IMLebanon

استمرار المأزق يعيد آلية العمل الحكومي إلى الضوء!

serail

تعطلت الحكومة ولم تتعطل لغة الكلام، وإن يكن عالي السقف حالياً، لكنه سينخفض مجدداً استناداً الى وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي توقع “شللا لمدة قصيرة يستفيق بعدها المعطلون”.

ولم يدع الرئيس تمّام سلام الى جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل، على عادته كل سبت، ولن يفعل اليوم، في انتظار اتضاح المواقف اكثر، ذلك ان المواقف من جدول الاعمال معروفة سلفاً، بل ان “التيار الوطني الحر” يحاول فرض بند أول ووحيد على جدول الاعمال، وهو ما رفضه الرئيس سلام كما رفض التخلي عن صلاحياته، كما أكد لـ”النهار” قائلاً انه “حسم خياره في توجهين: الاول التريث في الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع على قاعدة ان الدعوة، كما وضع جدول الاعمال، من صلاحياته، والثاني دعم قائد الجيش جان قهوجي وتوفير كل الغطاء السياسي له وللمؤسسة العسكرية التي يعود اليها فقط توقيت تحركها وآليات التحرك في عرسال إنطلاقاً من القرار الاخير لمجلس الوزراء”.

ولم يخف رئيس الوزراء إنزعاجه اذ لاحظ “انهم يحملون الدولة دائما المسؤولية ويطالبونها بالخطوات والاجراءات، فيما يعمدون الى تعطيلها وتعطيل عملها. يريدوننا ان نعمل وأن نتابع الملفات ونحافظ على إدارة الدولة والاقتصاد والامن، فيما يمارسون لعبة التعطيل. ليست المرة الاولى التي نشهد فيها مثل هذه المقاربة للعمل الحكومي، لكن الفارق اليوم ان التعطيل يحصل تحت وطأة شلل للمجلس النيابي وشغور رئاسي دخل عامه الثاني”. وأضاف: “إن الجميع مدعوون إلى تحمل مسؤولياتهم”، متسائلاً: “هل يجوز أن نجمد البلاد من أجل منصب من هنا ومكسب أو منفعة من هناك؟”.

على صعيد متصل، ذكرت صحيفة “اللواء” ان زوّار الرئيس تمام سلام لمسوا اصراره على البقاء في المسؤولية، وهو لن يستقيل من حمل الأمانة في هذه المرحلة، إلاَّ انه إزاء الوضع المستجد، على صعيد العمل الحكومي، يؤثر التريث لكنه يعتبر ان مخاطر التعطيل في هذه المرحلة باتت أكبر من محنة التعطيل في المرحلة السابقة، ومؤكداً امام زواره ان “اعتراضات عون وفريقه التي تندرج تحت باب التعيينات في المراكز الأمنية والعسكرية لا تستأهل مواجهة سياسية أو وطنية.

وإذ اعتبر الرئيس سلام ان المدخل لمعالجة كل القضايا هو بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، مؤكداً انه لن يقصر عن أي موقف يُساعد على تجنّب الوقوع طويلاً في الشلل، متخوفاً على الوضع الأمني إذا ضعف المناخ السياسي أو انهار، أمل ان لا تتعرض البلاد لاخطار أمنية، وأن لا تتكرر فترة حكومة تصريف الأعمال، مشيراً إلى ان الوضع في عرسال أصبح الآن في عهدة الجيش اللبناني، فبعد القرار السياسي بات القرار الميداني والعسكري من صلاحية الجيش وحده لا سواه.

ويستفاد وفقاً لمصدر وزاري، من حركة الاتصالات الجارية ان هذا الأسبوع سيكون أسبوع سماح، بانتظار ان تتبلور نتائج هذه الاتصالات. ويجري إقناع عون بان الوقت غير مناسب لافتعال أزمة حكومية طويلة، وتجنب الرئيس سلام الدعوة إلى جلسة الخميس المقبل تاركاً الباب للمعالجات السياسية.

