IMLebanon

الزراعات البديلة في البقاع «على الوعد يا كمّون»

LEBANON-CRIME-DRUGS
اتاشا بيروتي
مشكلة إنتاج المخدرات وادمانها تتفاقم يوماً بعد يوم فيما المعالجات غائبة، فمنذ 8 سنوات وحتى الآن يمر الملف على طاولت مجلس النواب مرور الكرام والمزارعون الذين وُعدوا بالزراعات البديلة وتحسين ظروفهم لم يعرفوا كيف تصرف هذه الوعود النائمة في ادراج الجهات المعنية، فيما تتعرض الزراعات المتوافرة لكوارث يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام. زراعة الحشيشة تعود وبقوة في كل عام رغم الاجراءات المتخذة من قبل القوى الامنية، فتتحول منطقة البقاع وبعلبك ـ الهرمل الى منطقة عسكرية تعمل الجرارات الزراعية على تلف موسم الحشيشة قبل حصاده. ولكن مكافحة هذه الزراعة لا تتم فقط من خلال تلفها انما وقبل كل شيء من خلال توفير البدائل المعقولة. فما هي هذه البدائل ولماذا لم تنجح في الحلول مكان الممنوعات حتى الآن؟
يعتقد الكثير من الاشخاص ان زراعة القطن من اهم الزراعات البديلة الا ان الدراسات التي اجريت عليها عكست واقعاً مغايراً، فزراعة القطن تتطلب مناخاً حارا، على ان لا يقل معدل درجات الحرارة عن الـ 25 درجة مئوية خلال العام اضافة الى وفرة المياه لريها، كونها من فصيلة النباتات الليفية، وفي لبنان لايمكننا القيام بهذه الزراعة نظراً لتقلبات المناخ، وشح المياه، اضافة الى صغر المساحات الزراعية، ونقص التجهيزات الضرورية للارض، ما يؤكد ان زراعة القطن لا يمكن اعتمادها كزراعة بديلة.
– طوني طعمة –
يشير رئيس لجنة الاقتصاد في غرفة تجارة وزراعة وصناعة زحلة والبقاع طوني طعمة الى ان لبنان خلال فترة الحرب الأهلية كان المصدر الرئيسي للمخدرات في منطقة الشرق الأوسط، وكان ينتج سنويًا ألف طن من الحشيشة.
ويعزو سبب لجوء أبناء منطقة البقاع وخصوصاً البقاعين الأوسط والشمالي إلى زراعة المخدرات، بسبب إهمال إنماء هذه المنطقة، حيث الغياب التام لأبسط الخدمات، والحرمان المزمن التي تعانيه، اضافة الى هموم المعيشة التي تفوق الإحتمال، فضلاً عن الظروف الإقتصادية التي تزداد سوءًا يوما بعد يوم. أما الوضع الزراعي فهو الأسوأ والأشد رداءة لا سيما بعد ان اصبح المزارع البقاعي مجرد من حقوقه، لا يخضع لحماية الدولة، ما يشرع الأبواب أمام إستغلاله وشراء محصوله بأدنى الأسعار، وبأقل من سعر الكلفة في أحيان كثيرة.
ويتابع طعمة: زراعة الحشيشة كانت تدرّ في الثمانينيات على منطقة بعلبك – الهرمل ما يقارب 500 مليون دولار سنويا. ما شجع ابناء المنطقة المضي في هذه الزراعة.
ويضيف: لذا على الحكومة اللبنانية ايجاد الحلول البديلة لإبعاد المزارعين عن زراعة الممنوعات، ونحن اطلعنا الدولة على الزراعات البديلة الا انها حتى اليوم لم تبال للموضوع، كما وان الحكومات المتعاقبة همشت الزراعة لاعتبارها ان لبنان بلد الخدمات والسياحة.
– زراعة الحبوب –
ويوضح ان هناك العديد من الزراعات البديلة من شانها ان تدر اموالاً طائلة للبنان، فمثلاً زراعة الحبوب (قمح، شعير، عدس وغيرها) ذات الاهمية الاستراتيجية كونها متصلة بشكل مباشر بالامن الغذائي، وبعد ان كان لبنان بلداً لانتاج وتصدير القمح اصبح يستورد 80% من استهلاكه حيث يتكلف 300 مليون دولار سنوياً، ويتساءل عن سبب تقصير الدولة لاعادة احياء هذه الزراعة علماً ان اسعار القمح ارتفعت عالمياً.
ويتابع: لو زرعنا قمحاً على الاراضي التي كانت تزرع عليها المخدرات سنحصل على 500 طن من الانتاج ما يؤمن لنا الاكتفاء ويخولنا ايضا تصدير الفائض منه.
ويقترح طعمة زراعة الاعلاف على انواعها نظراً لسهولة زراعتها وريّها وانخفاض كلفتها، كما وانها لا تتطلب دعماً من الدولة والاسواق مفتوحة امامها.
اضافة الى الزراعات العطرية وفي مقدمها الزعتر وإكليل الجبل والسمّاق والمليسة والمردكوش والورد الجوري وغيرها من النباتات التي يتم من خلالها تصنيع العطور والزهورات، وهذه الزراعة تساهم في تشغيل اليد العاملة كونها تتطلب فتح مزيد من المصانع.
اما بالنسبة لزراعة الخضار في البيوت البلاستيكية مهمة جداً، فهمي من جهة تزيد من الانتاج وتؤمن اصنافاً مختلفة في كل المواسم ، ومن جهة اخرى تدر ارباحاً كبيرة للمزارعين. وهذه الزراعات قادرة على أن تكون زراعات بديلة ناجحة شرط أن تتوافر لها أسباب النجاح المتمثّلة بدعم الدولة لخفض كلفة الإنتاج وحماية هذا الإنتاج من المنافسة وتصريفه، والتعويض على المزارعين في حالات الكوارث الطبيعية.
– زراعة دواء الشمس –
وعن زراعة دوّار الشمس كزراعة بديلة عن المخدّرات في البقاع يقول طعمة: في الستينات وعد الرئيس شارل حلو المزارعين بدعم الزراعات البديلة وفي مقدمها دوّار الشمس، وتخصيص ميزانية خاصة لشراء المحصول بأسعار تشجيعية.
نجحت زراعة دوّار الشمس وتمّ جني المحصول لكنه تكدّس في المخازن ولم يجد المزارعون سوقاً لتصريف انتاجهم.
ويتابع: في حال تم زراعة دوار الشمس سيشهد الاقتصاد اللبناني نمو وازدهار تنشيط حركة التصدير ما ينعكس ايجاباً على ميزان المدفوعات اضافة الى فتح المصانع التي من شأنها تشغيل اليد العاملة.
ويرى طعمة ضرورة تنويع الزراعات البديلة وليس التركيز على صنف واحد.
وتمنى تجنيب الاقتصاد والزراعة عن السياسة، والحكومات المتعاقبة لم تولى اي اهمية لهذه الزراعات حتى البن ربما لانها لم تخدم مصالحهم الشخصية، مشيراً الى ان للمزارعين مطالب عدة الا انهم يؤجلونها ريثما يتم معالجة ازمة التصدير البري وايجاد الحلول المناسبة لها. وطالب المزارعين بالصمود وعدم الاستسلام.