IMLebanon

موريتانيا تستعد لطفرة اقتصادية بعد تحسين مناخ الاستثمار

Mauritania-Flag
تزايد اهتمام القوى الاقتصادية العالمية بالاقتصاد الموريتاني بعد بروز مؤشرات اقتصادية على امتلاك البلاد للعديد من الثروات الطبيعية، وتزايد الاستقرار السياسي، وملامح جديدة للاصلاحات الاقتصادية التي تسهم في تحسين مناخ الاستثمار.
ويأتي ذلك بعد تحسن معظم المؤشرات المالية بعد تزايد الاستقرار السياسي ومحاربة الإرهاب، إضافة إلى تشديد سياسة مكافحة الفساد المالي، وإجراء إصلاحات في التشريعات المالية والاقتصادية.

مؤشرات اقتصادية

وبحسب وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية الموريتاني سيد أحمد ولد الرايس، فإن معدل التضخم في البلاد لا يتجاوز حاليا نسبة 3.5 بالمئة. وتوقع أن تصل نسبة النمو الاقتصادي خلال العام الحالي نحو 5 بالمئة، بعد أن زادت عن 6 بالمئة خلال العامين الماضيين.

وقال إن إجمالي الاستثمارات الأجنبية في البلاد بلغت نحو 6.2 مليار دولار حاليا، وأنها ساهمت في خفض نسبة الفقر إلى 31 بالمئة مقارنة بنحو 42 بالمئة في عام 2008.

وشهدت العملة الموريتانية تحسنا كبيرا مقابل العملات الرئيسية في الأسابيع الأخيرة لتصل إلى نحو 326 أوقية للدولار، في ظل توقعات بتسارع النمو الاقتصادي خلال النصف الثاني من العام الحالي.

ثروات كبيرة

بلغت احتياطات البلاد من العملة الصعبة بحسب الوزير نحو 900 مليون دولار خلال الشهر الحالي، وهي مستويات مرتفعة، قياسا إلى حجم اقتصاد موريتانيا، التي يبلغ عدد سكانها نحو 3.5 مليون نسمة.

وتملك البلاد ثروة معدنية كبيرة تمتد من الحديد والنحاس والذهب والكوارتز والفوسفات، مرورا بثروات النفط والغاز الطبيعي وصولا إلى الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية.

ويتصدر الاتحاد الأوروبي والصين ودول مجلس التعاون الخليجي، قائمة الشركاء الاقتصاديين المهتمين بالفرص الاستثمارية الكبيرة في موريتانيا، خاصة في مجال التعدين والطاقة والصيد البحري، منذ إبرام الاتحاد الأوروبي اتفاقية مع نواكشوط في هذا المجال في عام 2013.

ويعد إنتاج خامات الحديد من أبرز النشاطات التعدينية في البلاد، التي تأثرت في الأشهر الأخيرة بتراجع أسعاره العالمية.

وفي شهر مايو الماضي أعلنت شركة كوسموس إنيرجي الأميركية عن اكتشافات كبيرة من الغاز الطبيعي، جنوب شرق العاصمة الموريتانية نواكشوط. وقدرت حجم الاحتياطات بنحو 420 مليار متر مكعب.

وقالت الشركة أن استغلال هذه الاحتياطات الضخمة من الغاز سيمتد على مدى 25 عاما، وتوقعت العثور على احتياطات نفطية خلال الأشهر المقبلة.

كما تزايد الاهتمام بالفرص الزراعية بعد تحسن الظروف المناخية في السنوات الأخيرة، والتي أزالت الآثار السلبية لمواسم طويلة من الجفاف الذي ضرب البلاد.

وتشير البيانات إلى أن الاستثمارات الصينية في موريتانيا بلغت في نهاية العام الماضي نحو 1.1 مليار دولار في مشاريع اقتصادية وتنموية متنوعة، من بينها الزراعة والموانئ والنقل والصيد البحري.

وأعلنت السعودية منذ العام الماضي أنها مهتمة بالاستثمار في مجال الاستزراع السمكي في موريتانيا وأن عددا من المشاريع يجري تنفيذها حاليا، بعد تحسين نظام الاستثمار في البلاد.

وذكرت مصادر موريتانية أن الحكومة السعودية تنتظر من نواكشوط حاليا تزويدها بدراسات وافية لمشاريع اقتصادية في مجال الثروة السمكية والحيوانية والزراعة، من أجل تمويلها بسقف قد يصل أكثر من خمسمئة مليون دولار.

وشاركت السعودية بشكل كبير في مؤتمر موريتانيا للاستثمار في العام الماضي، من خلال وزير المالية إبراهيم العساف الذي أكد أن نواكشوط بذلت جهودا كبيرة لتحسين أدائها الاقتصادي وتعزيز النمو الشامل وإرساء قواعد الشفافية والحوكمة لتعزيز النمو الاقتصادي.

وقطعت البلاد شوطا كبيرا في إصلاح القضاء، وتطوير البنية التحتية من موانئ وطرق ومياه وكهرباء واتصالات، ووضعت الكثير من الحوافز لجذب الاستثمار وتنمية الموارد البشرية، من خلال التركيز على التكوين المهني والتعليم.

وفي بداية يونيو الجاري قالت الإمارات إن الفرص الاستثمارية في قطاعات الزراعة والثروتين الحيوانية والسمكية في موريتانيا تبدو مشجعة للشركات الإماراتية.

استقرار سياسي

قال وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان بن سعيد المنصوري حينها إن بلاده تسعى لزيادة العمل المشترك على تعزيز حجم التبادل التجاري، وأكد أن الإمارات تضع الأمن الغذائي في قمة أولوياتها وأن موريتانيا تملك مقومات اقتصادية كبيرة في هذا المجال.

ورغم أن الصراعات السياسية، لا تزال عالقة في ذاكرة الموريتانيين، إلا أن البلاد بدأت تشهد استقرار المناخ السياسي، منذ انتخابات يونيو 2014 التي أرست شرعية حكم الرئيس محمد ولد عبدالعزيز، الذي استولى على الحكم في انقلاب عام 2008.

ورغم مقاطعة أحزاب المعارضة لتلك الانتخابات، التي فاز فيها بنسية 82 بالمئة من الأصوات، إلا أن العديد من المراقبين وصفوها بالشفافية.

ويقول مراقبون إن ولد عبدالعزيز تمكن من تحسين معظم المؤشرات والسياسية، حيث تراجع التضخم إلى أقل من 5 بالمئة، في تراجع الدين الخارجي من نحو 87 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 57 بالمئة، ومن المتوقع انخفاضه إلى 52 بالمئة بنهاية العام الحالي.

وتمكن من محاربة الرشاوى والإرهاب وخفض الدين العام ومعدلات الفقر من خلال زيادة الأجور، الأمر الذي خفف من حدة الاحتجاجات الاجتماعية.