تركز الاتصالات على النقاط الآتية:

1- الاستمرار في العمل في الآلية المعدلة لعمل الحكومة أم إعادة النظر بها والتي تقضي بان لا يؤخذ أي قرار ذي صفة وطنية من دون موافقة المكونات الاساسية في الحكومة ويجري البحث بعد زيارة وفد «اللقاء التشاوري» الذي يضم 7 وزراء مسيحيين بتعديل هذه الآلية، والعودة إلى احكام الدستور لجهة اتخاذ القرارات بالتوافق أو بالتصويت.

2- فصل صلاحيات الحكومة، وفقاً لنص الماد 65 من الدستور عن صلاحيات الحكومة كقائمة بمقام رئيس الجمهورية، وبالتالي الحؤول دون سلطة توقيع كل الوزراء على المراسيم التي يوقعها رئيس الجمهورية.

3- تجنّب وقف العمل في مجلس الوزراء، وعلى هذا الأساس تدرس رئاسة الحكومة، عقد جلسة لمجلس الوزراء في الأسبوع المقبل بعد تأجيل جلسة الخميس، في ضوء الاتصالات الجارية، وعلى قاعدة ان تعطيل السلطة الاجرائية أمر لا يمكن القبول به، لا سيما وأن ادراج بند تعيين قائد للجيش في أي جلسة قبل أيلول، وهو موعد انهاء ولاية قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي، أمر لا يمكن الأخذ به، أو الانصياع لرغبة فريق وزاري، ايا كان، لأن من شأن ذلك تعطيل مصالح المواطنين والمؤسسات وشل البلاد.
وأشارت مصادر وزارية لـ”اللواء” ان المسألة خطيرة، لأنه سيترتب على ذلك عدم عقد جلسات جديدة للموازنة بعدما كانت قطعت شوطاً لا بأس به، وتؤخر البحث بها على خلفية ادراج سلسلة الرتب والرواتب ضمن بنود الموازنة، وبالتالي فإن ذلك سينعكس على تأمين رواتب المواطنين وإصدار المراسيم المتعلقة بالسلف، فضلاً عن توفير ما يلزم من أموال للعاملين في المصالح العامة أو المتعهدين أو الاستحقاقات المالية المتوجبة على الدولة.
4-اما بالنسبة لجدول الأعمال، فإن ثمة مطالبة وزارية واقتصادية ونيابية للرئيس سلام بممارسة صلاحياته لجهة اعداد جدول الأعمال، وأن لا يؤدي الاعتراض من قبل وزراء التيار العوني على أي بند من بنوده على سحبه.

وقد حضر هذا الموضوع بقوة بين الرئيس نبيه برّي والنائب وليد جنبلاط أثناء زيارة الأخير إلى عين التينة الأحد، مع ان رئيس اللقاء الديمقراطي أشار إلى ان الغرض الرئيسي للزيارة هو البحث في عقد جلسة تشريع الضرورة للحؤول دون إضاعة فرصة تمويل البنك الدولي لمشاريع ضخمة ومشاريع حيوية مثل سد بسري.

وتوقع مصدر نيابي ان ينقل وزير الصحة وائل أبو فاعور إلى الرئيس سلام ما جرى في اللقاء بين بري وجنبلاط، لجهة دعم توجه الرئيس سلام بالحفاظ على عمل الحكومة، بما يحفظ مصالح المواطنين ولا يُفاقم الأزمة السياسية.

وتحدثت بعض المعلومات ان  سلام لن يقبل بالمس بصلاحياته لجهة تحديد جدول الأعمال، لا سيما وأن الحكومة لم تفقد ميثاقيتها حتى ولو استقال منها وزراء عون، وهو أمر مستبعد تماماً، لأن رئيس تكتل الإصلاح والتغيير يسعى للضغط في الشارع لمنع الحكومة من التقاط انفاسها، في ما لو قررت غالبية الكتل الممثلة فيها تجاوز الاعتراض العوني، فالحكومة هي دستورية وميثاقية، ولم ينتقص من هاتين الصيغتين أي اعتراض من هذه الجهة أو تلك، مع الإشارة إلى ان «حزب الله» لا يحبذ حدوث أي استقالة من الحكومة أو تحويلها إلى حكومة تصريف أعمال، وهذا الأمر المح إليه وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمّد فنيش حينما حذر من تعطيل الحكومة بعد تعطيل مجلس النواب والشغور الرئاسي، داعياً إلى التعامل مع الأزمة الحالية بكل جدية لإيجاد الحلول حتى لا تطول وتتسبب بمزيد من الاضرار بمصالح النّاس.

