IMLebanon

بورصات المنطقة لا تقدم حماية كافية لصغار المستثمرين في الاكتتابات

ArabStockMarket3
زياد الدباس
تعرض ملايين من المستثمرين في أسواق المنطقة، ومعظمهم من أصحاب الاستثمارات الصغيرة، إلى خسائر فادحة نتيجة مشاركتهم في اكتتابات بأسهم شركات حديثة التأسيس لا تحمل أي سجل للإنجازات أو المشاريع أو الأرباح يمكن من خلاله التأكد من قدرة المؤسسين أو التنفيذيين أو مجلس الإدارة على تحقيق أرباح من النشاطات التي ستقوم بها هذه الشركات.
وبعكس الشركات القائمة التي تطرح نسبة محدودة من رأس مالها للاكتتاب العام وتحمل سجلاً للإنجازات والأرباح والتوزيعات والمشاريع المستقبلية بما يمكّن المستثمر من احتساب السعر العادل أو المنطقي لأسهم هذه الشركات وينضج قرارات المشاركة في الاكتتابات، اللافت ان كثيراً من نشرات الإصدار التي توزعها الشركات الحديثة التأسيس لا تحمل أي ضمانات لتحقيق أهداف تأسيسها أو ضمان رأس المال المستثمر.
وهكذا بدا ان الجهات الاستشارية لكثير من هذه الشركات تخلت عن مسؤولياتها المتعلقة بضمان تحقيق أي نتائج واردة في نشرة الإصدار، علماً أن هذه الدراسات أو توقعات الأداء تستند في معظمها إلى افتراضات ومعلومات يجري توفيرها من خلال المؤسسين أو بواسطتهم فتعكس رؤيتهم وتوقعاتهم حول مستقبل الشركة.
واللافت للانتباه ان معظم الشركات الحديثة التأسيس والتي طرحت للاكتتاب العام خلال فترة طفرة الأسواق في المنطقة بين عامي 2004 و2009 وأدرجت أسهمها في الأسواق المالية، ارتفعت أسعارها السوقية بعد إدراجها في السوق إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف قيمتها التأسيسية أو الاسمية قبل ان تباشر أعمالها التشغيلية، بينما يفرض المنطق الاستثماري ان يرتفع سعر أسهم هذه الشركات إلى هذا المستوى بعد مرور سنوات على تأسيسها تكون أثبتت خلالها تحقيق عائدات مجزية على رأس مالها ووزعت أرباحاً على مساهميها.
كان يُفترَض عدم إدراج أسهم الشركات الحديثة التأسيس في أسواق المنطقة، خصوصاً الأسواق الأصغر، إلا بعد مرور سنتين على مباشرة أعمالها التشغيلية، وذلك لحماية صغار المستثمرين نتيجة الأخطار المختلفة التي تصاحب هذه الطروح.
ولم تلتفت نسبة مهمة من المستثمرين والمشاركين في الاكتتابات خلال الطفرة إلى النشاطات المستقبلية التي تنوي هذه الشركات القيام بها وملخص أعمالها ومشاريعها الاستثمارية التي تنوي تنفيذها، علماً أن العديد من الشركات الحديثة التأسيس في تلك الفترة كان هدفها الاستثمار في الأوراق المالية أو الاستحواذ على شركات وأصول ومشاريع قائمة، وهذا بالطبع يحمل أخطاراً كبيرة لارتباطه بعمليات إعادة تقويم لتلك الأصول المختلفة ثبت ان معظمها جرى من دون مراجعات كافية وتدقيق من جهات مستقلة.
وفضل معظم الشركات الحديثة التأسيس التي طرحت للاكتتاب خلال تلك الفترة في تحقيق أهدافها وبالتالي يجري تداول أسهم معظم هذه الشركات بعد مرور 10 سنين على تأسيسها بالقروش أو الفلوس أي اقل من قيمها الإسمية أو التأسيسية ما سبب خسائر فادحة لصغار المكتتبين. أما الجهات الرقابية فلم تراعِ في تلك الفترة أخطار طرح شركات حديثة التأسيس على رغم علمها بضعف الثقافة والوعي الاستثماري لدى معظم شرائح المستثمرين.
لكن بعض هيئات الأوراق المالية في المنطقة وفي مقدمها هيئة الأوراق المالية الإماراتية، بادرت إلى إصدار الضوابط الخاصة بطرح الشركات المساهمة العامة الجديدة لحماية المستثمرين ودعم الأسواق بإصدارات أولية قوية تعزز من قدرتها التنافسية بعد تركيز الاعتماد الأول للاكتتاب في أسهم هذه الشركات على المؤسسات والصناديق الاستثمارية وليس الأفراد باعتبار ان المؤسسات اقدر على التقويم عند الدخول في إصدارات جديدة في السوق.
ووضعت الهيئات التي وعت أخطار الأمر حداً أدنى مرتفعاً للاكتتاب لضمان إقبال الاستثمار المؤسسي مع تحديد مسبق للنشاطات التي تمارسها الشركة لضمان عدم تحولها إلى كيانات لتوظيف أموال المستثمرين وتجاهل النشاطات التي وجدت أصلاً من أجلها فيكون غرض الشركة الرئيس القيام بنشاط صناعي أو تجاري أو زراعي أو عقاري أو سياحي مع الأخذ في الاعتبار ان تكون دراسة الجدوى والقوائم المالية المستقبلية متفقة مع المعايير المحاسبية وان تُعتمَد من قبل مدقق حسابات. ويذكر ان القوائم المالية التي تحتويها نشره الاكتتاب هي قوائم مالية مستقبلية مبنية على افتراضات وفق رؤية إدارة الشركة من دون أدنى مسؤولية على الهيئات الناظمة في هذا المجال.