IMLebanon

السياحة مستقرة سلبياً والآمال معقودة على مرحلة عيد الفطر وما بعده

TouristLeb

رائد الخطيب
مع هبوب كل عاصفةٍ أمنية أو حركة في الشارع، يتوجس أهل القطاعِ السياحيْ خيفةً، من إمكانِ تدهور المزيد من المؤسسات السياحية، خصوصاً وأنَّ الزائرَ للوسط التجاريْ في بيروت، سيصدمُ بالمشهدِ «التفريغي» لأهم مربعٍ سياحي في لبنان، هذا التفريغُ ليس أمنياً بل سياسي لا مستقرْ، فإذا كانت كرسيْ بعبدا فارغة من رئيس يجلسُ عليها منذ سنة وشهرين، فما بال سائر القطاعات التي ترتبط ببعضها البعض بفعلِ عامل الاستقرار، الذي الى الآن «غير موضوع في الخدمة»، يضافُ الى هذا المشهدِ مشهدُ المنطقة من حولنا ولا سيما في سوريا، التي تهبُّ رياحها الساخنة على لبنان، فتجعلُ الحذرَ والترقب والانتظار، عناوين المرحلة، وهذا ما يجعلُ السائح كثيراً ما يعدّلُ بوجهة سياحتهِ الى غير لبنان، فالسيّاح الأجانب تتفاوَت أعدادهم من عام إلى آخر بحسب الأوضاع السياسية والأمنية، ومع استمرار المقاطعة الخليجية للبنان فإنَّ لبنان يخسر كثيراً من إنفاقهِ السياحي، سيما وأنَّ هؤلاء تشكل نفقاتهم نحو 65 في المئة من مداخيل القطاع. ولم يحل شهر رمضان المبارك الأزمة إذ استمرت الإشغالات الفندقية أقل من 60 في المئة، وهو ما يعني أنَّ هذه الإشغالات لا تعادل سوى النفقات التشغيلية لهذه المؤسسات، لقد بدّل السياح العرب ولا سيما الخليجيين وجهة سياحتهم نحو دول أكثر استقراراً، تبدأ من تركيا فاليونان وقبرص وبعض الدول العربية التي تنعمُ بالاستقرار، وهذا ما يجعلُ الخسارة واردة.

رغم كل هذه السوداوية، فإنَّ خبراءَ يرون أنَّ المشهد قد يتبدل ويعولون على زيادة معدلات التشغيل الفندقي مع حلول عيد الفطر المبارك، فصحيح أن لبنان مضطرب سياسياً، إلا أنَّ وضعهُ الأمني مستقر، فتقرير أرنست أند يونغ حول أداء الفنادق ذات فئة الأربعة والخمسة نجوم في منطقة الشرق الأوسط، يؤشر الى ايجابية مهمة، وهي بقاء معدل إشغال الفنادق في مدينة بيروت مستقراً على أساس سنوي على 61 في المئة في أيار 2015. في المقابل، ارتفع متوسط تعرفة الغرفة بنسبة 7.8 في المئة على صعيدٍ سنوي إلى 180 دولاراً في الشهر الخامس من العام 2015، كما زادت الإيرادات المحققة عن كل غرفة متوافرة بنسبة 8.3 في المئة سنوياً إلى 111 دولاراً، وعلى صعيدٍ إقليمي، حظيت مدينة بيروت برابع أعلى نسبة إشغال فنادق (55 في المئة) بين عواصم المنطقة التي شملها التقرير عن الأشهر الخمسة الأولى من العام 2015، في حين تصدرت إمارة أبو ظبي لائحة عواصم المنطقة لجهة أعلى معدل إشغال بين الفنادق ذات فئة الأربعة والخمسة نجوم، والذي بلغ 81 في المئة في الفترة المذكورة، تبعتها مدينة الدوحة (76 في المئة) ومدينة الرياض (70 في المئة). وفي سياقٍ متصل، حظيت مدينة الدوحة بأعلى متوسط تعرفة للغرفة الواحدة، والذي بلغ 256 دولاراً، تلتها مدينة الرياض (218 دولاراً) وأبو ظبي (209 دولارات) والمنامة (197 دولاراً) وبيروت (174 دولاراً).

ويتوقع الخبراء أن يكون النمو الناتج عن قطاع السياحة نحو 0,39 في المئة أي ما يوازي 200 مليون دولار، لتكون بذلك مساهمة هذا القطاع 8,8 مليارات دولار هذا العام.

وقال نقيب أصحاب مكاتب السفر والسياحة جان عبود، لـ«المستقبل»، إن النمو في القطاع السياحي بشكلٍ عام هو نحو 18 في المئة خلال الأشهر الـ6 التي مضت، بالمقارنة مع الفترة المماثلة من العام المنصرم، بيد أن معظم السائحين هم من الجنسيات العراقية والأردنية والسورية (الطبقة الميسورة)، وهناك القليل من السياح الكويتيين إذ تفضل الكويت سياسة النأي عن النفس بالنسبة للوضع السياسي اللبناني، بالإضافة الى وجود مساكن وبيوت لهم في لبنان.

