IMLebanon

وزير التجارة الخارجية المغربي: تقييم عمل المنظمة العالمية للتجارة أصبح ضرورة للدفاع عن مصالح أفريقيا

morocco

الصراعات السياسية تؤثر سلبًا على المبادلات والاستثمارات في القارة السمراء

قال محمد عبو الوزير المغربي المنتدب المكلف التجارة الخارجية إن «التقييم العميق لعشرين سنة من عمل المنظمة العالمية للتجارة أصبح ضرورة ملحّة لاستشراف آفاق عملها، خاصة من أجل موقف قارتنا من الدفاع عن مصالحها»، مشيرا إلى أن المغرب سيعمل على تقديم مجموعة من المقترحات، التي من شأنها بلورة موقف أفريقي موحد يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات القارة السمراء ومصالحها.
وتضم المنظمة العالمية للتجارة في عضويتها اليوم 161 بلدا، بعد أن كان عدد الموقعين على «وثيقة مراكش»، قبل 20 سنة، 127 بلدا؛ فيما يبلغ عدد البلدان الأفريقية الأعضاء 42 دولة، من أصل 54 دولة تتشكل منها أفريقيا.
وأكد الوزير المغربي الذي كان يتحدث، أول من أمس، بمراكش، في ختام أشغال مؤتمر وزراء التجارة الأفارقة، الذي نظم حول «20 سنة للمنظمة العالمية للتجارة: احتفاء بالنجاحات وتحديات المستقبل»، على «الأهمية التي توليها الدول الأفريقية للنظام التجاري المتعدد الأطراف، الذي يرتكز على قواعد شفافة وواقعية».
وشدد عبو على أن مواجهة التحديات التنموية تستدعي تفعيل مقاربة جديدة للتنمية، مبدعة ومبتكرة كفيلة بتقديم الإجابات الملائمة عن الانشغالات الكبرى للقارة الأفريقية حول مختلف المواضيع المطروحة على طاولة المفاوضات، حاليا.
وأكدت إحصائيات ومعطيات جرى تعميمها، ضمن فعاليات المؤتمر، أهمية التحديات المستقبلية التي تنتظر القارة الأفريقية، التي تبقى واحدة من أكثر قارات العالم انقساما والأقل تطورا، الشيء الذي يشكل عاملا للضعف الاقتصادي الذي يحد من إمكانيات نموها الداخلي، ويقلص من وزنها في المفاوضات التجارية الدولية. كما أن الصراعات السياسية وقضايا الحدود التي تتفرع منها قد أثرت سلبا على المبادلات التجارية والاستثمارات الإقليمية. وتبين تقارير منظمة التجارة العالمية الأخيرة أن تدفقات المبادلات التجارية الأفريقية تبقى ضعيفة، بحصة تناهز 11 في المائة في المتوسط بالنسبة لمجموع المبادلات الخارجية للقارة الأفريقية. وتفسر هذه الوضعية باستمرار عراقيل، تحول دون تطور المبادلات التجارية داخل البلدان الأفريقية، ترتبط بالنقل واللوجيستيك وبالإنتاجية، وكذا بالأنظمة غير الملائمة لتمويل التجارة.
ورصدت مبادرة المعونة من أجل التجارة، التي أطلقت خلال الندوة الوزارية السادسة للمنظمة العالمية للتجارة في هونغ كونغ، قبل عشر سنوات، بهدف مساعدة الدول النامية على الاندماج بشكل أفضل في نظام التجارة متعددة الأطراف، وعلى الاستفادة من تحرير التجارة، ومن ولوج أفضل إلى الأسواق عبر تمويل برامج التنمية، ما مجموعه 200 مليار دولار، جرى إنفاق 170 مليار منها، يحظى فيها تطوير البنيات التحتية بالجزء الأكبر من الأموال.
