IMLebanon

قانون الإيجارات غير قابل للتطبيق!

RealEstateLebanon2
عدنان حمدان

برغم مرور ما يقارب الشهرين على الموعد المفترض لنفاذ قانون الإيجارات الجديد، وبرغم استمرار محاولات تنفيذ القانون الذي أبطل «المجلس الدستوري» آليته التنفيذية، التي تواجه برفض غالبية المستأجرين، إن لجهة الاستجابة لطلبات التنفيذ الرضائية او الرضوخ للإنذارات التي يتوالى وصولها اليهم عبر البريد المضمون، او بواسطة الكتّاب العدل، يستند كل من الطرفين الى حيثيات خاصة به، لأن السجال الذي اندلع ولم ينقطع، في اعقاب قرار «المجلس الدستوري» بشأن نفاذ القانون، لم يحسم ، ففي حين يعتبر المالكون ان القانون نافذ، لأن «المجلس» قرر فقط إبطال مادتين وفقرة منه، مستندين الى تصريحات عدد من النواب، خصوصاً رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم والنائب سمير الجسر الأب الروحي للقانون، بدءاً من إعداده وصولاً الى إقراره، ومسلحين بأحكام صدرت عن قضاة اعتبروا فيها القانون نافذاً.
ويستند المستأجرون الى تصريحات نواب آخرين بينهم النائب الوليد سكرية الذي شكل صوته، ضد القانون الجائر نقطة الارتكاز، التي اتسعت وصولاً الى الطعن به، والذي يؤكد عدم نفاذ القانون واستحالة تطبيقه، وقد شكل موقف رئيس المجلس الذي اعلنه امام النواب، حول عدم قابلية القانون للتطبيق من المادة الثالثة حتى السابعة والثلاثين، وقد عُمم على وسائل الإعلام ، عامل طمأنينة بالنسبة للمستأجرين في مواجهة كل المخاطر التي ينطوي عليها القانون، خصوصا انهم كانوا قد سمعوا منه، عندما التقاهم، مواقف أكثر وضوحاً لجهة عدم نفاذ القانون، وانه لن يقبل الا بقانون عادل يضمن حقوق الجميع، بما فيها تعويض الاخلاء، ومتوافق عليه من المالكين والمستأجرين الذين دعاهم للحوار من اجل ذلك، علماً ان وزير العدل سبق ونشر رأي هيئة التشريع والاستشارات التي رأت ان القانون غير قابل للتطبيق.
ووفق مصادر «لجنة الادارة والعدل النيابية، التي اعيد القانون اليها من اجل ترميمه وتعديله، فإن حصيلة اجتماعاتها التي قاربت العشرة، لم تتعدَّ التوافق المبدئي بالنسبة للمواد التي جرى إبطالها، حيث جرى الإبقاء على صيغة اللجان القضائية مع حق الاستئناف، بعد شطب عضوية ممثلي المالكين والمستأجرين، بحيث باتت اللجان محصورة بقاض او قاض متقاعد ومندوب عن كل من وزارتي المالية والشؤون الاجتماعية. علماً ان المجلس الدستوري كان ابطل صيغة اللجان القضائية لعدم دستوريتها ولتجاوزها مبادئ العدالة والمساواة بين المواطنين امام القانون.
بدل المثل غير محسوم
اما بالنسبة لبقية المواد التي قدم أكثر من اقتراح لتعديلها من قبل النواب: الوليد سكرية والدكتور قاسم هاشم والمحاميين إيلي عون وزياد أسود، فإنها لم تتقدم قيد أنملة، لأنها ما زالت موضع جدال، وفق المصادر، فقيمة بدل المثل أخذت حيزاً واسعاً من النقاش في أكثر من اجتماع، من دون التوصل الى اتفاق بشأنها، أمام إصرار رئيس اللجنة النائب روبير غانم والنائب سمير الجسر على رفض التعديل، يساندهما نواب آخرون، كذلك الأمر بالنسبة للمستفيدين من صندوق المساعدات، حيث تم تأجيل البحث به لمعرفة رأي وزارة المالية، في محاولة من البعض لقطع الطريق على توسيع شريحة المستفيدين. ويؤكد اعضاء في اللجنة، ان اقتراح تعويض الإخلاء، جوبه برفض حاد من قبل رئيسها والنائب الجسر، باعتبارالأمر غير وارد على الإطلاق بالنسبة لهما.
الموسوي: غير قائم
