IMLebanon

هدوء مثير للقلق في أسواق المال العالمية

AmericanStocks3

جون أوثرز

توضع المواعيد النهائية كي لا يتم الالتزام بها. كان من المقرر حل مأزقين من مآزق الجمود الأطول أمدا في العالم المالي الأسبوع الماضي، لكن لم يتم حل أي منهما. وما هو مدعاة للقلق أن الأسواق المالية في العالم لا يبدو أنها مهتمة بالأمر. الملحمة الإغريقية بشأن ديون أثينا، لم يتم التوصل إلى حل لها في اجتماع “إما النجاة وإما الغرق” الذي ضم وزراء المالية الأوروبيين يوم الخميس، والآن هناك اجتماع آخر من نوع اجتماعات “الفرصة الأخيرة” يوم الإثنين، مع ذلك الهدوء في السوق محير ومثير للقلق على حد سواء.

الأسعار الحالية منطقية فقط في حالة (أ) اقتنع المتداولون بإمكانية التوصل إلى اتفاق لتجنب ما يخشاه الجميع من خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي، أو إعسار يؤدى إلى خروج اليونان من اليورو، و(ب) مثل هذا الإعسار، إذا حدث، فلن يكون له تأثير يذكر.

حول النقطة الأولى، هم على حق في أن تأخير القرار هو النتيجة الأكثر ترجيحا. هذا يعتبر في مصلحة الجانبين. تم تأجيل القرار عدة مرات منذ أن تم الكشف عن ثقب في الشؤون المالية العامة في اليونان في أواخر عام 2009. لكن الجانبين يلعبان لعبة خطرة، والحوادث يمكن أن تقع.

حول النقطة الثانية، موقفهم المتراخي يعتبر مقلقا. فقد يكون لإعسار اليونان عواقب غير متوقعة في مكان ما، وذلك بفضل التعقيد والترابط بين أجزاء التمويل الحديث. السابقة قد تغير إلى الأبد طبيعة اليورو – سيصبح ترتيبا للعملة يجعل من الممكن الخروج منها، مثل آليات سعر الصرف الأخرى عبر التاريخ.

ومع ذلك مر اليورو بأسبوع هادئ. فقد ارتفع مقابل الدولار خلال الأشهر القليلة الماضية، حين كان يزداد خطر خروج اليونان، ولم يتغير تقريبا منذ أثارت الانتخابات اليونانية في كانون الثاني (يناير) هذه المرحلة في الأزمة.

بالنسبة لمأزق الجمود الآخر، نحن نعلم الآن أن ذلك سيستمر لفترة أطول. في الوقت الذي بزغ فيه فجر هذا العام، كان من المعروف أن اجتماع لجنة تحديد سعر الفائدة في الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي عرض أول فرصة حقيقية لرفع أسعار الفائدة الأمريكية التي استقرت بين صفر و0.25 في المائة منذ أكثر من ست سنوات ـ منذ أزمة الائتمان. لكن ذلك لم يحدث، وهو أمر كان متوقعا بعد التباطؤ الفوضوي في كثير من البيانات الاقتصادية الأمريكية خلال الربع الأول من هذا العام.

لكن جانيت ييلين، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي، بذلت جهدا كبيرا من أجل الحفاظ على خياراتها مفتوحة لبقية العام. ففي مؤتمرها الصحافي ربع السنوي، نصحتنا بالانتظار بعض الوقت ونحن نتساءل عما إذا كان أول “ارتفاع” لأسعار الفائدة سيأتي في أيلول (سبتمبر)، أو كانون الأول (ديسمبر)، أو آذار (مارس) – وهي تذكرة بأنه يمكن الانتظار حتى العام المقبل – والتركيز بدلا من ذلك على وتيرة الارتفاع في أسعار الفائدة. وقالت “إن هذا سيكون تدريجيا”، وكررت الكلمة 14 مرة.