وتعد أفريقيا واحدة من المستفيدين الرئيسيين من المعونة من أجل التجارة، حيث تحتل الصف الثاني بعد آسيا، بحصولها على أكثر من ثلث الموارد الإجمالية المخصصة، بمعدل 16.3 مليار دولار، خلال الفترة ما بين 2009 و2011، مقابل 17.6 مليار لآسيا. وعلى المستوى العالمي، تعد خمس دول أفريقية، هي مصر وإثيوبيا وغانا والمغرب وتنزانيا، من بين أهم عشر دول تستفيد من المعونة من أجل التجارة. ورغم الأزمة الاقتصادية، فقد تم إنفاق 55 في المائة من المعونات الممنوحة للتجارة بأفريقيا، ما بين 2006 و2011، وذلك على شكل هبات وتمويلات مماثلة.
وتبقى الزراعة أحد أهم مواضيع المفاوضات التجارية متعددة الأطراف التي ترعاها منظمة التجارة العالمية، نظرا للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يجسدها هذا القطاع، خاصة بالنسبة للدول النامية، إذ تعد الفلاحة والتنمية القروية دعامات أساسية للاقتصاديات الأفريقية، كما تلعب دورا رئيسيا في تحقيق الأهداف الأساسية للتنمية، المتمثلة في رفع وتقليص معدل الفقر. وتمثل الفلاحة، بحسب منظمة الأغذية والزراعة، ما بين 30 و60 في المائة من الناتج الداخلي الخام لثلثي البلدان الأقل نماء، كما تشكل، في الغالب، المشغل الأول في هذه الدول.
وتقترن هذه المفارقة بأخرى، من جهة أن الدول المتقدمة تنفق، كدعم داخلي لهذا القطاع، مبالغ تتجاوز بكثير تلك التي في متناول الدول النامية، مما يؤدي إلى اختلالات كبيرة بالنسبة للتجارة العالمية فيما يخص المحاصيل الزراعية. لذلك، حذرت تقارير من أن المساعدات الممنوحة للمزارعين في الدول المتقدمة يمكن أن تدمر ليس فقط إنتاج الدول النامية، ولكن، النظام الزراعي العالمي برمته، بتشجيعها للإفراط في الإنتاج بكل تبعاته الوخيمة على الأسعار العالمية للمنتجات الأساسية التي تتكون منها، أساسا، صادرات كثير من الدول النامية.
وعلى مستوى تحرير المنتجات الصناعية، لا يتجاوز وزن أفريقيا ككل، في ميزان الإنتاج الصناعي العالمي، 1.1 في المائة، لذلك تهدد زيادة تحرير التبادل التجاري للمنتجات الصناعية، دون الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات ومصالح بلدان أفريقيا، توازن هذه الدول الاقتصادي وصناعاتها الوطنية.
وتبقى مساهمة الدول الأفريقية في سلاسل القيمة العالمية محدودة، بالنظر إلى هيكلة الصادرات الأفريقية تجاه بقية العالم، التي تهيمن عليها المواد الخام.
ويساهم العجز في تطوير البنية التحتية المادية وغير المادية في انخفاض مستويات التنافسية والإنتاجية للمقاولات الأفريقية، الشيء الذي يؤثر على مساهمتها في التجارة العالمية، وجذبها للاستثمار، ويحد من تكاملها الإقليمي، فيما يزيد الأمر سوءا بالنسبة للبلدان الأفريقية غير الساحلية، التي يعيش بها 28 في المائة من سكان أفريقيا جنوب الصحراء، حيث تمثل تكاليف النقل 70 في المائة من قيمة صادراتها.
ورغم التحسن الملحوظ في البنية التحتية بأفريقيا، في السنوات الأخيرة، فإن الترابط بين الدول يبقى ضعيفا. وفي المقابل، لم يتم تصميم البنية التحتية الطرقية والبحرية والجوية وكذا البنية التحتية التكنولوجية والطاقية بمنظور جهوي. ومن أجل ضمان التطور واندماج الدول الأفريقية، تتزايد الدعوات لوضع مقاربة جهوية متعددة النماذج لتطوير البنيات التحتية، بشكل يسهل الولوج إلى الأسواق ويدعم عوامل الإنتاج.