IMLebanon

أهالي السبتية: هل نعود إلى الأمن الذاتي؟

 

sabtiyeh assault

 

 

 

«قالوا يا عنتر مين عنترَك؟ قلُّن: عنتَرت وما حدا ردّني». هكذا يَختصِر أهالي السَبتية ممارسات بعض جيرانهم من الزعيترية، بعدما ضاقوا ذرعاً من إطلاق النار، وابتزازهم تحت وطأة السلاح. وآخر فصول تلك التجاوزات، إطلاق الرصاص على الشاب جوزف أبو عبود في وضَح النهار قرب منزلِه في حيّ عين الشيخ مقابل مستشفى بيطار.

«السَلام ع إسمو مار إلياس خَلّصو». تُتَمتِمُ والدة جوزف وعيناها مغرورقتان بالدموع، مشيرةً إلى صوَر القديسين المعلقة على جدران المنزل كيفما وقعَ نظرُك. «حالي كحالِ كلّ أمّهات الحيّ، نُرَبّي أولادنا بدموع العين، وبلَمحِ البَصر يأتي «أزعر» يُحاول وضعَ حدٍّ لحياتهم والتلاعب بأعصابنا». تتحدّث «أم زوزو» لـ«الجمهورية»، ومنزلُها يغصّ بالمحبّين الذين توافَدوا للاطمئنان إلى صحّة ابنِها، وسط حالٍ من الهَلع والترَقّب في الحيّ.

تجاوزات بالجملة

خرجَ جوزف (26 عاماً) وابنُ عمّه ليتناولا الفطور في أحد أفران المنطقة، وفي بال جوزف إقناع قريبه بالتخَلّي عن حياته في السويد وتمديد إجازته في لبنان، وبينما كانا عائدين، تمهَّلَ جوزف بسيارته بالقرب من دكّانة «منصور» قبل بضعةِ أمتار مِن منزله.

في هذه الأثناء، صودِف خروجُ سيارة «i10» لون نبيذي، من شارع معروف بـ«أبو سلّة»، بينما كان جوزف ينادي العمّ منصور ليناوِلَه غرضاً، وما إنْ وصلَت السيارة إلى جانبه، حتى نزلَ منها 3 مسلّحين، أحدُهم ضربَ جوزف على رأسه بالمسدّس، وآخر أطلقَ 4 أعيرةٍ ناريّة، أحدُها أصابه وخرقَ فخذَه، وسرعان ما هرولَ المعتدون إلى جهةٍ مجهولة.

في هذا الإطار، يَروي جوزف لـ«الجمهورية» ما حدث معه قائلاً: «ببساطة عدتُ قرابة الثانية عشرة ظهراً إلى الحيّ بسيّارتي هوندا سيفيك لون بوردو، بينما كنتُ أتمهّل بالقرب من جارنا «الخضرجي»، أفسحتُ المجال لسيارة تَخرج من حي «أبو سلّة» من دون أن أفكّر للحظة بمن في داخلها، تمهّلتُ إلى جانب الطريق إفساحاً للسَير، ولم أجِد إلّا الرصاص ينهال على سيارتي، والشتائم كزَخّ المطر، 3 شبّان مسلّحين يصَوّبون غضبَهم بإتجاهي من دون أن نتشاجَر أو نتلاسن».
عبثاً يحاول جورج التغلّبَ على إحباطه بأن تأخذ العدالة مجراها، قائلاً: «لنكُنْ واقعيين، المواطنون في لبنان فئتان: مِنهم مَن يُحاسَب على الفاصلة، وآخرون يُصرَف النظر عنهم، وحتى لو طالبنا بمحاسبتِهم، فإنّنا بَعد يومين نسمعُ بأنّهم وبسِحر ساحرٍ خرَجوا إلى الحرّية ليمارسوا التجاوزات عينها».

نقطة أمنية ثابتة

بحرقةِ قلبٍ يتحدّث الياس والدُ جوزف لـ«الجمهورية» عن الحياة المريرة في الحي، «وكأنّه شارع تكساس، باتَت الخلافات أشبَه بقوتِنا اليومي، غالباً ما نَسمع أعيرةً ناريّة، ونرى تجاوزات بالجملة، وأطفالاً دون الخامسة عشرة يقودون سيّارات ودرّاجات ناريّة، يوزّعون البضائع، أضِف إلى حركة تجارة المخدّرات المزدهرة التي يديرها المعروف بـ«أبو سلّة». ويتابع: «نبَرى لسانّا» ونحن نطالب بتثبيتِ نقطة أمنية، ولكن «فالج لا تعالج»… ولو تحدّثت حتى الفجر عن معاناتنا لن يفهمَها إلّا مَن يقطن ليلةً معَنا».

يُقاطعُه جارُه متحدّثاً عن نوع آخر من التجاوزات، قائلاً: «غالباً ما نتعرّض للتهديد بالسلاح، يأتي أحدُ المدمنين شاهراً سلاحَه على صاحب دكّانةٍ، أو على رجل في سيارته مقابلَ إعطائه المالَ أو أيّ غرضٍ آخر يحتاجه، كقارورة غاز مثلاً». ويضيف: «وإنْ لم يحصل على مبتغاه نَستيقظ صباح اليوم التالي على عملٍ تخريبي، كإحراق سيارة، تحطيم دكانة، أو التعدّي على أحد سكّان الحي».

أكثر ما يحِزّ في نفس الأهالي، التساهل الذي يُعامَل به هؤلاء الخارجون عن القانون، فيقول أحد الجيران: «نُحاسَب على حزام الأمان، وعلى تاريخ رخصة معيّنة، فيما هؤلاء الخارجون عن القانون، مسلّحون في أوكارهم، مدجَّجون بالمخدّرات، لا مَن يحاسبهم ولا حتى مَن يَحمينا منهم، والدليلُ هو المشكلات اليومية، وكأنّنا في حقلِ ألغام، فهل المطلوب العودة إلى الأمن الشخصي». ويَسأل: «هل المقصود تفريغ المنطقة وتركُها للزعران؟ مَن يحمينا مِن الاعتداءات المتكرّرة؟».

الاعتداء على جوزف ليس الأوّل في المنطقة، و«لن يكون الأخير»، طالما أمثالُ (ح. م.ز) المتّهم بالاعتداء على جوزف، لا يزال ينعَم بالحرّية.