فالسياح العراقيون يحتلون المرتبة الأولى الذين بلغ عددهم 64142 زائراً خلال النصف الأول من العام الحالي، ويأتي الأردنيون في المرتبة الثانية بـ40028 زائراً ، ثم المصريون في المرتبة الثالثة بـ32332 زائراً ، ويأتي السعوديون في المرتبة الرابعة بـ24395 زائراً، بينما كان زوار المملكة العربية السعودية يحتلون المرتبة الأولى قبيل القرار الخليجي الذي تمنى على رعايا الدول الخليجية عدم المجيء الى لبنان بسبب الاوضاع السياسية والأمنية فيه.

ولفت عبود الى أن الحجوزات من الخارج الى لبنان جيدة، فمن أصل 13500 مقعد في الطائرات، هناك نحو 90 في المئة منها محجوز ومباع، إلا أنه الى الآن ليس بالواقع الذي نريد، فمثلاً نحن لا نشهد رحلات اضافية رغم أن الرحلات أسبوعياً تصل ما بين 70 الى 80 في المئة (تشارتر)، وتبقى أفضل من السنة الماضية في مثل هذه الفترة حيث كانت تصل الى نحو 50 رحلة.

وأشار عبود الى أن القطاع الفندقي ما يزال هو المتضرر الرقم واحد في قطاعات السياحة، إلا أن قطاع مكاتب السفر والسياحة فلم يتأثر وهو القطاع الذي ينقسم الى ثلاث: المسافرين من لبنان الى الخارج وبالعكس وسوق قطع التذاكر. وأوضح أن سوق قطاع التذاكر باع من اليوم الأول للعام الجاري حتى نهاية حزيران الماضي بنحو 320 مليون دولار وهو أعلى من الرقم المحقق خلال نفس الفترة من العام الماضي أي نحو 3,8 في المئة، وهذا ما يجعل القطاع مستمراً، في حين أن قطاع تأجير السيارات تراجع مثلاً فمن أصل 17000 سيارة وضعت للايجار لم توضع هذه السنة سوى 7000 سيارة.

وإذ أثنى النقيب عبود، على نشاط وزارة السياحة إلا أنه رأى أن الامر يتعلق بالدرجة الأولى بالوضع السياسي، وقال إن المطلوب هو استرداد الخليجيين.

يبقى أن ما خلفتهُ الحركة «العونية» في وسط بيروت نهاية ألأسبوع الماضي، ستكون لهُ تداعيات سلبية، ومن هذا المنطلق، يتوجّب على الحكومة أن تتدارَك الوضع السياسي بحيث تتجنّب التعطيل في القرارات كي لا يكون هناك من تداعيات سلبية على القطاع السياحي، وعلى الحكومة أن تتدارك هذا الوضع داخلياً، أما خارجياً فإن الأنظار تتجه الى الحكومة كي تُفعِّل ديبلوماسيتها لاسترداد ثقة الخليجيين، واستعادة السياح الى لبنان. وقال نقيب أصحاب الفنادق بيار أشقر «القطاع السياحي يعاني من الركود للسنة الرابعة على التوالي، والخوف أن تتطور الأمور على نحو غير ايجابي فتزيد الأعباء على القطاع، فالخسائر في المداخيل هي بحدود الـ50 في المئة، إلا أننا ما نزال نأمل في أن يكون موسم الاصطياف واعداً».

وقال «نريد الإفادة من هذا العيد الذي نعوّل عليه الكثير للتعويض عن الجمود الاقتصادي المستشري ولا سيما في المؤسسات السياحية». وعن تحضيرات تلك المؤسسات للعيد المقبل، قال الأشقر «نحن جاهزون أصلاً منذ فترة طويلة، ونترقب أي مناسبة أو موسم لنقطف ثماره تعويضاً عن الخسائر التي نتكبدّها منذ سنوات خمس، فوضعنا متدهور جداً خصوصاً في القطاع الفندقي، إذ على سبيل المثال تصل نسبة الحجوزات في الفندق الذي أملك في إحدى المناطق الجبلية إلى 55 في المئة بين ثلاثة وخمسة أيام، بعدما سجلت طلبات الحجز في السنوات السابقة 130 و140 في المئة، حيث كانت تكتمل الحجوزات بنسبة 80 و100 في المئة لمدة شهر وشهرين«. وأضاف «للأسف، لن نشهد مثل هذه الحجوزات اليوم، بل ستقتصر على أربعة أو خمسة أيام بنسبة إشغال 50 و60 في المئة قد تصل إلى 70 و80 في المئة، في حين أن أصحاب الفنادق يحتاجون إلى تلك النسبة لمدة 100 يوم عمل كي يعوّضوا خسائرهم، وعندما ينتهي العيد نعود إلى نسبة إشغال 30 و40 في المئة، قد تصل إلى 50 في المئة في عطلة نهاية الأسبوع، وبدل العمل 100 يوم نعود إلى العمل 25 و30 يوماً».