الى ذلك، اشارت مصادر وزارية لصحيفة “الجمهورية” الى أن “لا جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع، لكنّ هذا لا يعني أنّ الجلسات عُلّقت”. وعزَت عدمَ الدعوة إلى  الجلسة، “أوّلاً إلى أنّ مصيرها معروف سَلفاً، وسلام تجنّبَ أن يتحوّل مجلس الوزراء منبراً لاحتدام سياسي وتفجير خلافات ومواقف مسبَقة، وثانياً لإجراء مزيد من الاتصالات السياسية لتبريد الأجواء”.

من جهتها، رجّحت أوساط سياسية أن تشهد بداية الأسبوع حركة مشاورات للبحث في سبل الخروج من المأزق الحكومي.

وفيما زار النائب وليد جنبلاط، أمس، الرئيس نبيه برّي في عين التينة، يرافقه الوزير وائل بوفاعور والنائب غازي العريضي. نفت مصادر مقرّبة من رئيس المجلس أن يكون الزعيم الاشتراكي قد حمل أي مبادرة، وقالت: «لا شيء استثنائياً. وقد عبّر جنبلاط عن مخاوفه، وتطرق إلى الشلل الذي أصاب المجلس النيابي».

وأضافت إن «الزيارة هي تذكير بموقف جنبلاط الداعم لموقف الرئيس برّي في موضوع الحكومة والمجلس النيابي»، وأن بري أكد أنه لن يسمح بأن يصل الشلل إلى مجلس الوزراء. ولفتت المصادر الى أن لا معطيات جديدة تشير إلى أننا ذاهبون إلى جلسة تشريعية قريبة، ولا اتفاق إلا على ضرورة تحصين الساحة الداخلية”.

وأكدت أن بري وجنبلاط مرّا سريعاً على التطورات الأمنية والعسكرية في جرود عرسال، من دون أن يبدي الأخير أي موقف منها، إيجاباً أو سلباً. ونفت المصادر ما يشاع عن تحالفات واصطفافات جديدة، مؤكدة أن العلاقة مع حزب الله راسخة ومتينة، وكذلك مع تكتل التغيير والإصلاح الذي نختلف معه على التفاصيل، لا على الموقف الاستراتيجي.
الى ذلك، كشف وزير البيئة محمد المشنوق لصحيفة “المستقبل” أنّ سلام لن يدعو إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع حرصاً منه على تبريد الأجواء وتجنّب الانقسام داخل المجلس، بانتظار نضوج الاقتراحات التي يتم تداولها بعيداً عن الأضواء لحل الأزمة.

من جهته، أفاد مصدر وزاري عن أن اتصالات حثيثة بدأت منذ ليل السبت، تشارك فيها فاعليات اقتصادية الى جانب القادة السياسيين، لإقناع بعض الوزراء بضرورة القبول بتحييد البنديْن الخلافييْن اللذيْن كانا سبب تعطيل العمل الحكومي وحضور الجلسات بنوايا إنتاجية، وذلك لمنع حرمان البلد من الهبات والقروض التي تنتظره والتي من شأنها إنعاش دورته الاقتصادية في موسم صيف باهت لا سياحة فيه ولا نشاط اقتصادي بل فراغ يجر فراغ!

وذكر المصدر نفسه لصحيفة “النهار” الكويتية، عن نية لدى بعض الوزراء بإعادة طرح مسألة آلية العمل الحكومي، ولكن هذه المرة من باب الضغط على وزراء “تكتل التغيير والإصلاح”، خصوصاً أن ثمة بين الوزراء من شرع بدراسة طروحات لآليات عمل بديلة تسلب أي وزير او كتلة القدرة على شل العمل الحكومي كما هو حاصل الآن، مشيرة الى أن الرئيس تمام سلام أبدى استعداده لمناقشة مسألة الآلية بصورة أكثر جدية هذه المرة بعد أن وجد نفسه وحكومته أسرى لنهج المناكفة المعتمد من قبل البعض عند كل مفترق خطير.