IMLebanon

لبنان بين الدول المعرّضة للإفلاس؟

MoneyLeb3
طوني رزق
إستناداً الى النتائج التي توصّلت اليها دراسات دولية متقدمة، أُدرِج لبنان على لائحة الدول الأكثر عرضة لأزمة ديون سيادية، شأنه في ذلك شأن اليونان. وتعتبر دولة ما عالية المخاطر على مستوى الديون السيادية عموماً عندما يتجاوز حجم الدين العام 30 في المئة من الناتج القومي العام وعندما يتجاوز العجز الحساب الجاري بنسبة الـ 5% وعندما يتجاوز استحقاق الدفع 10% من الإيرادات الحكومية.

أمّا الترتيب الابجدي للدوَل التي هي في دائرة مخاطر الافلاس من جرّاء أزمة الديون السياسية، فجاء كالتالي: 1- ارمينيا- 2- بالبز- 3- كوستاريكا- 4- كرواتيا- 5- قبرص- 6- جمهورية الدومينيكان- 7- سلفادور- 8- غامبيا- 9- اليونان- 10- غريناد- 11- ايرلندا- 12- جامايكا- 13- لبنان- 14- ماسورسينا- 15- جزر مارشال- 16- مونتينغرو- 17- البرتغال- 18- اسبانيا- 19- سيرلينكا- 20- سان فانسان- 21- تونس- 22- اوكرانيا- 23- السودان- 24- زيمبابواي.

تعتمد هذه الدول على ديون كبيرة بأسعار فائدة محددة، وعندما سترفع الولايات المتحدة الاميركية أسعار الفائدة سوف تدير هذه الدول عملية إعادة التمويل، وسوف يحصل ذلك بأسعار فائدة اكثر ارتفاعاً، الأمر الذي سوف يدفع المستثمرين لسَحب أموالهم من الاسواق الناشئة الصغيرة.

وعندئد، سوف تكون هذه الدول على شفير الهاوية. وقد حذّر البنك الدولي مؤخّراً هذه الدول كي تكون جاهزة لمواجهة الأسوأ، وربطَ اقتصاديون كبار ذلك باحتمالات أيّ رَفع لأسعار الفائدة من قبل الاميركيين، الأمر الذي سوف يهزّ سوق السندات السيادية في العالم.

وكانت الديون السيادية قد تضخمت نتيجة عدم وجود خيارات أفضل لتوظيف الاموال، لكن هناك ضغوط كبيرة على الحكومات والمصارف المركزية لكي تُبقي هذه الديون على أسعار الفائدة القديمة.

وكانت القروض عابرة الحدود والقارّات في القطاعين الخاص والعام قد ارتفعت من 11,3 تريليون دولار في العام 2014، ويتوقع ان ترتفع هذا العام الى 14,7 تريليون دولار، وذلك على المستوى العالمي. ويُظهر ذلك ارتفاع الديون الخارجية العالمية بنسبة 30 في المئة في فترة اربعة اعوام فقط، في إشارة الى السبب الرئيسي للأزمات المتوقعة، وهي أمور لم يجد أحد حلاً لها حتى الآن.

وفي حين انّ بعض الدول استخدمت الديون الخارجية في تنويع اقتصادها وفي المكان الصحيح، الّا انّ دولاً كثيرة أنفَقَت هذه الديون بشكل عشوائي وسياسي، الأمر الذي جعل الوضع اكثر سوءاً.

ومع بحث المتموّلين الكبار عن توظيفات ذات عائدات أفضل ممّا يمكن تحقيقه داخل أوطانهم، لجأوا الى الإقراض الخارجي، وخصوصاً الى الدول الناشئة التي استفادت من انخفاض اسعار الفائدة العالمية للحصول على اموال جديدة بشروط افضل. غير انّ تضخّم الديون يجعل الدول المقترضة عُرضة لمخاطر كبيرة عند تغيير الاتجاهات في الاسواق العالمية.

وهذا ما يجعل اكثر من عشرين دولة معرّضة للمخاطر التي تواجهها اليونان حالياً بسبب الديون السيادية. وتتعرّض هذه الدول الموجودة في دائرة الخطر لمواجهة الكارثة عند أي تدهور اقتصادي عالمي او ايّ قفزة في أسعار الفائدة في سوق الديون العالمية.

وفي حين تتدخّل المصارف المركزية، ومنها مصرف لبنان المركزي، لسَدّ العجز في سوق السندات السيادية بشكل أو بآخر، يعتقد محللون كبار انّ ذلك لن يكون متوافراً طوال الوقت. وقد دفع ذلك أحد الكتّاب المتشائمين بشأن ما يحصل على المستوى العالمي لِنَشر قوله المأثور: إننا نعيش حالياً في وطن حيث الأطبّاء يدمّرون الصحة، ورجال القانون يدمّرون العدالة، والجامعات تدمّر المعرفة، والاعلام يدمّر المعلومات، والدين يدمّر الاخلاق، والمصارف تدمّر الاقتصاد.

ويبدو أنّ الامور ذاهبة الى الأسوأ فعلياً، بعد إشارة رئيسة الاحتياطي الفدرالي جانيت يلين الأسبوع الماضي الى ضرورة رفع أسعار الفائدة هذا العام. وكانت عقدت قمة لدول منطقة اليورو، أمس، يبدو انّ هدفها تَمحوَر حول إيجاد السُبل لإبقاء اليونان داخل المنطقة المذكورة. وبالتالي، وَضع صيغة جديدة لتقديم الدعم المالي الضروري.

وتحتاج اليونان الى سبعة مليارات يورو قبل 20 تموز الحالي لدَفع استحقاق لصالح البنك المركزي الاوروبي، والى 12 مليار يورو في منتصف شهر آب المقبل لدفع استحقاق آخر ايضاً للبنك المركزي. وسوف تَعمد القمة الى توفير هذه الاموال، إضافة الى إعادة جَدولة الديون الاخرى، واتخاذ خطوات اخرى لتجنّب شطب اليونان لقسم من الديون مقابل إقرارها إصلاحات مالية، وخصوصاً زيادة الضريبة على القيمة المضافة وفي ملف التقاعد.

كلّ ذلك دفعَ محللاً كبيراً في دويتشه بنك الالماني الى القول انّ اليونانيين قد استَبقوا التدابير الحكومية في وَضع قيود على حركة الأموال بسحب مليارات اليوروات، وانّ ذلك سوف يحوّل اليونان، إذا ما خرجت من منطقة اليورو، الى أن تكون شبيهة بلبنان او بكوبا حيث الدولار «الملك».

وتسعى المانيا والولايات المتحدة الاميركية الى إبقاء اليونان داخل منطقة اليورو لأسباب جيوسياسية، لتجَنّب ولادة دولة تشبه كوريا الشمالية في الجنوب الغربي من اوروبا تُضاف الى دول فاشلة وساقطة في منطقة الشرق الاوسط.