في هذا السياق يعتبر عضو لجنة الادارة والعدل، النائب نواف الموسوي، لـ «السفير» «ان القانون، شئنا ام ابينا، يتسبب بتغيير الطبقية الاجتماعية، بحيث يصبح السكن في العاصمة محصورا بفئة معينة، وسيخلق مشكلة. ومن وجهة نظري ان المواد المبطلة من قبل «المجلس الدستوري» تجعله غير قابل للتطبيق، لذلك يعتبر وكأنه غير قائم، اذ ان صندوق المساعدات لم يتشكل بعد، وكذلك اللجان القضائية»، مؤكدا ان «اللجنة تدرس اقتراحات عدة للتعديل مقدمة من النواب: الحلو واسود وسكرية، يلزمها وقت للمقارنة، يفترض ان تكون موحدة ويتفق بشأنها على صيغة موحدة»، مشيرا الى ان قيمة الـ 5 في المئة من قيمة المأجور لا يحتملها المستأجر، وقد طرحت تخفيضها بما يتناسب مع المدخول، اما قضية بدل الاخلاء فلم يحسم النقاش فيها، وما زالت قيد البحث للوصول الى إنصاف الطرفين».
تفريق بين المواطنين
تعليقاً على مناقشات لجنة الإدارة والعدل، يرى أمين سر لجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين زكي طه، ان اعادة تكريس اللجان القضائية، يشكل تجاهلاً لقرار المجلس الدستوري التي رأى فيها تجاوزاً لمبادئ العدالة والمساواة بين المواطنين أمام القانون، كما ان إلغاء حق التمييز في حال اختلاف حكمي البداية والاستئناف، يلغي حقاً دستورياً للمستأجرين والمالكين على السواء لا يمكن القبول به.
اما ما يثير الريبة لدى المستأجرين فهو الإمعان في المناقشات من دون احراز اي تقدم، من اجل اتاحة مزيد من الوقت والفرص امام محاولي جعل تنفيذ القانون أمراً واقعاً وفرض وقائع جديدة عبر عشرات آلاف الدعاوى التي يمهدون لإقامتها امام القضاء، خصوصاً بعد الاحكام التي اعتبرت القانون نافذاً، الأمر الذي يضع القضاء والقضاة امام أزمة غير مسبوقة، حيث سيكون عليهم اصدار احكام متباينة بالنظر لعدم وجود مرجع واضح ومحدد يمكن الاستناد اليه، مما سيكون له مضاعفات سلبية ليس على حقوق المواطنين وحسب انما ايضاً لما سينجم عنه من نزاعات ومشكلات وردود افعال.
توصيات المجلس الدستوري غائبة
يؤكد طه، ان الغائب عن مناقشات اللجنة التي ما زالت ابوابها مقفلة امام المستأجرين وممثليهم، هو توصيات المجلس الدستوري المتعلقة بحق السكن الدستوري، وضرورات تأمينه وشروط الحصول عليه. اما الخطة السكنية التي تتضمن بدائل تضمن حقوق المستأجرين، فهي لا تقع في جدول اهتمامات لجنة الادارة والعدل، لأن البحث فيها غير وارد، مما يطرح اكثر من سؤال وعلامة استفهام حول اهداف القانون والمصالح الكامنة خلفه، خصوصاً في ظل رفض البحث في تعويض الإخلاء الذي شكل الأساس لكل عمليات اخلاء المستأجرين منذ عشرات السنين، وساعد بشكل لا يقبل الجدل في تأمين سكن عائلاتهم، علماً ان إلغاء هذا الحق المكتسب، يخالف مبدأ المساواة بين المالكين الذين دفعوا خلوات لقاء تحرير املاكهم، والمالكين الذين سيعفون من دفع هذا الحق للجدد منهم الذين اشتروا على قاعدة التزامهم دفع حقوق المستأجرين، مستفيدين من الارتفاع الكبيرلاسعار العقارات، كما لا يؤمن المساواة بين المستأجرين الذي قبضوا خلوات هي حق قانوني لهم، وامنوا سكن عائلاتهم وبين مستأجرين يُحرمون من هذا الحق، من دون ان يكون لديهم اية بدائل، علماً ان تثبيته يشكل ضمانة لحل مشكلة اكثر من 70 في المئة منهم، وللتذكير فإن جميع المستأجرين الذين نظمت عقودهم ما بين عامي 1984 و1992 دفعوا خلوات باهظة لقاء تلك العقود.
مسلسل الدعاوى
امام استمرار الأزمة التي تتزايد مضاعفاتها السلبية، مع بدء مسلسل الدعاوى، وفي ظل تباطؤ «لجنة الإدارة والعدل» وعجزها عن التوصل قريباً الى صيغة تعديلات يقبل بها المستأجرون وتؤمن الحد الأدنى من الحقوق التي يطالبون بها، يتجدد السؤال: هل يبادر مجلس النواب الى تجميد المشكلة عبر وضع اليد عليها وتبني اقتراح القانون المقدّم من النائبين الوليد سكرية والدكتور قاسم هاشم القاضي باستمرار العمل بالقانون 160/92 الى حين تعديل القانون المُعطل بشكل يرضي الطرفين كي يتم اقراره ونشره مجدداً.