IMLebanon

وزير الطاقة: هل آتي بالكهرباء من بيت بيّي؟

ElectricityProduction

 

في 21 حزيران من العام 2011، أقرّ مجلس الوزراء خطة وزارة الطاقة لقطاع الكهرباء والرامية إلى تأمين نحو طاقة اضافية في حلول العام 2015 كافية لتأمين تغذية بالتيار الكهربائي 24/24 ساعة. ماذا حلّ بهذه الخطة؟ ما الذي حال دون تطبيقها بالكامل، خصوصاً وأن ما تشهده بعض المناطق اللبنانية يكاد يكون عتمة كاملة 24/24.

هي القصة نفسها تتكرر كل سنة. في الشتاء تنقطع الكهرباء بسبب العواصف والثلوج ويصعب اجراء التصليحات اللازمة فوراً بسبب صعوبة التنقل. وفي الصيف مع ارتفاع الحرارة تنفصل مجموعات الانتاج عن الشبكة فينقطع التيار الكهربائي عن معظم المناطق اللبنانية.

إذن فإن لعنة الكهرباء قديمة متجددة، لذلك عمدت الحكومة اللبنانية عام 2011 الى اقرار خطة الكهرباء التي سبق للوزير السابق للطاقة جبران باسيل ان وضعها بكلفة مقدرة بـ1200 مليون دولار لانتاج 700 ميغاواط اضافية عبر انشاء معمل جديد للطاقة في دير عمار وتحسين شبكات النقل لصيانة معمل الزوق وتركيب مولدات جديدة في معملي الزوق والجية. ووعد باسيل آنذاك أن يتم من خلال هذه الخطة تأمين الكهرباء في لبنان 24/24 مع حلول العام 2015.

حتى اليوم شيئاً لم ينفذ من الخطة أكان من المشاريع الانتاجية مثل انشاء معمل جديد في دير عمار يؤمن على الاقل 500 ميغاوات، وهو حتى اليوم بقي رسماً على الورق بسبب عدم تأمين التمويل للدفع للشركة المتعهدة.

وكان من المفترض أن تؤمن البواخر سنداً لخطة الكهرباء نحو 270 ميغاوات من دون توقف، وهي التي اتت الى لبنان تحت شعار موقت تحولت مع الوقت الى حاجة لا يمكن الاستغناء عنها.

في المقابل، هناك بعض العوامل اللاإرادية ساهمت بطريقة غير مباشرة بتعثر بنود من خطة الكهرباء منها، وصل خط المنصورية الذي من شأنه أن يوفر اربع ساعات تغذية اضافية الا ان رفض أهالي المنطقة للأمر حال دون اتمام الوصلة.

يضاف الى ذلك الطلب المتزايد في السنتين الأخيرتين على الكهرباء نظرا لوجود اكثر من مليون ونصف امليون نازح سوري على الاراضي اللبنانية. على سبيل المثال عام 2011 في مثل هذا الوقت كنا نحتاج تقريبا إلى 2100 ميغاوات، العام الماضي أصبحت الحاجة الى 2300 ميغاوات، عام 2014 أصبحت بين 2600 ـ 2700 ميغاوات، أما اليوم فهي 3000 ميغاوات.

نظاريان:

واعتبر وزير الطاقة آرتور نظاريان في تصريح لصحيفة “السفير” ان من واجبه مصارحة اللبنانيين بتعذر إيجاد حل لأزمة الكهرباء في المدى القريب، مشددا على أنّ “زمن المعجزات والأعاجيب ولى، وأنا واقعي جدا، ولا أريد ان أطلق وعودا لا أستطيع تحقيقها، خصوصا انه ليست بحوزتي الأدوات الضرورية”. وتساءل: “هل آتي بالكهرباء من بيت بيّي”؟

ورسم نظاريان صورة قاتمة عن واقع قطاع الكهرباء قائلا: “أعطال متراكمة، حر شديد، زيادة في الطلب، سرقات وتعليق على الشبكة، تعثر في بناء معامل جديدة، استهلاك إضافي من قرابة مليون ونصف مليون لاجئ سوري، والنتيجة لا انتاج منتظما للطاقة يتناسب مع الاحتياجات، في حين يُفترض بنا ان نملك القدرة على انتاج كميات احتياطية من الميغاوات لمواجهة الازمات الطارئة كتلك التي نواجهها حاليا.

وتوجه الى المواطنين بالقول: أنا أتفهم مشاعركم وغضبكم، لكن من واجبي أن اصارحكم بانه ما من حلول سحرية او سريعة لأزمة الكهرباء، وأقصى ما نستطيع فعله في الوقت الحاضر هو الاسراع في إصلاح الأعطال المستجدة حتى يعود التقنين الى وضعه السابق.

وتابع: ربما كان قطع الطرق وحرق الدواليب وسيلة لـ”فشة خلق”، لكنهما لن يفيدا على المستوى العملي، ومن لديه حل فوري، انا مستعد ان أستقبله وأستمع اليه، حتى لو زارني بعد منتصف الليل.

واضعا أصبعه على الجرح، اعتبر نظاريان ان معالجة أزمة الكهرباء جذريا تحتاج الى “صدمة” مرفقة بقرار سياسي حاسم، وبعد ذلك يهون الاتفاق على الآليات التنفيذية، لافتا الانتباه الى ان التجاذب السياسي هو الذي أدى حتى الآن الى التعثر في مسار المعالجة، بحيث أصبحنا عام 2105 في حالة مزرية بدل ان تعود الكهرباء 24/24.

