IMLebanon

في الكواليس طبخة قديمة – متجدّدة لإنقاذ الحكومة والمجلس

 

serail

 

كتبت هدى شديد في صحيفة “النهار”:

لا جديد تقدمه جلسة مجلس الوزراء هذا الاربعاء سوى تثبيت المأزق الحقيقي الذي تقف أمامه جميع القوى السياسية عاجزة عن ابتداع حلّ ولو لعقدة واحدة من العقد المتناسلة من جلسة الى اخرى. ملف النفايات يفرض نفسه بنداً طارئاً، والاتجاه الإلزامي امام الجميع بات البحث في امكانات تصدير هذه النفايات الى الخارج. وفي ما عدا ذلك،فإن موقف “تكتل التغيير والإصلاح” وحليفه حزب الله ما زال على حاله، لجهة الإصرار على البحث في آلية عمل الحكومة واعتماد قاعدة التوافق في ظل الشغور الرئاسي، ووضع حدّ لما يعتبرونه مخالفات بتأجيل التسريح للقيادات الأمنية.

هل يطرح وزير الدفاع سمير مقبل اسماء ثلاثة عمداء هم الأعلى رتبة من الطائفة الدرزية لتعيين احدهم مكان رئيس الأركان اللواء وليد سلمان الذي يخرج على التقاعد في السابع من هذا الشهر؟ جدول اعمال مجلس الوزراء هو نفسه المرحّٰل من الجلسة السابقة، ولا يلحظ اي بند في موضوع التعيين. وهذا الموضوع يمكن رئيس الحكومة تمام سلام طرحه من خارج الجدول، بالتشاور مع وزير الدفاع اذا تأمّن اتفاق سياسي في شأنه، الا ان هذا الاتفاق غير موجود. كما أن مقبل يتكتٰم على اي خطوة سيقدم عليها سواء في مجلس الوزراء، او في أعقاب الجلسة، مع العلم ان كل المعطيات تتقاطع على التمديد سنتين للواء سلمان بناء على اقتراح من قائد الجيش العماد جان قهوجي.

امام هذا المأزق الذي يتهدّد مصير الحكومة، آخر المؤسسات الدستورية التي يصرّ على بقائها الداخل والخارج، علم ان طرحاً قديماً – متجدداً عاد الى التداول في الكواليس، ويفترض ان يكون البند الرئيس في حوار “حزب الله” و”تيار المستقبل” هذا الأربعاء في أعقاب جلسة مجلس الوزراء: مشروع او اقتراح قانون لرفع سن التقاعد للعسكريين الذي كان “نائماً” في درج الأمانة العامة لمجلس الوزراء بسبب خلافات سياسية حوله، وبسبب تحفّظ قيادة الجيش عليه لأسباب لها علاقة بالتخمة التي يخلٰفها على صعيد العمداء وتأثيره في هرمية المؤسسة العسكرية. ولكن المعنيين بالاتصالات الناشطة لابتداع حلّ ينقذ الحكومة والمجلس معاً يتداولونه كأحد المخارج الكفيلة بإعادة تفعيل الحكومة والمجلس معاً. صحيح أن لا إمكان، لطرحه على جدول الاعمال في الحكومة ليقرّ بمشروع قانون، وصحيح ان المجلس النيابي ليس في دورة عادية ومرسوم فتح الدورة الاستثنائية ما زال ينتظر التوقيع من وزراء التكتل وحزب الله، الا أن الاتفاق السياسي في حال تحقّقه يمكن ان يفضي اما الى تمريره في الحكومة او الى تقديمه باقتراح قانون من احد النواب، وهذا ما يجري العمل عليه.

حزب الله لا يرى افقاً للحل الا بالحوار بين المستقبل و”التيار الوطني الحر”، وإلا فإن الجميع سيُصبِح أسير المأزق الشامل. اما العماد ميشال عون فيبدو ان هذا الطرح لم يعرض عليه بعد، خصوصاً وانه كان احد ابرز المتحفظين عليه. ولكن الاتفاق على المضي بتسوية جزئية بانتظار ان يحين وقت التسوية الكبرى يتطلّب تنازلات من الجميع، وهذا ما يمكن ترجمته باتفاق بين القوى السياسية على المضي بهذا المخرج الذي يتيح للجميع في المساهمة بإنقاذ الحكومة وإعادة تفعيل المجلس، وترحيل أزمة التعيينات الأمنية من خلال حفظ حقّ كل الأطراف في تأجيل تسريح قانوني لكل الضباط والعسكريين.

هل يقبل العماد عون بالمشاركة في فتح الدورة الاستثنائية؟ أوساط الرابية تؤكد ان العماد ميشال عون لم يعارض مبدأ تشريع الضرورة، وهو على موقفه لجهة اشتراطه وضع جدول اعمال يبدأ من قانون الانتخاب واستعادة الجنسية اضافة الى الطارئ من الاستحقاقات المالية. اما طبخة الحلّ لمأزق التعيينات الأمنية فلم يطرح عليه بعد.

طابخو هذا المخرج ما زالوا يحيطونه بالسرّية حرصاً على إنجاحه باعتباره خشبة الخلاص الأخيرة قبل غرق كل المؤسسات الدستورية في بحر التعطيل والموت السريري، مع تهيٰب جميع القوى السياسية، خطورة ما ينذر به ذلك من انهيار سياسي وأمني وحتى اقتصادي – مالي، وخصوصاً مع الاستحقاقات المالية الداهمة، ومنها ضرورة تسديد سندات اليوروبوند، وتأمين رواتب موظفي القطاع العام. هل ينجح تعويم هذا السيناريو؟ الايام القليلة المقبلة هي الحدّ الفاصل.