IMLebanon

الفيل الهندي يطير لمنافسة النمر الصيني بالتصنيع

IndiaChina

جيمس كرابتري

في الوقت الذي يفكر فيه رئيس الوزراء ناريندرا مودي ملياً في قراراته للعام الجديد، هناك قرار يحتل مكانا بارزا: مضاعفة جهود الهند لمنافسة الصين من خلال التحوّل إلى مركز تصنيع عالمي، فإن هناك قليلاً من الأهداف تتمتع بنفس الأهمية لمستقبل بلاده، لكن ليس هناك عدد كبير من الأهداف التي يرجح لها أن تكون أصعب من حيث تحقيقها.

ضعف قطاع التصنيع في الهند موثّق جيداً. القطاع، الذي يمثّل 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، هو أقل من نصف حجم قطاع الصين.

لا يوجد أي بلد آسيوي فقير ارتفع إلى مكانة الدول ذات الدخل المتوسط من خلال الأرقام الضعيفة التي من هذا القبيل – من هنا تأتي الحاجة المُلحّة وراء حملة مودي “صُنع في الهند” التي تم إطلاقها وسط الكثير من الهرج والمرج في شهر أيلول (سبتمبر).

الهند تتفوّق في بعض الصناعات ذات التكنولوجيا العالية. كما أن الشركات أمثال فورد وهيونداي تدير مصانع محلية على مستوى عالمي، والمليئة بالروبوتات الطنّانة.

كثير من شركات صناعة السيارات العالمية ترى الهند كقاعدة تصدير مهمة، لكن أداء الصناعات كثيفة العمالة ذات المهارة المنخفضة مثل تصنيع الملابس والإلكترونيات ليس جيدا إلى حد كبير، الأمر الذي يُسبب الخوف في بلاد يجب أن تخلق 12 مليون فرصة عمل جديدة سنوياً حتى عام 2030، لتلبية التضخم السكاني الذي يلوح في الأفق.

ليس هناك عدد كبير من الشركات التي تقوم بتجسيد هذه المخاوف بقدر شركة نوكيا. حتى العام الماضي، كانت مجموعة التكنولوجيا الفنلندية تقوم بإدارة مصنع كبير حديث جداً في تشيناي، حيث كان يوظف نحو ثمانية آلاف عامل وتصدير المنتجات على الصعيد العالمي.

وقد تم بناء سلسلة توريد محلية حول المصنع، الأمر الذي اجتذب أمثال شركة صناعة الهاتف الذكي الصينية فوكسكون، لكن هذا كان قبل قيام سلطات الإيرادات في الهند بالاهتمام بالموضوع.

اثنتان من المطالبات الضريبة المُتنازع عليها أدتا إلى إلغاء الخطط لنقل المصنع إلى شركة مايكروسوف كجزء من صفقة عالمية. الآن من المقرر أن يتم بيع أو إغلاق المصنع، الأمر الذي يعرض للخطر العمال والموردين على حد سواء.

الأسوأ من ذلك، يبدو أن الشركات الأخرى لصناعة الهواتف من غير المرجح أن تقتفي المسار الذي فشلت شركة نوكيا. على الرغم من الطلب المحلي المرتفع، إلا أن الشركات المحلية مثل مايكروماكس تعتمد تقريباً حصرياً على الموردين الصينيين.

تعتزم شركة تشياومي الصينية بناء مختبر أبحاث في بنجالور في محاولتها للنمو في الهند، لكن بدون أي إنتاج محلي حتى عام 2016 على الأقل. وفي الوقت الذي تسعى فيه الهند للنجاح في قطاع التصنيع، فإن المنتجات ذات العمالة المكثّفة، مثل الهواتف الخلوية، يفترض أن تكون مثالية لهذا الغرض. بدلاً من ذلك، حذّرت المجموعات الصناعية من أن صادرات الهواتف قد تنخفض إلى صفر في العام المقبل.

إن إحداث انقلاب في الاتجاهات التي من هذا القبيل سيكون أمراً صعباً، وهو ما يجعل التقدّم المحدود لحملة “صُنع في الهند” الجديرة بالثناء خلاف ذلك مُحزنا جداً. غالباً ما يتم تكرار هذه العبارة من قِبل الصناعيين المتملقين، لكنها دفعت إلى تغيرات ضئيلة في السياسة. أرون شوري، الوزير السابق في حزب مودي، ندب الشهر الماضي قائلاً: “في نهاية المطاف، الأقوال أكثر من الأفعال في هذا المجال”.

يعترف خبير الاقتصاد أرفيند باناجاريا بأن نقص التفاصيل هذا هو أمر مُخيب للآمال، لكنه يقول إن التصنيع القائم على التصدير لا يزال الأمل الاقتصادي الأفضل بالنسبة للهند.

ويجادل بأن عبارة “صُنع في الهند” ينبغي أن تُفهم على أنها وسيلة لتوضيح الحاجة إلى إجراء إصلاحات بعيدة المدى، مثل إلغاء قوانين العمل البالية وقوانين الاستحواذ على الأراضي، التي عفا عليها الزمن. هذا أمر معقول تماماً، لكنه أيضاً يعمل على أن يجعل المرء يتبصر بالواقع الفعلي، فهو يُشير إلى أن هناك حاجة إلى التغيرات البطولية بعيدة المنال في كل أنحاء اقتصاد الهند قبل أن تتحقق طموحاتها في مجال التصنيع.

الأسوأ من ذلك، طبيعة التصنيع الآسيوي تتغير بطرق تجعل مهمة الهند تحتاج إلى قدر أكبر من الحذق والمهارة. العمالة الرخيصة لا تزال ميزة، لكن العوامل مثل الخدمات اللوجستية وتكاليف الطاقة تزداد أهمية في إقناع الشركات العالمية للانتقال – وهما مجالان تعاني فيهما الهند. حتى شركات التصنيع التي تواجه ارتفاع فاتورة الأجور في الصين، لا تُظهر علامات تذكر على الانتقال إلى الهند بشكل جماعي.

ثم هناك المشكلة البسيطة المتعلقة بالطلب. كما أوضح راجورام راجان، مُحافظ البنك الاحتياطي الهندي، في الخطاب الذي ألقاه هذا الشهر، مُحذّراً من التهرب من الرسوم الجمركية لصالح القطاعات المفضّلة تحت عباءة الخطاب المؤيد للتصنيع: “العالم ككل من غير المرجح أن يكون قادراً على استيعاب دولة أخرى قائمة على التصدير مثل الصين”.

هذا لا يعني أن التقدّم مستحيل. تحتل الهند المرتبة الثانية بعد إندونيسيا فقط ضمن تحليل حديث لتكاليف التصنيع في 25 دولة مُصدّرة أجرته المجموعة الاستشارية BCG. بشكل معاكس، فإن حواجزها التي لا تُعد ولا تُحصى في مجال التصنيع ينبغي أن تجعل من الممكن إزالة على الأقل بعض تلك النفقات، بما في ذلك النظام الضريبي المُفرط في الحماس، الذي ألحق الضرر بشركة نوكيا.

مع ذلك، الاحتمالات بأن الهند يُمكنها تحويل نفسها إلى قوة تصدير على غرار الصين هي احتمالات ضعيفة، لكن مجرد قطع جزء من هذه المسافة من شأنه توفير دفعة حاسمة في تقدّم البلاد.

وفي الوقت الذي يتدبر فيه مودي أولوياته لعام 2015، ربما يتأمل في القرار الذي يتحقق بصورة جزئية، هو أفضل من القرار الذي لا يتم اتخاذه على الإطلاق.