واضاف: يجب ان يكون الجميع شركاء في الحل حتى يكونوا شركاء في تنفيذه وحمايته، أما إذا ظل هذا الملف مادة للصراع، فانه سيبقى عالقا على خط التماس، وعرضة لمزيد من الإصابات جراء تبادل إطلاق النار السياسي بين القوى الداخلية المتنازعة.

وتابع: ينبغي تحييد الكهرباء عن الصراع الداخلي وخطوط التوتر العالي، والتعامل معها كقضية وطنية، لا كورقة للضغط او الابتزاز في لعبة المصالح السياسية او المحاصصة.

وحين يُسأل نظاريان عما إذا كانت الحلول قد انعدمت كليا، يجيب: “أعطوني مليار دولار وخذوا الكهرباء”، مضيفا: “أنا أعرف أنّ أموالا طائلة أنفقت من دون جدوى على هذا القطاع، لكن مبلغ مليار دولار سيسمح لنا بالحصول على 1200 ميغاوات، الى جانب زيادة التعرفة على المواطنين الذين سيتجاوبون مع الزيادة إذا كانت لديهم ثقة في انها ستندرج ضمن حل جذري لمعاناة الكهرباء، بدل ان يستمروا في تسديد فاتورتين، واحدة للدولة وأخرى لاصحاب المولدات الخاصة”.

وخلُص نظاريان الى القول: “ضميري مرتاح.. هذا هو الاهم بالنسبة إليّ”.

قباني

في هذا السياق، اعتبر النائب محمد قباني لـ«الجمهورية» أن خطة الكهرباء تصلح للمثل القائل: «عالوعد ياكمون». ففي شهر تشرين الاول من العام 2011 أقر المجلس النيابي خطة الكهرباء بكلفة 1200 مليون دولار بموجب القانون 181، وتضمنت الخطة شروطاً حتى الان لم يتحقق منها شيء.

أبرزها:

– تأمين زيادة انتاج بقدرة 700 ميغاواط، من خلال انشاء معمل جديد في دير عمار وتأهيل معملي الجية والذوق.

– تنفيذ قانون الكهرباء ورقمه 462 وتأليف الهيئة الناظمة خلال ثلاثة أشهر.

– تعيين مجلس ادارة جديد خلال شهرين.

– اتمام مناقصات من قبل ادارة المناقصات.

– تأمين قروض ميسرة من صناديق وما شابه.

عملياً، لم ينفذ القانون 462 ولم تعين هيئة ناظمة ولم يتألف مجلس ادارة جديدا لمؤسسة الكهرباء، أما بالنسبة الى التلزيم فقد أقدم على استئجار البواخر التركية، كما لزّم شركة ماليزية لانشاء معمل ديرعمار 2، الا ان هذا التلزيم تعثر لاسباب عدة.

كما ان تأهيل معملي الجية والذوق لم يحصل، وقد استقدمت البواخر التركية لفترة موقتة على ان تعمل خلال فترة التأهيل الا ان التأهيل لم يتم وقد أصبحت البواخر اليوم حاجة لا يمكن الاستغناء عنها.

وعزا عدم تأهيل معمل الذوق لأنه تبيّن ان كلفة التأهيل تساوي كلفة انشاء معمل جديد. وعليه، لم يتم تأهيل المعمل والبواخر التركية باقية. فهل هذا يأتي من باب الصدفة؟ أليس المقصود عدم تأهيل المعامل للابقاء على البواخر؟ والملفت ان العرض الوحيد الذي استوفى شروط تأهيل المعمل يعود الى شركة شقيقة لكارادنيز التي استأجرنا منها البواخر التركية؟

حوري

في سياق متصل، قال النائب عمار حوري: «صدر قانون بتاريخ 13 – 10 – 2011 رقمه 181 وتم بموجبه منح وزير الطاقة جبران باسيل مليار و772 مليون ليرة أي مليار و200 مليون دولار لإنتاج 700 ميغاوات، كلنا يذكر هذا القانون ويذكر حين طلب الوزير باسيل هذا الطلب قال هذا سيؤدي في العام 2015 إلى تأمين الكهرباء 24 ساعة في كل لبنان.

اليوم كلنا نرى أن الكهرباء شبه معدومة في كل المناطق اللبنانية، من حق المواطن الحصول على الكهرباء ومن حقه أيضا أن يعلم أين ذهب هذا المليار و200 مليون دولار.

إن التقصير الخطير في مجال الطاقة أوصل الأمور إلى لا شيء، ومن الواضح أنّ الإنتاج هو في أسوأ حالاته وأن النقل في أسوأ حالاته والجباية ليست في وضع يسرّ الناس، مع إصرارنا خصوصا في بيروت التي نمثلها على معالجة هذا الملف في أسرع وقت ممكن، لذا نحن نصر على فتح تحقيق فوري في هذا المجال وليبدأ عبر الحكومة.

أضاف: إن وزارة الطاقة مسؤولة ويجب أن يسأل باسيل عن هذه المهزلة التي حصلت والتي أوصلتنا إلى هذا الوضع، من حق المواطن أن يعلم ونحن لن نتراجع عن هذا الموضوع».

في الجنوب

تجمع عشرات المواطنين في عاصمة الجنوب صيدا امام مكاتب مصلحة كهرباء لبنان، احتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة وضواحيها وزيادة التقنين، مطالبين المعنيين بالعمل السريع واعادة التيار الى المدينة قبل فوات الاوان وبدء التصعيد في الشارع.