IMLebanon

“بيتكوين”: هل تنافس العملة الإفتراضية “العملات الواقعية”؟

Bitcoin2

عزة الحاج حسن

لم يعد موضوع انتشار الـ “بيتكوين” Bitcoin على مستوى العالم أمراً بعيد المنال، بل أصبح أمراً واقعاً فرض نفسه على العديد من الدول الغربية وبعض الدول العربية، وأصبحت الـ Bitcoin، وهي عملة إفتراضية مشفّرة يتم التداول بها عبر الإنترنت، جزءاً من التداولات المالية الإلكترونية، تحت نظر ورعاية عدد من الحكومات، لكن بعيداً عن رقابتها وضوابطها في الوقت عينه.
فمنذ عام 2009 تاريخ إنشاء العملة الإفتراضية وحتى اليوم، اتّسع نطاق انتشارها وتقلبت قيمتها النقدية بشكل كبير، غبر أنها باتت أكثر تحصيناً وقدرة على منافسة العملات الحقيقية لاسيما الدولار واليورو والين الياباني.
وبعد إنشاء أكبر موقع لتبادل البيتكوين في العالم عام 2010، حازت العملة على اهتمام وسائل الإعلام عام 2011 فارتفعت قيمتها الى مستوى الدولار ومن ثم اليورو، ما دفع البنك المركزي الأوروبي عام 2012 الى إصدار تقرير مفصل عن العملات الافتراضية، الأمر الذي مهّد للعديد من المؤسسات والشركات لقبول الـ Bitcoin مقابل خدمات لها.
ونتيجة لزيادة الإقبال على التداول بالـ Bitcoin على مستوى العالم، تعدّت قيمتها الألف دولار في الولايات المتحدة الأميركية عام 2012، فعمّت حالٌ من الذعر في البنوك المركزية في كل من الصين، فرنسا، أوروبا والهند، في مقابل زيادة اهتمام بعض الشركات باستخدام الـ Bitcoin عبر تطبيقاتها لاسيما “شركة آبل”، أما في عامي 2014 و2015 فقد اعتُمدت الـ Bitcoin في كبرى الشركات الأميركية، واعتبرتها ألمانيا عملة شخصية، وفرضت الضرائب على الدخل أو الأرباح المحققة من التداول بها، كما اعتمدتها بعض جامعات إنكلترا في دفع الرسوم الدراسية، في مقابل صدور الكثير من التحذيرات في شأن استخدامها والتداول بها لاسيما من قبل البنك المركزي في كل من روسيا والهند.

عربياً لا يزال التداول بالـBitcoin ينتشر ببطء، إلا أنها موجودة بقوة في دبي وبعض دول الخليج العربي، حيث تعتمدها العديد من المحال التجارية والمطاعم والمؤسسات وأولها مطعم بيتزا The Pizza Guys في دبي.
وعلى الرغم من المخاطر التي ينطوي عليها استخدام الـ Bitcoin ، فإنه لا يمكن تجاهل ما توفره من مزايا فريدة لا تتوفر بالعملات الوطنية، حيث أنها لا تخضع لسلطة مركزية ولا تمر عبر وسيط بنكي آخر ولا شركات بطاقات الإئتمان، أي لا يمكن تجميد الحساب، كما أن رسوم التحويل منخفضة جداً ويمكن استخدامها في أي بلد حول العالم من دون أي شروط مسبقة، ولكن إقبال مواقع بيع المخدرات والمنتجات المحظورة، والأشخاص المطلوبين، على التعامل بالـ Bitcoin رفع منسوب القلق حيال التداول بها وأحاطها بعلامات استفهام عزّزت قرارات حظرها في بعض الدول، إلا أن المراقبين الماليين يرون في تطبيقها والتداول بها نجاحاً كبيراً قد يغير تركيبة الاقتصاد العالمي مستقبلاً.
ولم يحدّ تذبذب قيمة الـBitcoin في السنوات الماضية من الثقة بها، بل رأى عدد من المراقبين في ذلك أمراً طبيعياً تتعرّض له العملات الحقيقية والإفتراضية بسبب المضاربات أو الأزمات أو أي عامل آخر، ما دفع مراقبين ماليين سويسريين الى التنبؤ بمستقبل بارز للعملة الإفتراضية إذ قد تضاهي الين والدولار واليورو.
وإذا كانت عملة الـ Bitcoin مرشحة بحسب المراقبين لتكون من العملات الرئيسية في حركة التداولات التجارية المستقبلية الخاصة بتسريع عمليات بيع السلع والخدمات وشرائها، إلا أن خبراء يخشون من خروج آلية تسعير هذه العملة الإفتراضية عن السيطرة، وفي حين أن الـ Bitcoin لا تتمتع بالمزايا المعيارية التي تتمتع بها العملات الحقيقية، ومنها عدم القدرة على استخدامها لدفع الضرائب مثلاً، إلا أن الإقبال على استعمالها عبر الإنترنت يزداد بشكل مضطرد. فهل ستُعتمد مستقبلاً كعملة واقعية باعتراف الدول؟