IMLebanon

مشروع “الضريبة الموحّدة” على الدخل أبصر النور في 2004 ,إقراره لا يقلّ أهمية عن معركة الفساد

MinistryFinance
سلوى بعلبكي

عندما أعلن وزير المال السابق الرئيس فؤاد السنيورة بتاريخ 2 تموز 2004 أنّ وزارة المال انتهت من اعداد مشروع قانون الضريبة الموحدة للدخل الذي سيكون بديلا عن قانون ضريبة الدخل الحالي بغية تحقيق العدالة الضريبيّة، استبشر المكلفون خيرا بأن المشروع سيطبّق بدءا من عام 2005. وعندما ارسلت وزيرة المال السابقة ريّا الحسن نسخة عن المشروع عينه الى الهيئات الاقتصادية والنقابيّة ضمن الفصل الأخير من العام 2010 لإبداء الرأي فيه كي يتم اقراره بالسرعة، تجدد الأمل في أن يبصر المشروع النور مع بداية العام 2011. وعندما تسلم الوزير الحالي علي حسن خليل تجدد الأمل بإقراره عبر تأكيده أنه مع ضرورة تطبيق العدالة الضريبيّة والضريبة التصاعديّة على الدخل.
فما هي أهمية هذا المشروع وما هي ابرز بنوده؟ الباحث في الشؤون الضريبية جمال القعقور تطرق الى نقاط عدة تتعلق بمشروع القانون بإيجابياته وسلبياته وهي مفصلة كالآتي:
■ يتضمن المشروع نقاطا ايجابية كثيرة مثل توحيد الضريبة على الدخل واقرار الضريبة التصاعدية، بما يتماشى مع الاقترحات التي طالب بها الكثير من الخبراء الاقتصاديين والباحثين في الشؤون الضريبية.
■ تأخرنا كثيرا في اقرار هذا القانون، ولو تم اقراره منذ 2004 لكنا تجنبنا الكثير من الخسائر والاضرار الماليّة والاقتصاديّة. فالمعنيون بالقرارات الماليّة الضريبية حاولوا تجنّب اقرار الضريبة التصاعدية على الدخل، على رغم أنّهم نادوا بها انشائيّا من أجل المحافظة على مصالحهم، وكي يتهربوا بالقانون الحالي من دفع الضريبة الفعليّة المفروض دفعها من قبلهم كبقية الدول التي يحترم الحكام شعوبهم.
■ على رغم مطالبة البنك الدولي ومنذ 2004 بضرورة توزيع العبء الضريبي على كل فئات المجتمع، وعلى رغم مطالبة غالبية الخبراء الاقتصاديين (باستثناء بعض الخبراء المرتبطين سياسيا وماليا مع أصحاب رؤوس الأموال السياسيين والاقتصاديين) فان الغالبية طالبت باقرار الضريبة التصاعدية على الدخل. كذلك فإن باحثين في الشؤون الضريبية حللوا بالارقام وأثبتوا نتائج السياسات المالية والضريبية التي طبّقت ولا تزال تطبّق حتى اليوم. إذ كشفوا أن السياسات الضريبية في لبنان تفتقر الى أسس وابعاد اقتصادية واجتماعية واضحة، حيال جعل النظام الضريبي اكثر عدالة على الصعيد الاجتماعي وأكثر فعالية على الصعيد الاقتصادي، بما أدى الى اتساع التفاوت الاجتماعي وعدم تحقيق اي زيادات مهمة في الاستثمارات المنتجة.
■ على رغم الضريبة على الاستهلاك قد تجاوزت نسبة 60%، الأمر الذي ألحق الضرر بالقوة الشرائية للفئات المحدودة الدخل التي تنفق من دخلها على الاستهلاك حصة أكبر من تلك التي تنفقها الطبقات الغنيّة، وعلى الرغم من عدم المساواة في النظام الضريبي، فاننا قد سمعنا قولا عجبا من زعيم سياسي سابق طالب بالغاء الضريبة على الدخل وتطبيق فقط الضريبة على الاستهلاك، كما لمسنا اجراء غير مستغرب من وزير سابق ومهندس السياسات المالية والضريبية منذ العام 1993 الذي خفّض الضريبة على الدخل ليجعل لبنان جنّة ضريبيّة تستقطب المستثمرين من الخارج، وتناسى بأن المستثمر يحتاج الى سوق فيه قوّة شرائيّة عمادها المواطنين من كل الفئات، وأنّ القوة الشرائية للطبقة المحدودة الدخل قد تم اعدامها مسبقا من السياسات التي مارسها ومن خلال سياسات تجميد الاجور سنوات وعدم اقرار زيادتها سنويا نسبة للتضخم، أي بنسب بسيطة لا تؤثر سلبا على السوق، وبالتالي هرب المستثمر الموجود ولم يتم استقطاب المستثمر من الخارج وحصدنا نتائج اقتصاديّة بالية.
■ ان أهم ثغرة لا بل القطبة المخفيّة في مشروع قانون الضريبة الموحّدة على الدخل هو ما ورد ضمن المادة 50 التي حافظت على نسبة ثابتة للضريبة على ايرادات رؤوس الأموال المنقولة في محاولة للتهرب مجددا من الضريبة التصاعدية على مداخيل رؤوس الأموال، واقترح تاليا تصويب هذه المادة ليتم اقرارها كالآتي:
أ – فرض ضريبة 7% على الفوائد: على جميع الاشخاص الطبيعيين والمعنويين غير المقيمين في لبنان، وجميع الاشخاص المعنويين المقيمين في لبنان.
ب – تطبيق احكام المادتين 56 و 57 (أي الضريبة التصاعديّة) من هذا القانون على ايرادات الفوائد لجميع الاشخاص الطبيعيين المقيمين في لبنان.
■ كذلك يجب الغاء البند (و) ضمن المادة 51 والمتعلق باعفاء أرباح ألعاب الحظ من الضريبة، لأنه لا مبرر اقتصادي أو اجتماعي لهذا الاعفاء.
■ على وزارة المال أن تعدّل مشروع القانون هذا بعد الأخذ في الاعتبار اقتراحات نقابة المحاسبين المجازين والتي تضمنت اقتراحات شملت نقاط قانونية واجرائية وفنيّة يجب تصويبها واضافتها على المشروع.
أمام هذا الواقع، طالب القعقور وزير المال باعطاء الموضوع أهمية وارسال المشروع الى مجلس الوزراء لإقراره، لانّه لا يقل أهمية عن معركة الفساد في الجمارك ولا عن مشروع الموازنة الذي تأخر اقراره ايضا.