ويظل ارتفاع الأسعار في أيلول (سبتمبر) احتمالا حقيقيا. لكن سوق العقود الآجلة لأسعار الفائدة – التي تستخدم للتحوط ضد التحركات في معدلات الأسعار المستهدفة – تعني أنه من شبه المؤكد أن هذا لن يحدث (بعد أن افتتحت هذا العام بالإشارة إلى أن من شبه المؤكد أن يكون هناك بالفعل ارتفاع في أسعار الفائدة بحلول ذلك الوقت). والأن ينظر إلى ارتفاع الأسعار بحلول نهاية هذا العام باعتباره فرصة متساوية.

لكن ييلين محقة في أننا لا ينبغي أن نسأل عن تاريخ أول رفع لأسعار الفائدة. المعطيات هي أن الاحتياطي الفيدرالي يريد أن يرفع أسعار الفائدة، وأنه باستثناء وقوع الحوادث فإنهم سيقومون بذلك قريبا (للمرة الأولى منذ أوائل عام 2006)، وعندما يفعلون سيكون بشكل تدريجي للغاية.

أهم الأسئلة تختص بالمجالات التي لا يمكن للاحتياطي الفيدرالي السيطرة عليها. إذا استمرت البنوك المركزية الأخرى في سياساتها الحالية، ما مقدار الفرق الذي يمكن لتحول طفيف في أسعار الفائدة الأمريكية أن يحدثه؟ يقبل كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان على شراء السندات في خطوة تدفع العوائد إلى الهبوط. ولا يمكن للاحتياطي الفيدرالي تحديد أسعار الفائدة طويلة الأجل ـ التي تعتبر حاسمة بالنسبة للاقتصاد ـ بصورة مباشرة. وإلى حد كبير، بفضل السياسات النقدية الليبرالية في أماكن أخرى، انخفضت عائدات سندات الخزانة لأجل عشر سنوات خلال معظم العام الماضي. ماذا لو لم يتمكن الاحتياطي الفيدرالي من رفع أسعار الفائدة على المدى الطويل؟

من بين عديد من السيناريوهات المرعبة، هذه هي المخاطرة التي سيكون الاحتياطي الفيدرالي على استعداد للإقدام عليها وأحد المخاطر هو هروب رؤوس الأموال، ولا سيما من الأسواق الناشئة.

ما فعله بن برنانكي في عام 2013، حين كان رئيسا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، هو أنه فقط أتى على ذكر “الانسحاب التدريجي” من برنامج شراء السندات، وكان ذلك كافيا لإثارة خروج رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة، في الوقت الذي يعيد فيه المستثمرون الأمريكيون الأموال إلى بلدهم.

ثمة أمر آخر هو أن ارتفاع أسعار الفائدة سيرفع قيمة الدولار من خلال جذب الأموال إلى الولايات المتحدة. في العام الماضي اجتمع اقتراب موعد رفع أسعار الفائدة مع وجود الأموال السهلة في بلدان أخرى، ليدفعا الدولار إلى الارتفاع بشكل حاد – ما جعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة لشركات التصدير الأمريكية. ثم هناك خطر أن يستثير الاحتياطي الفيدرالي من خلال التشديد بشكل سريع جدا، حالة الركود من جديد. في عام 1937، أثار إجراء سابق لأوانه من الاحتياطي الفيدرالي عودة الركود بعد الكساد العظيم.

ومن شأن مسار الاحتياطي الفيدرالي التدريجي تجنب كل هذه المخاطر، لكنه في الوقت ذاته يعمق خطر تعذر إمكانية تغيير أسعار الفائدة على الأمد الطويل. قبل عقد من الزمان، تحت رئاسة ألان جرينسبان، اختار مجلس الاحتياطي الفيدرالي التدرج، ورفع الأسعار بشكل متوقع بواقع ربع نقطة مئوية، في اجتماع بعد اجتماع، ولعدة سنوات. لكن أسعار الفائدة على الأمد الطويل بالكاد تزحزحت، ما سمح لفقاعة الائتمان الجامحة بأن تتضخم.

عوائد سندات الخزانة لأجل عشر سنوات أقل من 2.5 في المائة، وهو مستوى لم تتم مشاهدته على مدى نصف قرن، قبل أن يتم كسر هذا الحاجز خلال الأزمة المالية. علينا أن نركز على خطر أن الاحتياطي الفيدرالي لا يمكن أن يدفعها إلى الارتفاع.