IMLebanon

المسؤول الشرعي لـ”النصرة” يكشف أسرار “الجبهة”

 

nusra

 

منذ اللحظة الأولى التي وقف فيها محمّد حسين يحيى تحت قوس المحكمة العسكريّة متمتماً بـ«الأذكار»، وهو يحاول جاهداً أن يظهر نفسه بعيداً عن أجواء «جبهة النصرة». وبالرغم من ذلك استطاع رئيس المحكمة العميد الركن خليل ابراهيم أن يسحب من فم الموقوف السوري الكثير من الاعترافات وأسرار «النصرة» وتعدياتها على عرسال وأهلها.

ألقي القبض على يحيى مزنراً بحزام ناسف وحاملاً مسدّسه، مع السوريين محمّد المحمّد (الذي يعتقد أنّه مقرب من تنظيم داعش) ومحمّد الكنج، مرسلين من «النصرة» لاصطحاب عضو «هيئة علماء المسلمين» الشيخ حسام الغالي إلى الجرود في مبادرة تفاوضيّة للتعهّد بعدم قتل العسكريين المخطوفين في كانون الأوّل الماضي.

ومع أنّ التحقيقات تشير إلى أنّ «أبو حسين» هو المسؤول الشرعي لـ«النصرة» في عرسال، إلا أنّ المهندس المعماري الذي تخرّج من «جامعة دمشق» في العام 2012 ودرس الفقه الإسلامي حتى صار خطيباً مفوهاً في بعض المساجد السوريّة، ينفي ذلك ليشير إلى أنّ لديه مهمّة دعوية في «النصرة» وليس عالماً دينياً، وهو وإن كان ممثلاً لـ«النصرة» في عرسال، فإنّه لا يهتمّ بالأمور العسكريّة بل بالمسائل الإغاثية والإصلاح بين الأسر السوريّة بالإضافة إلى جزء من مسؤوليته الشرعيّة عن مخيّم «أبناء الشهداء» في عرسال. فيما لا ينكر أنّه كان مقرّباً من أمير «جبهة النصرة» في القلمون أبو مالك التلي ونائبه مسؤول العلاقات العامّة في «النصرة» الملقّب بـ «أبو صهيب» اللذين كانا يتحدّثان معه عبر «سكايب» بعدما تعرّف عليهما مذ كان في القلمون. وحينها يعتقد أن يحيى أسّس لـ «شباب الدعوة والجهاد»، قبل أن يتفرّع للأمور الدعويّة والفقهية.

هؤلاء هم قاتلو العسكريين

وبالإضافة إلى معرفته مع من وصفهما بأصحاب القرار بشأن العسكريين المخطوفين، أي التلي ونائبه، فإن ليحيى علاقات مع الكثير من مسؤولي «النصرة» وعناصرها، أمثال مسؤول التسليح «أبو عبدالله العرجوني» الذي سلّمه المسدس والحزام الناسف. كما أنّ الموقوف يشير إلى أنّه، من خلال ما سمعه وما يعرفه، يستطيع أن يقول إن «أبو عائشة» هو من أعدم الجندي الشهيد محمّد حمية، وإنّ «أبو أنس» هو من ذبح الجندي الشهيد علي البزال نظراً لأن الشخص الملثّم الذي ظهر في الصور يذبح البزال كان مصاباً في يده اليسرى تماماً كإصابة «أبو أنس» الذي يعرفه من القلمون.

وأبرز ما قاله «أبو حسين»، هو أنّ رئيس بلدية عرسال علي الحجيري الملقّب بـ«أبو عجينة» هو من كان يزوّده، عبر شخص معيّن، بأسماء الأشخاص «الذين يتعاملون مع حزب الله والجيش اللبناني»، ليتمّ التدقيق فيها ثم إرسالها إلى التلي. وفي إحدى المرّات أرسل أبو مالك التلي شخصاً يدعى «أبو الهمام» لإبلاغه أنّ أحد العراسلة ويدعى محمّد صبحي الذي ورد اسمه في «لائحة الريّس» تمّ التأكّد من «تعامله» ووجب قتله، كما أنّه سمع أنّ ثلاثة من الذين وردت أسماؤهم في اللائحة قام عناصر «النصرة» بصلبهم وإحراقهم في الجرود!

وروى ابن القلمون ما رآه في 2 آب، متراجعاً عن إفادته الأوليّة التي أشار فيها إلى أنّه التقى يومها أبو مالك التلّي الذي أمره بتشغيل الفرن في وسط البلدة والذي تمنّع صاحبه يومها أبو فراس عن بيع الخبز لمصلحة التنظيمات الإرهابيّة.. وما هي إلا ساعات قليلة حتى كان لزعيم «النصرة» ما أراد من خلال التهديد والوعيد.

فيما أوضح يحيى أنه عالج الأمر ولم يفرض على صاحب الفرن ذلك، وإنّما كانت الإشكالية في نقص الطحين وهو عمد يومها إلى توزيع الخبز على المدنيين.

ويومها أيضاً رأى يحيى بأمّ العين عملية نقل بعض عسكريي قوى الأمن الداخلي المخطوفين إلى سيارة تابعة لـ«النصرة» من أمام مسجد مصطفى الحجيري الملقّب بـ «أبو طاقية» وكان الأخير موجوداً أثناء هذه العمليّة، وفق ما قال.

ولأحداث طرابلس محطّة أيضاً في اعترافات «أبو حسين» الذي لفت الانتباه إلى أنّه خلال المعارك اتصل به مستنجداً أحد الطرابلسيين الذي يدعى «أبو حمزة» طالباً منه إبلاغ التلي بضرورة مساعدة المسلحين الطرابلسيين من خلال فتح جبهة جديدة مع الجيش. وعلى الفور، طلب زعيم «النصرة» في القلـمون من أحد أنصاره «أبو عمير» أن يقوم بإطلاق صواريخ من نوع «غراد» على مناطق نفوذ «حزب الله»، ففعل.

هذا جزء من اعترافات يحيى الذي بدا منذ أن حطّ في «العسكريّة» أنّه أكثر من لاجئ في عرسال، لا سيّما عندما سأله العميد خليل ابراهيم هل تقطن في لبنان؟ فأجاب يحيى: «كلا، في عرسال»!

وإذا كانت الإجابة عن هذا السؤال لاقت الاستغراب قبل أن يعمد الموقوف إلى تصحيحها، فإن الإجابة عن السؤال الثاني لاقت الاستغراب نفسه حين سأله ابراهيم عن سبب حمله الحزام الناسف أثناء انتقاله إلى الجرود، إذ أشار إلى أنّه يحمله دائماً «لفرض الهيبة على أهل عرسال والسوريين، فأنا لي مكانتي».

ونفى ما قاله في التحقيق الأوّلي بأنّ «النصرة» تفرض على كلّ مسؤوليها حمل الحزام الناسف دائماً، مجدداً القول «لست مكلفاً من قبل النصرة القيام بمهمات أمنيّة، كما أن لا علاقة لي بأهل عرسال بل أنا فقط أهتمّ بحلّ مشاكل السوريين في مخيمات اللاجئين».

وعن سبب حمله السلاح، أوضح أنّه لا يتنقّل داخل عرسال من دونه بسبب الأوضاع الأمنيّة، لافتاً الانتباه إلى أنّه يملك مسدسين: واحداً تسلمه من «النصرة» والآخر كان هدية من أحد المقربين من «أبو طاقية» والذي يتردّد على مجالس «النصرة».

وبعد أكثر من نصف ساعة من الاستجواب، أرجأ العميد ابراهيم الجلسة إلى 5 شباط المقبل.