IMLebanon

“معمل فتوش” رُفِض في عين داره..فهل يعود إلى زحلة؟

ZahleCement
لوسي بارسخيان

بعد زحلة وجنتا، قطعت بلدة عين داره في عاليه الطريق فوراً أمام اي نية لإنشاء معمل للترابة على أراضيها، من خلال إجماع مجلسها البلدي على قرار صدر بتاريخ 28 آذار الماضي، رُفض خلاله “الطلب الذي تقدم به السيدان موسى وبيار فتوش في 27 أذار 2015 لإنشاء مجمع صناعي يتضمن صناعة الإسمنت على أنواعه و”الكلينكر” ومطاحن الإسمنت وغيرها من الانشطة الصناعية في المنطقة، كما ورد في الكتاب المسجل في البلدية تحت الرقم 223″.
رفض الطلب بحسب عضو مجلس بلدية عين داره هيلانة يمين “لم يأت خوفاً من تحركات شعبية رافضة لإنشاء المعمل في البدة، أسوة بما حصل في زحلة وجنتا، وانما نتيجة لدراسات بيئية أجريت بناء لمرسوم سابق، أظهرت الضرر البيئي والصحي الكبير الذي يلحقه إنشاء مثل هذا المعمل في المنطقة، والذي لا يقتصر على عين داره وانما يتعداه الى القرى المجاورة وصولا الى شارون، في وقت يكفينا ما نعانيه حالياً من الكسارات”.
وشرحت يمين لـ”المدن” ان “آل فتوش تقدموا بطلب إنشاء المعمل في عقارات يملكونها بمنطقة الكسارات، وان هذه الأراضي غير مصنفة صناعية، ولا تَوجّه لدى البلدية لجعلها كذلك وفقا للملف الذي تقدمت به الى دائرة التنظيم المدني”، موضحة انه “إذا كانت رغبة اصحاب المعمل الإستفادة من كميات المياه الكبيرة التي يتطلبها إنشاء مثل هذا المعمل والمتوفرة في عين داره، فإن وجوده في المنطقة بالمقابل سيضر بالأماكن السكنية القريبة منه، وبالمساحات الواسعة من البساتين التي يعتاش منها أهالي البلدة والبلدات المجاورة”.

فهل عاد النقاش الذي أثاره إنشاء المعمل في زحلة الى نقطة الصفر، خصوصا ان آل فتوش لا يزالون يملكون رخصة انشائه فيها، وما إنتزعه مطران زحلة عصام درويش من رئيس مجلس ادارة شركة التعمير والتطوير بيار فتوش لم يكن سوى وعدٍ بنقل المعمل من المدينة، فور الإستحصال على رخصة جديدة له في مكان آخر.
بحسب ميشال ابو عبود، المسؤول الإعلامي لـ”القوات اللبنانية” في زحلة فإن “القوات” متمسكة بالهدنة الإعلامية التي وعدت بها على أثر مساعي المطران درويش. ويقول لـ “المدن”: “لم يكن يهمنا في موضوع المعمل سوى سحبه من زحلة بغض النظر عن المكان الذي سينقل اليه، وبالتالي نحن متمسكون بوعدنا للمطران عصام درويش في مقابلة الإيجابية التي أبداها بيار فتوش بإيجابية مماثلة، برغم كل ملاحظاتنا على المخرج الذي اعتمد لإنهاء الأزمة التي كان سيتسبب بها إنشاء المعمل في زحلة”.
إلا أنّ رفض بلدية عين داره للمشروع كما يقول ابو عبود ” يشعرنا بالقلق”، خصوصاً ان “آل فتوش ربطوا الوعود بنقل المعمل من زحلة بإيجاد التراخيص في مكان آخر، ومع ذلك لا زلنا مطمئنين الى عدم إمكانية العودة عن وعودهم اليوم، مع تأكيدنا على ان اي نية بذلك ستواجه بإعتراضات شعبية ونحن في جهوزية تامة للأمر”.

