IMLebanon

هل هذا ما يريده” الزعيم المسيحي الأقوى”؟

michel-aoun-new-1

كتب صلاح سلام في صحيفة “اللواء”: قد تكون سعة صدر رئيس الحكومة وطول باله، أكبر مما يتوقعه البعض، ولكن تردّي أوضاع البلد، والمخاطر المحدقة بالأمن والاستقرار، وتفاقم الشلل المتمادي في مؤسسات الدولة، ومفاصلها الأساسية، لا تحتمل مزيداً من التعطيل، واستمرار تعليق جلسات مجلس الوزراء.

تريث الرئيس تمام سلام في الدعوة لانعقاد جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية، كان في محله، وعبّر عن حسّ وطني صادق لدى الرجل، يُؤكّد حرصه على وفاق «الحد الأدنى» داخل حكومة «المصلحة الوطنية»، فضلاً عن تجنبه الدائم الدخول بنزاعات أو سجالات مع أي فريق سياسي، في هذه المرحلة الحرجة، لبنانياً وعربياً وإقليمياً.

ولكن حرص رئيس الحكومة وحده لا يكفي، إذا لم يقابله الطرف الآخر، وهو هنا التيار العوني، وحليفه “حزب الله”، في منتصف الطريق، لمنع سقوط السقف فوق رؤوس الجميع، ولضمان استمرار الحكومة بمسؤولياتها الوطنية المعقدة، في ظل هذا الشغور المُعيب في رئاسة الجمهورية، وما استتبعه من تعطيل التشريع في مجلس النواب.

أسبوع، أسبوعان، ثلاثة أسابيع، ومجلس الوزراء لم يجتمع، تفادياً لاستفزاز فريق أساسي في الحكومة، والذي يصل عدد وزرائه إلى ستة وزراء: إثنان للتيار العوني، ومثلهما للحزب، ووزير لكتلة فرنجية، وسادس عن الأرمن.

ولكن إلى متى تستمر مراعاة خواطر هذا الفريق، على حساب بقية الأفرقاء في الحكومة، والذين يتمثلون بثمانية عشر وزيراً، تتوفر في تركيبتهم المعايير الميثاقية، والأكثرية الدستورية؟

إلى متى تجوز مسايرة الأقلية الوزارية، في موقف له طابع الفرض والتحدّي للآخرين، وتجاهل مواقف ومطالب الأكثرية السياسية والوزارية التي تطالب بجلسات مجلس الوزراء، لمواجهة الاستحقاقات الداهمة، وتسيير شؤون البلاد والعباد؟

لا يمكن لرئيس الحكومة، ومعه أكثرية الوزراء، أن يبقى مكتوف اليدين، والشلل يتهدد آخر مؤسسات الدولة الدستورية، وأجواء الحذر والقلق ترخي بظلالها الثقيلة على الحياة اليومية للناس، وتُفاقم اختناق الحركة الاقتصادية، وتضغط على نبض الشارع توتراً وتشنجاً!

مَن يتصدّى لأزمة النفايات التي تُهدّد بيروت والضواحي، بأزمة بيئية مدمرة؟

كيف يمكن تأمين رواتب القطاع العام بدون عودة مجلس الوزراء إلى الاجتماع؟

هل يمكن إيجاد الحلول اللازمة لتصدير الإنتاج الصناعي والزراعي، بعدما أقفلت الطرق البرية في وجه المصدّرين اللبنانيين؟

ماذا يكون مصير صرخة الهيئات الاقتصادية والإنتاجية ضد الانتحار السياسي، الذي تمارسه الطبقة السياسية المفلسة بخفة وإمعان، في حال بقي الشلل الحكومي أسابيع أخرى؟

ومَن يضمن عدم تعامل المجتمع الدولي مع لبنان كدولة فاشلة، بعدما يكون الشلل والتعطيل طالا كل المؤسسات الدستورية: من رئاسة الجمهورية إلى مجلس النواب، واليوم مجلس الوزراء؟

لا طائل من الكلام الاستهلاكي الذي يطلقه نواب ووزراء التيار العوني، حول مخالفات دستورية وميثاقية مزعومة، في حال التأم عقد مجلس الوزراء واتخذ القرارات المناسبة من بنود جدول الأعمال.

أين كان أصحاب هذا الكلام عندما احتل عون قصر بعبدا عام 1989 عنوة، وحوّله إلى منبر خطابات يومية باسم «شعب لبنان العظيم؟».

هل نسي الوزراء والنواب العونيون أن «الجنرال» استمر بحكومته العسكرية يتخذ من القرارات الهمايونية المعروفة، رغم استقالة الوزراء المسلمين منها، وبقيت تضم ثلاثة وزراء مسيحيين فقط؟

وكيف لعون أن يُعارض التمديد لقائد الجيش سنتين، وهو الذي كان «اخترع» تقليد التمديد عام 1989، عندما مدّد للواء محمود طي أبو ضرغم أربع سنوات دفعة واحدة؟

وهل يحق للوزراء والنواب العونيين أن يتحدثوا عن مخالفات قانونية، والعماد عون كان قد أصر على احتفاظ وزراء حكومته العسكرية بوظائفهم الأصلية في المؤسسة العسكرية، خلافاً للنظام والقوانين السارية المفعول؟

أما اللجوء إلى سياسة التهديد والوعيد فلم تعد تخيف أحداً، وهي ترتد على أصحابها أولاً وأخيراً، لأن الأكثرية الساحقة من اللبنانيين أصبحت على علم ودراية كاملين بمن يمارس سياسة التعطيل، وما هي الأهداف، المعلنة منها والمبيتة، للتعطيل، والتي تتجاوز رئيس الجمهورية وقيادة الجيش لتطال الصيغة الحالية، من أساسها، وصولاً إلى آفاقها الوطنية القائمة على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وعلى مبدأ المساواة بين المواطنين، بعيداً عن مقاييس الأكثرية والأقلية!

فهل هذا ما يرمي إليه رئيس أكبر كتلة نيابية مسيحية، وهل هذا ما يريده مَن يعتبر نفسه «الزعيم المسيحي الأقوى؟».