيس الحكومة مناسباً لدرس الملف وتقويمه من نواحيه كافة وبالاشتراك مع الاستشاري poten and partners، للتوصل الى الى رأي مشترك يسهل على مجلس الوزراء تقرير المناسب بما يؤمن وفراً ومردوداً كبيراً على الخزينة العامة.