في المقابل لا يفاجأ الوزير السابق الياس سكاف برفض بلدية عين داره للمشروع، قائلا لـ “المدن” إن “إنشاء هذا المعمل على الأراضي اللبنانية مستحيل، فهو مضر بالبيئة والصحة، ويحتاج الى كميات كبيرة من المياه، ويسيء الى السياحة، ويقضي على ما تبقى من زراعة، وضرره يمتد الى 50 كيلومتراً من مكان إنشائه، لما سيحمله من سموم في الهواء”.
برأي سكاف “أصحاب المشروع مصرون على إنشائه، وهم يحاولون الإستحصال على تراخيص في أكثر من مكان، من عين داره الى قاع الريم والى دير العشائر، حتى انهم حاولوا نقله داخل زحلة الى خلف مسبح الرحاب قرب المنطقة الصناعية، ولكن نحن نقول لهم ان إنشاء هذا المعمل في لبنان مستحيل لأسباب صحية وبيئية، لأنه ما ان ينشأ حتى نكون قد وقعنا في الهلاك”، مستشهدا بالأضرار التي يتسبب بها معمل شكا، الذي يقول سكاف ان معلومات وردته عن تبرع أصحابه بالأموال لإنشاء مستشفى للأمراض السرطانية التي يتسبب بها معمل شكا في المنطقة.

ولأن “الكتلة الشعبية” ترى في نص مؤتمر المطران عصام درويش المكتوب والمتفق عليه مع بيار فتوش، “عبارات ملغومة” تشكل مدخلاً لعودة المعمل الى زحلة طالما ان رخص انشائه في المدينة لم تسحب، فهي تتمسك، وفقاً لسكاف، بدعوى الطعن المرفوعة أمام مجلس شورى الدولة من قبل مجلس بلدية زحلة ومن قبل “الكتلة الشعبية” بواسطة مختار حوش الأمراء جوزف مشعلاني، الى حين إثبات وجهة نظرها حول الضرر البيئي والصحي لإنشاء مثل هذا المعمل في وسط المناطق السكنية في زحلة وقضائها.
ويستغرب سكاف في حديثه لـ “المدن” تبني المطران درويش ما “يشيعه اصحاب المعمل حول سلامته بيئيا”، متحدثا عن “علاقة مشبوهة في ملف المعمل بين المطران درويش وآل فتوش”. ويعتبر ان الرأي الإعدادي لمجلس شورى الدولة الذي ينفي الضرر البيئي للمعمل “ليس سوى مخرجٍ لكل من تورط في ملف هذا المعمل بدءا من وزير الصناعة إلى وزير البيئة واصحاب المشروع”.

في المقابل يبدو المطران درويش مطمئنا للوعد الذي تلقاه من بيار فتوش بأن قرار وقف إنشاء المعمل في زحلة نهائي، ولكنه يصر في الوقت نفسه على “طلب كل مساعدة ممكنة من الجهات المعنية في الإستحصال على التراخيص الجديدة”، وإيجاد المكان البديل لإنشاء المعمل. وقد أثار درويش هواجسه حول الإعتراضات التي قوبل بها المعمل في عين داره مع وفد “حزب الله” الذي إلتقاه مقدماً التهانئ بحلول عيد القيامة يوم الأربعاء الماضي.
فهل تحافظ زحلة على هدوئها الذي عكسته وعود آل فتوش بنقل المعمل من المدينة، أم أنّها لا زالت في دائرة خطر إنشائه داخلها؟ فقد لا تنعكس ثقة المطران عصام درويش المستمرة بوعود آل فتوش، إرتياحاً تاماً في الشارع الزحلي، إلا أنّ الجميع مصرون على إنتظار ما ستحمله الأيام المقبلة من تطورات، فإما أن يحافظ آل فتوش على وعدهم، او يعودوا عنها خدمة للمصالح الإستثمارية. وبالنتيجة “اصحاب المشروع صناعيون وتجار يقيمون استثماراً، ويبقى الأخطر من اصحاب المشروع هم من يتواطؤون لتمريره وبأي ثمن”.